تعليقاً على مقالة "أعشاب بلدية بيروت وأعشاب نواب التقسيم" لمحمد حجيري، وصلنا من رئيس بلدية بيروت السابق الدكتور بلال حمد، الرد الآتي:
تحية طيبة وبعد،ورد في جريدتكم الإلكترونية بتاريخ 21/7/2022 مقال تحت عنوان "أعشاب بلدية بيروت وأعشاب نواب التقسم"، موقّع باسم الأستاذ محمد حجيري. ونظرًا لاحتواء المقال على كمّ من الافتراءات والمغالطات والتجني والاتهامات بهدف الذم والقدح والنيل الشخصي والتعرض للسمعة والكرامة، فإننا نورد ما يلي آملين نشره دون اجتزاء بموجب قانون المطبوعات.أولاً: إن شخصنة مسائل ومشاريع البلدية بشخص رئيس المجلس البلدي هو تجاهل لأدنى مبادئ الديموقراطية، إذ أن المجلس البلدي هو صاحب القرار وليس رئيس المجلس. وبالتالي فإن حصر الأمور بشخص الرئيس هو تجاهل لدور المجلس وتخفي غاياتٍ مبيّتة غايتها النيل من رئيس المجلس، كما أنَّ قانون البلديات لا يمنح رئيس بلدية بيروت صلاحياتٍ تخوله أخذ بعض القرارات التنفيذية بمعزل عن المجلس البلدي كأيّ رئيس بلدية في لبنانثانيًا: يقول الأستاذ حجيري: "والنافل أن البلدية، وتحديدًا في زمن الرئيس بلال حمد، كانت تسعى إلى إقامة مشروع خنفشاري مكان الملعب البلدي من خلال هدمه وتحويله إلى مرآب كبير للسيارات، مع تشييد ملاعب صغيرة للميني فوتبول". حبذا لو اجتهد الأستاذ حجيري واستطلع عن المشروع قبل أن يطلق عليه وصفًا يُطلق على شيئ لا معنى له. وما زلت أذكر جلسة مجلس الوزراء المنعقد في 18/12/2014 عندما عرضنا المشروع وأبدى معظم الوزراء إعجابهم به، كما تمنى بعض الوزراء تعميمه على جميع المناطق اللبنانية. ولقد وافق مجلس الوزراء على المشروع في قراره رقم 62 الصادر بتاريخ 28/12/2014. يقضي المشروع الحلم بتحويل الملعب البلدي الحالي إلى واحة بيئية رياضية اجتماعية خضراء تمتد على مساحة تبلغ قرابة ثلاثين ألف متر مربع. يتألف المشروع من عدة طبقات سفلية تستخدم مواقف للسيارات مما يساعد على حل أزمة السير والمواقف في منطقة الطريق الجديدة، ويمكن الوصول إلى هذه المواقف من عدة مداخل. أما المساحة العليا للمشروع فتتألف من:1- مساحات خضراء مشجرة، تكون بمثابة رئة للمنطقة مع ممرات للتنزه وممارسة رياضة المشي، إضافةً إلى مقاعد منتشرة في المساحة للاستراحة والمطالعة.2- ملعب كرة قدم، للتدريب مع مدرجات تابعة له؛ وملاعب لكرة السلة والكرة الطائرة والتنس، مفتوحة جميعها لأهالي بيروت.3- حديقة نموذجية للأطفال، مجهزة بألعاب صديقة للطفولة.4- مكتبة عامة لبلدية بيروت، مجهزة بأدوات البحث العلمي ولوازمه.5- قاعة كبيرة متعددة الاستخدامات (اجتماعات أو أفراح أو تعازي).6-قاعة لتعليم المعلوماتية واللغات الأجنبية، لأبناء المنطقة، وخاصَّة النساء.