كشفت نتائج الامتحانات الرسمية التي جرت للشهادتين الثانوية والمتوسطة وجود تفاوت كبير بين التعليم الرسمي والخاص في المرحلة المتوسطة، بينما يتقلص الفارق ويصبح لصالح التعليم الرسمي في المرحلة الثانوية. فقد بينت النتائج أن طلاب الثانوي بالمدارس الرسمية تفوقوا على طلاب التعليم الخاص، هذا رغم أن طلاب المدارس الرسمية لم يتعلموا إلا نحو ستين يوماً العام الفائت، بسبب الإضرابات التي حصلت، ورغم مرور عامين على تردي مستوى التعليم في المدارس الرسمية عقب اندلاع أزمة كورونا. الأوئل في لبنان من ثانويات رسميةعلى مستوى الأوائل في لبنان أظهرت نتائج امتحانات الشهادة الثانوية أنه من أصل 15 طالباً حلوا في المرتبة الأولى والثانية والثالثة في الفروع الأربع في لبنان، يوجد أربعة طلاب متفوقين تابعوا تحصيلهم العلمي في ثانويات رسمية. فقد حلت الطالبة ندين مشيك، من ثانوية الغبيري الأولى للبنات، في المرتبة الأولى في لبنان في فرع العلوم العامة، وكذلك الطالبة براين أرناؤط من ثانوية تبنين الرسمية، وحلت في المرتبة الأولى في اختصاص علوم حياة. وحلت الطالبة إسراء منير عليان من ثانوية صور الرسمية، في المرتبة الأولى في فرع آداب وإنسانيات، بينما فازت الطالبة تمارا علام، من ثانوية برج البراجنة الرسمية للبنات، في المرتبة الثالثة لاختصاص اقتصاد واجتماع.
بخلاف هذه النتائج الباهرة في مرحلة الثانوي في التعليم الرسمي، لم يظهر أي طالب من المرحلة المتوسطة من ضمن أول أربعين طالباً في لبنان. وقد ظهر التفاوت في مستوى التعليم بين الخاص والرسمي في مرحلة المتوسطة بشكل جلي في نسب النجاح. ففي التعليم الرسمي بلغت نسبة النجاح في المتوسط نحو 55 بالمئة (عادت وارتفعت إلى 68 بالمئة بعدما منح الطلاب علامات استدراك كاملة) مقابل نسبة النجاح تخطت 86 بالمئة في التعليم الخاص.نسب النجاح أفضل بالرسميأما في المرحلة الثانوية فتبين أن نسب النجاح في التعليم الرسمي أفضل من الخاص، رغم الظروف الصعبة التي يعيشها قطاع التعليم الرسمي، جراء تراجع القدرة الشرائية للأساتذة، واضطرارهم إلى اللجوء للإضرابات والتوقف عن التعليم العام الفائت. ففي بعض الفروع تفوق التعليم الرسمي على الخاص، وفي باقي الفروع كانت النتيجة متقاربة.
