يبدو أن "تيار المستقبل" بدأ يودع مدنية صيدا. هذا ما أفرزته صناديق الاقتراع لانتخابات رئيس وأعضاء المجلس الإداري في "جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية" في صيدا، التي جرت اليوم الأحد في 26 حزيران. فقد فاز رئيس لائحة "شعلة المقاصد" فايز البزري برئاسة الجمعية بـ 273 صوتاً بفارق 13 صوتا عن المرشحة للرئاسة لارا الجبيلي التي نالت 260 صوتا. علماً أن نسبة الاقتراع بلغت 80 بالمئة، بعدما اقترع 539 من أصل 667 عضواً سددوا اشتراكاتهم.تعادل في الهيئة الإداريةوجرت الانتخابات على 8 أعضاء ورئيس المقاصد بلائحتين واحدة مدعومة من البزري والجماعة الإسلامية برئاسة فايز البزري ولائحة مدعومة من العائلات وبهية الحريري برئاسة لارا الجبيلي، زوجة القيادي في تيار المستقبل ناصر حمود. وإلى الرئيس فازت لائحة تحالف النائب عبد الرحمن البزري والجماعة الاسلامية بأربع مقاعد من أصل ثمانية أعضاء في الهيئة الإدارية (محمود الصباغ وبلال كيلو وسندس زيدان ومازن القطب)، بعدما سقطت جميع صيغ التوافق لتجنيب الجمعية الانتخابات. وكشفت النتائج أن النائبة السابقة بهية الحريري فقدت سيطرتها على الجمعية، التي كان يرأسها المهندس يوسف النقيب، بعدما خسرت المرشحة الجبيلي المدعومة منها ومن العائلات المعركة. فقد فازت لائحة الجبيلي بأربع مقاعد (هشام جرادي وحذيفة الملاح وعماد بعاصيري وسها عنتر)، بعدما كانت كل التوقعات تشير إلى أنها ستكتسح كل المقاعد، خصوصاً عقب إصلاح الحريري العلاقة مع النقيب. لكن البزري حقق فوزاً كبيراً رغم إعادة لم الشمل بين النقيب والحريري، التي استنجدت به بعدما عملت على إسقاطه في الانتخابات النيابية، مفضلة دعم البزري عليه.سقوط التوافقوكانت مختلف القوى في صيدا تعمل على صيغة توافقية لعدم اجراء الانتخابات وفوز مجلس الأمناء والرئيس بالتزكية، لكن سقطت جميع المحاولات. وفشل التفاوض للوصول الى توافق على مجلس الأمناء وخوض المعركة على الرئاسة حصراً، أو العكس، أي التوافق على المجلس وحصر المعركة بالرئيس. وحجة التوافق التي نادت بها مختلف القوى أن المؤسسة تخدم كل أهالي صيدا ولا تحتمل أي فرز سياسي وإن معيار اختيار الأشخاص هو الإدارة الجيدة لتقديم الخدمات والمهم أن تنطبق صفة الكفاءة على الأعضاء الثمانية والرئيس.
وشاءت ظروف المعركة أن تعود نائبة صيدا السابقة لتقف ضد البزري في انتخابات المقاصد مستعينة بالنقيب في محاولة الحفاظ على هذه الجمعية الخدماتية. لكن النتائج كشفت أن "أم نادر" لم تعد تملك زمام المبادرة في صيدا، وهذه إحدى تداعيات الانتخابات النيابية، التي فضلت فيها الحريري دعم البزري على حساب النقيب الذي خسر خسارة مدوّية في الانتخابات النيابية.الخوف من البزريالمعركة على المقاصد، التي تواجه مشاكل في كيفية الحفاظ على المدارس والأساتذة والتلامذة وإدارة أصولها التي تقدر بأكثر من 150 مليون دولاراً، لا تقتصر على هذه الجمعية "الخدماتية"، بل على "المستقبل" وتياره في صيدا. فقد أتت هذه الانتخابات بعد معركة الانتخابات النيابية، وقبل عام من الانتخابات البلدية، وخوف الحريري من سيطرة البزري على المدينة.