أما الأسباب الموجبة للمشروع فهي:1-إن الملعب البلدي الحالي ساقط لوجستيًّا، بمعنى أنه موجود وسط منطقة سكنية مكتظة بالسكان وهي من الأعلى كثافة بالسكان في بيروت ولبنان، الأمر الذي يجعل وصول آلاف الزائرين إليه أمرًا شبه مستحيل، بسبب الازدحام الخانق في شوارع المنطقة أصلاً.2- أكدت اللجنة الأولمبية لكرة القدم، التي نظمت نهائيات كأس آسيا لكرة القدم في بيروت في تشرين الأول من سنة 2000 هذا السقوط اللوجستي، واعتبرت أن هذا الملعب غير صالح لاستقبال المباريات واكتفت بالتوصية بجعله ملعبًا للتدريب.3-إن إمكانية الإخلاء السريع لمدرجات الملعب، في حال حصول ظرف طارئ، غير متوفرة البتة؛ مما يجعله من الناحية الأمنية ليس فقط غير صالح وإنما مصدر خطر على الزائرين عند حدوث أي طارئ يستوجب إخلاءً سريعًا حسب المواصفات والمعايير الدولية لملاعب كرة القدم.4- لا فائدة عملية ترجى من الملعب الحالي، بسبب وقوعه ضمن مسافة قرابة خمسمائة متر من ملعب المدينة الرياضية الأولمبي الذي يتمتع بجميع المواصفات والمعايير الدولية.5- تعاني منطقة الطريق الجديدة من اختناق وازدحام شديدين في السير، ومن عدم وجود مواقف للسيارات، وبالتالي فإن تفعيل النشاط في الملعب البلدي، سوف يؤدي إلى مزيد من الازدحام وإلى مزيد من تفاقم أزمة المواقف التي تؤدي يوميًّا إلى مشكلات بين المواطنين.6- لقد تحولت منطقة الطريق الجديدة إلى غابة من الإسمنت المسلح، وتكاد تفتقر إلى مساحات خضراء؛ الأمر الذي يجعل حياة المواطنين بائسة بيئيًّا، وبالتالي فإن استحداث مساحة خضراء فوق أرض الملعب البلدي سيكون بمثابة رئة ومتنفس لأبناء المنطقة إضافة إلى تأمين بيئة صالحة رياضية للأجيال المقبلة.7- إن إقامة مركز رياضي بيئي مكان الملعب البلدي، لا يعني حرمان بيروت من ملعب بلدي بديل؛ وذلك لسبب بسيط، هو أن ملعبًا بلديًّا جديدًا بمواصفات دولية في منطقة قصقص حيث أنشأت البلدية سابقًا ملعبًا للتدريب، سوف يقام بديلًا عن الملعب البلدي الحالي؛ ولقد أنجز مجلسنا تصاميم الملعب الجديد البعيد نسبيًّا عن أماكن الاختناق السكاني والذي لن يقتطع شجرة واحدة من حرج بيروت، لكنَّ المحافظ زياد شبيب وضع الخرائط في أدراجه مع غيرها من المشاريع المهمة لبيروت ولم يتابع المجلس البلدي الذي خَلَفَ مجلسنا هذا المشروع المهم.8- إن التغيير المقترح في وجهة استعمال الملعب الحالي يتناسب مع التطور ومع تطلعات سكان المنطقة المتشوقين إلى بدء تنفيذ عملية التغيير، خاصةً وأن الملعب المشيّد على مساحة ثلاثين ألف متر مربع لا يستفيد منه أبناء المنطقة بشكل مباشر.9- إن التغيير المقترح المنشود سيسمح للآلاف من أبناء المنطقة وأبناء بيروت الدخول إلى هذه المساحة الضخمة للقيام بالنشاطات الاجتماعية والثقافية والرياضية المختلفة بدلًا من أن يكون استخدام تلك المساحة بضع مرات فقط خلال السنة لإجراء مباريات كرة القدم، كما سيساعد على حل مشكلة مواقف السيارات.ثالثًا: يكمل الأستاذ حجيري كلامه ويكتب: "كأن كل شيء في وجدان الريس يقوم على جمع المال والسمسرة العقارية، ولا شيء سواهما. إن هذا كلام قدحٍ وذم، معيب بحق كاتبه وبحق جريدة "المدن" المحترمة، يتعرض فيه كاتب المقال لكرامتنا وشرفنا وأخلاقياتنا التي حافظنا عليها على مدى اكثر من أربعين سنة من خلال عملنا الأساس كاستاذ في كلية الهندسة في الجامعة الأميركية في بيروت ومن خلال تولينا رئاسة المجلس البلدي في بيروت. ولقد تعمَّد الكاتب الإهانة واتهمنا بالفساد والسمسرة وجمع المال من دون أي مستند قانوني وكأنه قاضٍ في محاكم التفتيش الشهيرة في الأندلس. إن إطلاق مثل هذا الكلام على عواهنه من دون أي إثباتات جدية هو محض افتراء.