2025- 01 - 15   |   بحث في الموقع  
logo البيطار يتحضر لاستجواب سياسيين وقضاة فهل يتجاوب الحجار؟ logo الأرقام خيالية... هذه تكلفة حرائق الولايات المتحدة الأميركية logo فرنجية: سنقوم بكل ما بوسعنا لإنجاح العهد والحكومة logo وزير خارجية إسبانيا في عين التينة logo غزة: 316 شهيداً وجريحاً في 6 مجازر بـ24 ساعة logo عدوان: مطلبنا الأساسي أنّ تكون خطة الحكومة خطاب القسم logo كنعان: المطلوب أن نتشارك جميعاً في انقاذ البلد logo مؤشرات إيجابية ومؤتمر اقتصادي... هل تعود الاستثمارات إلى لبنان؟
هبوط قيمة اليورو: غزو أوكرانيا وفوائد الولايات المتحدة
2022-07-10 12:56:07

في سنة 2008، أي مع بدء الأزمة الماليّة العالميّة، وما رافقها من تداعيات على جميع أسواق المال، وخصوصًا الأميركيّة، كان سعر صرف اليورو قد ارتفع ليصل نحو 1.6 دولارات، في أعلى مستوى له على الإطلاق. اليوم، وبعد سلسلة من الانخفاضات المتتالية، عاد سعر صرف اليورو ليسجّل مستويات شارفت على ملامسة الدولار الواحد، مع توقعات بإمكانيّة انخفاض قيمة اليورو في سوق القطع إلى ما دون الدولار الواحد، خلال الأيام أو الأسابيع القليلة المقبلة. بالتالي عادت قيمة العملة الأوروبيّة لتهبط إلى مستويات لم تشهدها إّلا خلال العام 2002، أي في السنة الأولى التي تم إدخال أوراقها النقديّة حيّز التداول في الأسواق.
من الناحية العمليّة، يمكن تفسير ما يجري على مستوى سعر صرف اليورو بتقاطع عدّة عوامل في الوقت نفسه، أهمّها حصول الغزو الروسي لأوكرانيا، وتزامن الحرب مع ارتفاع الفوائد في الولايات المتحدة الأميركيّة. أمّا خطورة ما يجري من ناحية انخفاض قيمة اليورو، على مستوى الأسواق المحليّة في أوروبا، فيكمن في أثر هذه التطوّرات على معدلات التضخّم، التي تسجّل أساسًا معدلات خطيرة. وبين أثر انخفاض قيمة اليورو، ومحدوديّة الخيارات أو المعالجات المتاحة في الوقت الراهن، يبدو البنك المركزي الأوروبي مكبّل اليدين، وهو ما دفع بعض المحللين إلى توقّع إمكانيّة بلوغ قيمة اليورو مستوى 90 سنتاً على المدى المتوسّط.أثر زيادة الفوائد الأميركيّةمنذ بداية السنة الحالية، اتخذ الاحتياطي الفيدرالي الأميركي ثلاث قرارات متتالية قضت برفع معدّل الفوائد المستهدفة، كان آخرها قرار زيادة زيادة هذا المعدّل بنحو 0.75 بالمئة دفعة واحدة في منتصف شهر حزيران الماضي، في أكبر زيادة فوائد يقررها الاحتياطي الفيدرالي منذ العام 1994. وهذا التطوّر، يعني ببساطة إطلاق العنان لنزوح مفاجئ وسريع للرساميل باتجاه أسواق المال والمصارف الأميركيّة، من جميع الأسواق والأنظمة الماليّة الأخرى، ومنها الأوروبيّة.
وعليه، سيعني نزوح الرساميل باتجاه الولايات المتحدة الأميركيّة زيادة الطلب على الدولار بشكل تلقائي، وهو ما سيؤدّي سريعًا إلى زيادة قيمة الدولار مقابل جميع العملات الأخرى، ومنها اليورو. مع الإشارة أنّ مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي يتوقعون استمرار رفع معدّل الفوائد المستهدفة ليتجاوز حدود 3.4 بالمئة، في حين أنّ هذا المعدّل لا يتخطى سقف 1.75 بالمئة حاليًّا بعد كل الزيادات التي حصلت.الحرب تكبّل البنك المركزي الأوروبيمن الناحية العمليّة، كان من المفترض أن يكون علاج المسألة سهلًا بالنسبة إلى البنك المركزي الأوروبي، إذ يكفي رفع الفوائد في أوروبا بالتوازي مع رفعها في الولايات المتحدة الأميركيّة لتفادي سيناريوهات هروب الرساميل باتجاه السوق الأميركيّة. إلا أنّ البنك المركزي الأوروبي يبدو اليوم مكبّلًا بآثار الغزو الروسي لأوكرانيّا، وما نتج عنه من شح في مصادر الطاقة وارتفاع في أسعارها، وهو ما يمكن أن يدفع باتجاه ركود اقتصادي قاسٍ في الأسواق الأوروبيّة. ولهذا السبب بالتحديد، فالبنك المركزي الأوروبي لا يبدو قادراً على مجاراة ارتفاع الفوائد الأميركيّة بنفس النسبة، إذ سيؤدّي