وكانت نائبة صيدا السابقة "عاقبت" المرشح "الحريري" يوسف النقيب لصالح دعم مرشح اللائحة المنافسة النائب عبد الرحمن البزري، وذلك أسوة بما قام به "تيار المستقبل" في مختلف المناطق والعمل على اسقاط كل المرشحين المدعومين من الرئيس فؤاد السنيورة. لكن بخلاف الانتخابات النيابية قررت الحريري دعم لائحة الجبيلي لإسقاط اللائحة المدعومة من البزري، الذي بدأ يعد العدة للانتخابات البلدية العام المقبل، تحت شعار "إعادة الحق لأصحابه"، أي عودة البلدية لرئاسة آل البزري.
وفي التفاصيل كان النقيب يفضل ترشيح نائب رئيس المقاصد سابقاً رغيد المكاوي لكن الحريري رفضت هذا الأمر. وابتعد النقيب عن خوض معركة المقاصد. لكن، وخوفاً من سيطرة البزري والجماعة الإسلامية على المقاصد، عادت الحريري وارسلت إشارات إيجابية من خلال المكاوي للنقيب لتحريك ماكنته الانتخابية في الجمعية. فقد تنبهّت الحريري على ضرورة واهمية النقيب في هذه المعركة. ولم يقدم النقيب على خطوات انتقامية منها رداً على الانتخابات النيابية بل دعم الجبيلي، التي تربطه بها علاقات وثيقة. وقد حضر منذ الصباح إلى المقاصد برفقة الرئيس السنيورة لمتابعة الانتخابات. الأمر الذي قد يُفهم كرد اعتبار للسنيورة من "تيار المستقبل". لكن رغم ذلك حققت لائحة البزري والجماعة الإسلامية فوزاً كبيراً سينعكس حكماً في الانتخابات البلدية العام المقبل.مجتمع الميم يقصي مرشحاًلكن الفوز أتى تزامناً مع استعار الحملات ضد "نشر الشذوذ الجنسي" الذي وصل إلى صيدا وجمعية المقاصد التي أجرت انتخاباتها اليوم. فقد انسحب المرشح إبراهيم الجوهري، المدعوم من مجموعات من 17 تشرين من لائحة "لأجل المقاصد" برئاسة الجبيلي، بعدما طالته حملات التخوين والترهيب وشائعات "نشر الشذوذ الجنسي" في صيدا.
وقد اكتفى الجوهري ببيان أعلن فيه انسحابه بسبب "حملة الافتراءات المغرضة والتحريض" معلناً ترشحه بشكل منفرد مذكراً أن عمله هو صحافة استقصائية عالمية وتحليل للأحداث والمتغيرات السريعة التي تحدث في كافة انحاء العالم والعلاقة مع المنظمات والمانحين الدوليين، وأن صفحته على وسائل التواصل الاجتماعي ما هي الا منصة مختصة لعرض ما يحدث تتناول كافة المواضيع المختلفة، والمشاركة لا تعني التبني لها".
ووفق مصادر "المدن" أتى انسحاب الجوهري بسبب تحريض مجموعات إسلامية في صيدا ضده بسبب مواقفه الداعمة لحقوق أفراد "مجتمع الميم." وقد جرت ضغوط على اللائحة من قبل الإسلاميين في صيدا وضغطوا على المرشح حذيفة الملاح، للانسحاب عن اللائحة بسبب ضمها المرشح الجوهري، متهمين الأخير بأنه يروج للشذوذ الجنسي في المدينة. لذا أرسل الملاح تسجيلاً صوتيا تعهد فيه بأن لا يخوض المعركة مع الجوهري في لائحة واحدة. واستدرك الجوهري الأمر وفضل أن ينسحب شخصياً كي لا يضعضع اللائحة، وخسر الانتخابات، لكنه نال 148 صوتاً. وهو رقم كبير في جمعية محافظة اسلامياً.تداعيات قرار الحريريوغم أن النائبة الحريري كانت "تمون" على ما لا يقل عن 350 صوتاً في المقاصد إضافة إلى أصوات النقيب، فازت لائحة "لأجل المقاصد" بأربعة مقاعد فقط في الانتخابات. وكانت المعركة قاسية بين اللائحتين وعلى فارق بسيط بالأصوات بين مرشحي اللائحتين. ما يكشف مدى تراجع الحريري وتقدم باقي القوى وخصوصاً البزري والجماعة الاسلامية. وهذه إحدى تداعيات البلبلة التي حصلت خلال الانتخابات النيابية الأخيرة جراء قرار الرئيس سعد الحريري مقاطعة الانتخابات ومعاقبة السنيورة ومحاولة لم شمل "الحريريين" لخوض الاستحقاق.