رابعًا: ويستطرد الأستاذ حجيري كاتبًا: "البلدية نفسها، بلدية السمسرة والفساد، كانت تسعى إلى تدمير حديقة الصنائع، تريد قلع أشجارها المعمّرة وإقامة مرآب للسيارات تحتها، ربما العالم الغيبي وحده أنقذ الحديقة الأثرية أو الباقية من الزمن العثماني". ويثبتُ الأستاذ حجيري بهذا الكلام أنه لا يعلم تفاصيل مشروع الحديقة. لقد عملنا منذ بدء ولايتنا على الاستعانة بعدد كبير من الخبراء الأصدقاء في السير والنقل والمساحات الخضراء، لتقرير أي من الحدائق وجب إنشاء مواقف سيارات تحتها. وبناءً على تلك المشاورات، قررنا عدم إنشاء موقف تحت حديقة الرئيس رينيه معوض (الصنائع). بعد ذلك، وافق مجلسنا في القرار رقم 546 تاريخ 2/6/2011 على قبول هبة غير مشروطة مقدمة من المهندسة زينة مجدلاني، متمثلة بإعداد دراسة كاملة لتأهيل حديقة الرئيس رينيه معوّض (الصنائع) وتحضير دفتر الشروط مع المستندات اللازمة والإشراف على تنفيذ الأعمال. ولقد أتت الدراسة ترجمةً لرؤية المجلس بحيث تحافظ على طابع الحديقة وموقع البركة التاريخي فيها، وتلحظ مسرحًا للاحتفالات وملاعب للأطفال ومضمارين أحدهما لممارسة رياضة المشي والجري والآخر للدراجات الهوائية للأطفال، مع حمامات عمومية وبيت للحرس وحائط للمشاهير. ونظرًا لأهمية المشروع، وسعيًا للتشارك بين القطاعين العام والخاص، ونتيجة للاتصالات مع مؤسسات القطاع الخاص لتبني تنفيذ الحديقة، وثقةً من القطاع الخاص بالمجلس ورئيسه، تقدمت مؤسسة ”أزاديا“ (AZADEA) بهبة غير مشروطة لبلدية بيروت متمثلة بالقيام بأعمال ترميم وإعادة تأهيل وصيانة الحديقة، وذلك استنادًا للدراسة المقدمة من المهندسة زينة مجدلاني. وغدت الحديقة بعد تنفيذ الأعمال أنموذجًا يُحتذى به ومتنفسًا طبيعيًّا لسكان العاصمة ومن أهم الإنجازات التي حققها مجلسنا، علمًا أن مؤسسة ”أزاديا“، وبناءً على تمني رئيس المجلس، تعهدت القيام بأعمال الصيانة الضرورية لمنشآت الحديقة مدة عشر سنوات، هبة من جهتها غير مشروطة.تجدر الإشارة هنا أن مجلسنا أنجز ترميم عدة حدائق أخرى كحديقة كرم العريس (حوض الولاية)، وحديقة الكرنتينا (دراساتها هبة من المهندسة رينيه قرنفل وأعمال التنفيذ هبة من الجامعة اليسوعية)، وحديقة المطران عودة في شارع لبنان في منطقة الصيفي التي أنشأنا تحتها مواقف للسيارات لخدمة أهالي المنطقة وزوارها (دراساتها هبة من المهندس نديم أبو رزق وأعمال التنفيذ من قبل البلدية). كما أنجز مجلسنا دراسات لحديقة السيوفي (هبة من المهندس ڤـلاديمير ديوروڤـيتش) التي أبقاها المحافظ شبيب منذ أواخر سنة 2014 في أدراج النسيان ولم تُلزَّم الأعمال إلا سنة 2019 لتتوقف بعد انهيار الليرة اللبنانية. ومن الحدائق التي أنجزنا دراساتها أيضًا حديقة الرملة البيضاء (هبة من المهندس إيلي عبس ومن الدكتور حمد)، وتسلم المحافظ شبيب الدراسة بعد موافقة مجلسنا عليها أواخر سنة 2016 لإنجاز دفتر الشروط وإطلاق مناقصة أعمال التنفيذ. غير أن شبيب والمجلس الذي خلف مجلسنا أبقيا الدراسات نائمة في الأدراج حتى تاريخه.