رفع الفوائد بشكل حاد إلى مضاعفة الآثار الاقتصاديّة الانكماشيّة، التي يطل شبحها أساساً في أوروبا نتيجة غزو أوكرانيا. يبدو البنك المركزي الأوروبي محاصراً بأحداث أوكرانيا التي تمنعه من الذهاب بعيدًا في رفع الفوائد، وقرارات رفع الفوائد الصادرة عن الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، التي تضغط على رساميل أوروبا وتجذبها باتجاه السوق الأميركيّة. مع الإشارة إلى أن البنك المركزي الأوروبي يستعد بالفعل إلى زيادات محدودة في معدلات الفوائد في 21 تمّوز المقبل، للتعامل مع بعض العوارض التضخميّة التي تعاني منها السوق الأوروبيّة. لكنّ هذه الزيادات لن تواكب أو توازي حتماً الزيادات السريعة والقاسية في الفوائد الأميركيّة، لأن البنك المركزي الأوروبي يضع حساب التباطؤ الحاصل في الاقتصادات الأوروبيّة اليوم، والذي سيسوء حتمًا في ظل زيادة الفوائد بشكل كبير.ومن المعلوم أيضًا أنّ البنك المركزي الأوروبي يبدو محشوراً بعامل آخر يمنعه من رفع الفوائد بشكل موازي للفوائد الأميركيّة، وبنفس النسبة. فالعديد من الدول الأوروبيّة تعاني أساساً من مديونيّات مرتفعة بعملة اليورو، وبأسعار الفائدة المعتمدة داخل السوق الأوروبيّة. وأي رفع سريع وكبير في معدلات الفوائد سيؤدّي إلى ارتفاع كلفة خدمة هذه الديون، بل وربما استدامتها. كما سيؤدّي أي ارتفاع كبير في الفوائد إلى خضّة في أسواق سندات الديون السياديّة، من ناحية قيمة هذه السندات السوقيّة، وهو ما يمكن أن يترك أثره السلبي على الأنظمة الماليّة الأوروبيّة بأسرها في ظل الوضع المتأزّم حاليّاً.أضرار تراجع قيمة اليوروفي العادة، تستفيد الاقتصادات الصناعيّة والمنتجة من تراجع قيمة عملاتها المحليّة. فهذا التطور يمكن أن يدعم الإنتاج المحلّي، من خلال ازدياد أسعار السلع المستوردة في السوق المحليّة، وانخفاض أسعار المنتجات المحليّة المصدّرة عند بيعها في الأسواق الخارجيّة بالعملات الأجنبيّة. وفي الحالتين، ستكون النتيجة زيادة تنافسيّة الانتاج الوطني محلياً وفي الخارج، في وجه المنتجات الأجنبيّة.في وضع أوروبا اليوم، تبدو المسائل معقدّة جدًا، بما يمكن أن يحرمها من فوائد انخفاض قيمة اليورو، بل وما يمكن أن يحوّل هذا التراجع في قيمة اليورو إلى أزمة قاسية بالنسبة إلى اقتصاداتها. فنتيجة ارتفاع أسعار المحروقات ومصادر الطاقة، ونتيجة التضخّم العالمي في أسعار المواد الأوليّة، تعاني السوق الأوروبيّة أساسًا من معدلات تضخّم مرتفعة تجاوزت حدود 8.6 بالمئة لغاية شهر حزيران الماضي. وبينما يحاول البنك المركزي الأوروبي تخفيض معدّل التضخّم إلى حدود 2 بالمئة، سيؤدّي انخفاض قيمة اليورو إلى ارتفاع سريع في أسعار جميع السلع المستوردة، بل وأيضًا في أسعار المنتجات الأوروبيّة نتيجة ارتفاع كلفة استيراد المواد الأوليّة التي تدخل في عمليّة تصنيعها. وفي خلاصة الأمر، سيؤدّي تراجع قيمة اليورو إلى مفاقمة ظاهرة التضخّم التي تعاني منها أسواق أوروبا اليوم، ما سيعيق كل المحاولات التي يقوم بها البنك المركزي الأوروبي لضبط هذه الظاهرة.أمّا أخطر ما في الموضوع، فهو ما يمكن أن ينتج عن تقاطع هذا التضخّم مع الركود الاقتصادي الحاصل اليوم، وهو ما سيضع السوق الأوروبيّة بأسرها في فخ الركود التضخّمي، أي الانكماش الاقتصادي التي يصاحبه زيادة معتبرة في الأسعار وتقلص في معدلات الاستهلاك والإنفاق. هنا، سيتقاطع أثر ارتفاع أسعار المحروقات، الذي يرفع معدلات التضخّم، مع أثر تراجع قيمة اليورو، والذي سيدفع بنفس الاتجاه. وجميع هذه العوامل ستترك أثرها في النهاية على معدلات النمو الاقتصادي، التي ستتراجع حكمًا مع تراجع الاستهلاك، بعد انتعاشة الأسواق المؤقتة التي حصلت خلال الفترة الماضية، كجزء من مسار التعافي من تداعيات وباء كورونا.


وكالات



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2025
top