بالتفصيل، بلغت نسبة النجاح في التعليم الرسمي في اختصاص اقتصاد واجتماع نحو 95 بالمئة، مقابل 91 بالمئة في الخاص. وفي فرع آداب وإنسانيات بلغت نسبة النجاح في الرسمي 80 بالمئة، بينما في الخاص اقتصرت على 67 بالمئة. وفي فرع علوم حياة بلغت نسبة النجاح بالتعليم الخاص 94 بالمئة مقابل 89 بالمئة في الرسمي. وكذلك الأمر بالنسبة لفرع العلوم العامة حيث وصلت نسبة النجاح 95 بالمئة في الخاص مقابل 85 بالمئة في الرسمي. لكن عدد الطلاب في التعليم الرسمي، الذين تقدموا للامتحانات في الفرعين الأخيرين، كان أقل بكثير من الخاص. وهذا ساهم في رفع نسبة النجاح في الفرعين لصالح التعليم الخاص.تفاوت الدعم بين المتوسط والثانويمصادر تربوية في وزارة التربية تؤكد لـ"المدن" أنه قياساً بالدعم المالي الذي تتلقاه المدارس الرسمية في مراحل الروضات والابتدائي والمتوسط، يفترض أن تكون نسبة النجاح في المرحلة المتوسطة أفضل من مرحلة الثانوي. فهناك برامج ومساعدات كثيرة وأموال طائلة تنفق على المشاريع المتعددة من الدول المانحة لتعليم الطلاب السوريين في مراحل الروضات والابتدائي والمتوسط، تستفيد منها المدارس بشكل عام. لكن لا تظهر نتيجة الدعم على مستوى جودة التعليم، ونتائج الشهادة كشفت نسب النجاح المتدنية بين طلاب التعليم الرسمي. والأمر عينه ينطبق على الأموال التي تنفقها وحدة الارشاد والتوجيه من جولات ودورات جراء دعم الدول المانحة، لكن من دون نتيجة بما يتعلق بجودة التعليم وتحسين آداء الأساتذة، ولا على المستوى التربوي للطلاب.مستوى أكاديمي رفيع للأساتذةوتوعز المصادر نسب النجاح الباهرة في التعليم الرسمي في مرحلة الثانوي إلى مستوى الأساتذة الأكاديمي. فالدعم المادي الذي تتلقاه الثانويات لا يقارن بذاك الذي يصل إلى المتوسطة والابتدائية. ما يعني أنه لو يتسنى للثانويات الحصول على دعم شبيه بباقي المراحل من الدول المانحة، لكان المستوى التربوي فيها أفضل من الخاص بمرات.وبمعزل عن هذا الدعم الكبير الذي استجد بعد أزمة النزوح السوري، لطالما كان هناك فرق كبير في المستوى التعليمي وجودة التعليم بين المرحلة المتوسطة والثانوية في التعليم الرسمي. وقد يكون السبب المباشر هو السياسات التربوية المتبعة لصالح دعم التعليم الخاص على حساب التعليم الرسمي واعتماد المدارس في المرحلة المتوسطة وما دون على التعاقد، الذي يتم بطريقة عشوائية وقائمة على المحسوبيات. إذ يصار إلى التعاقد مثلاً مع أساتذة باختصاص بيولوجي لتعليم اللغة الفرنسية أو الإنكليزية. بينما في التعليم الثانوي جرت دورات عدة لتوظيف أساتذة خضعوا لدورات في كلية التربية وامتحانات في مجلس الخدمة المدنية. وهذا ما جعل التعليم الثانوي في الرسمي يرتكز على أساتذة يمتلكون كفاءة علمية رفيعة المستوى، تدفع المدارس الخاصة إلى التعاقد معهم، ويعينون في مراكز مهمة فيها.تفاوت بالفاقد التعليميويظهر مدى تراجع المستوى التعليمي لمرحلة ما قبل الثانوي في مواد اللغات. فلا تأسيس للطلاب في اللغات في المدارس الرسمية كما كشفت نتائج الامتحانات، ما انعكس أيضاً على الطلاب في مرحلة الثانوي، كما تؤكد المصادر. وتضيف أن الفاقد التعليمي في السنوات الثلاثة التي مرت، جراء التعليم من بعد وتخفيض المناهج، ظهر جلياً بين الطلاب في مرحلة ما قبل المتوسطة. بمعنى أن الطلاب الأكبر سناً تمكنوا من التعلم ولو بشكل متفاوت من بعد. بينما الأصغر سناً لم يكتسبوا المهارات اللازمة. وستكشف السنوات القليلة المقبلة مدى حجم هذا الفاقد التعليمي وانعكاسه على المراحل التعليمية، بدءاً من المرحلة المتوسطة ووصولاً إلى التعليم الجامعي.