خاص tayyar.org -
تراقب بعثات ديبلوماسية غربية، من قرب، مسار الترسيم البحري بين لبنان وإسرائيل لاتصال محتمل، وثيق على الأرجح، بينه وبين التطورات في غزة من جهة، واستعادة إيران والولايات المتحدة الأميركية حوارهما النووي في فيينا، من جهة أخرى.
يقول ديبلوماسي رفيع في مجالسه إن تأثر مسار الترسيم البحري بهذين التطورين الغزاوي والنووي، يمكن أن يأتي على شاكلة إيجابية، تماما كما يمكن أن يأتي سلبا.
وتُبرز مقاربة الديبلوماسي الرفيع القراءة الآتية، من غير أن يحسم أياً من مساريها الإيجابي أو السلبي على الترسيم:
١-قد تدفع معركة غزة، كعنصر أساس في حملة حفاظ رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لابيد على الغالبية في الانتخابات التشريعية المقبلة، تل أبيب وواشنطن على حد سواء الى التسريع في إقرار إتفاق الترسيم مع لبنان، إنطلاقا من رغبتهما في توظيف المومنتوم الناجم من العملية العسكرية ضد منظمة الجهاد الإسلامي، لتعزيز فوز لابيد وحزبه وإلحاق الهزيمة بالطامح للعودة الى الحكم بنيامين نتنياهو. وليس خافيا أن إدارة الرئيس جو بايدن لا توفّر سبيلا من أجل إبقاء نتياهو والليكود خارج السلطة. هذا بالإضافة الى الحاجة الأوروبية الملحة الى الغاز الإسرائيلي (كما الإيراني) عشية بدء الشتاء، ومع استمرار الحصار الروسي الطاقوي على القارة العجوز.
لكن أيضا قد تكون الإنتخابات الإسرائيلية دافعا لرئيس الوزراء لابيد لكي يستأخر اتفاق الترسيم الى ما بعد تظهير النتائج، حتى لو تأكّد له الفوز مسبقاً، وذلك خشية من أن يصوَّر الإتفاق مع لبنان على أنه تنازل لمصلحة حزب الله.
كما لا يمكن إغفال إمكان أن تنعكس الحرب ضد "الجهاد الإسلامي" غضباً إيرانيا، باعتبارها حرب تصفية لذراع طهران في فلسطين، مع تحييد لافت لحركة "حماس" بامتدادها الإخواني المعروف. وفي حال صحّ أو حصل هذا الأمر، ليس في مستطاع أحد قياس رد فعل إيران، خصوصا في حال ثبت لها وجود علاقة ضاغطة بين تطورات غزة ومفاوضات فيينا.
٢-قد تؤدي أي إيجابيات (وهي بائنة راهنا) قد تنتج من التفاوض النووي في فيينا، بإيران الى تسهيل الترسيم إنطلاقا من الحاجة الى أوراق حسن نية تقوّي عودَ استعادة الإتفاق النووي، واستطرادا عودة طهران الى عائلة المجتمع الدولي. لكن أيضا قد لا تؤمّن إجتماعات فيينا المستعادة بزخم لافت المرتجى منها، وهذا إحتمال وارد، وإن بنسبة غير راجحة حتى الآن، فيؤدي أي تعثر أو تأخير أو تجميد أو فشل، الى تعقيدات إقليمية، سيكون الترسيم البحري أولى ضحاياها.