خامسًا: ويُكمل الأستاذ حجيري كلامه: "من بين ضحايا مشاريع بلال حمد وسلفه ومعهما محافظ بيروت، حديقة حسن خالد في عائشة بكار...." وهنا أيضًا يفتقر الأستاذ حجيري إلى معلومات عن مشروع حديقة المفتي الشهيد حسن خالد وجب توضيحها. إن رحلة مشروع حديقة المفتي الشهيد الشيخ حسن خالد كانت طويلة وشاقة، إذ ورغم المتابعة الحثيثة لرئيس المجلس البلدي وأعضاء المجلس، لم يصل المشروع إلى مرحلة التنفيذ في عهد مجلسنا البلدي. ويعكس هذا الأمر عقم الإدارة العامة، التي لا ترى في الوقت عاملاً أساسيًّا في تحقيق التنمية، مما يؤكد، في الوقت عينه أهمية القطاع الخاص في تحقيق التنمية المستدامة بالسرعة والوقت اللازمين.لقد وافق مجلسنا، في القرار رقم 760 تاريخ 28/7/2011، على تكليف مجلس الإنماء والإعمار إعداد الدراسة اللازمة لإنشاء مرآب عام للسيارات تحت حديقة المفتي حسن خالد (المصيطبة)، على أن تعلوه حديقة بمواصفات حديثة، ومن ثم تنفيذ الأعمال بتمويل من بلدية بيروت. ولقد أجمع الخبراء الذين استعنّا بهم خلال ولايتنا على ضرورة إنشاء موقف يتسع لمئات السيارات تحت الحديقة لحل مشكلة المواقف في منطقة مكتظة بالسكان وتفتقر إلى مواقف للسيارات. كما شمل المشروع إنشاء قاعة متعددة الاستعمالات تحت الحديقة، وبلغت المساحات الخضراء في الحديقة قرابة 65 في المائة من المساحة الإجمالية. كما تضمَّن المشروع مسرحًا مكشوفًا للاحتفالات (Amphitheatre) ومنطقة نموذجية للأطفال مجهزة بألعاب صديقة للطفولة. أنجز مجلس الإنماء والإعمار الدراسات سنة 2016 أي بعد 5 سنوات من قرار مجلسنا. وآخر المعلومات، التي توافرت حوله عند انتهاء ولايتنا، أن المشروع كان في عهدة وزارة البيئة لدراسة الأثر البيئي، الأمر الذي يدعو إلى التساؤل لـِـمَ هذا التأخير، ولـِـمَ كل هذه المماطلة والتجميد؟ وهل من المعقول أنَّ مشروعًا، بدأنا مسيرته في القرار رقم 760 تاريخ 28/7/2011، لم يصل إلى سكة التنفيذ بعد مضيّ قرابة خمس سنوات بسبب فشل إداري هنا أو هناك لا علاقة لمجلسنا به. وبعد انتهاء ولاية مجلسنا، بقيت الحديقة مهملةً من دون صيانة، ولم تنجز وزارة البيئة دراسة الأثر البيئي حتى أواخر العام 2018، عندما وافق المجلس البلدي الذي خَلَفَ مجلسنا على تحويل الأموال اللازمة إلى مجلس الإنماء والإعمار للبدء بتنفيذ المشروع. ولقد انطلقت الأعمال في شهر آب من العام 2019، غير أنها توقفت بشكل مفاجئ بعد بدء أعمال الحفر، وكان أن علمنا، لاحقًا، أن المقاول تذرّع بانهيار قيمة الليرة اللبنانية أمام الدولار الأميركي. والسؤال المطروح: لماذا لم يعمد المقاول إلى حجز البضائع المطلوبة للتنفيذ عند بدء الأعمال؟ وهنا نتساءل أيضًا: أما كان يجب إيجاد صيغة لاستكمال الأعمال، تشمل تحميل المقاول جزءًا من إهماله بحجز البضائع المطلوبة، والاتفاق معه على تشغيل المواقف والاستفادة منها عدة سنوات لتعويض جزء من فارق تدهور قيمة الليرة اللبنانية أمام الدولار؟ مع كامل احترامي د. بلال حمد