يواصل التهاب الكبد الفيروسي من نوع "أ"، المعروف باليرقان، انتشاره في طرابلس، في حين تتراجع الحالات الاستشفائية مقابل تقدم الإصابات التي لديها عوارض طفيفة في المنازل، وفق ما يفيد مصدر طبي لـ"المدن". وحتى الآن، لم تتمكن وزارة الصحة اللبنانية من تحديد مصدر الفيروس الذي يفتك بأبناء عدد من المناطق الشعبية في طرابلس، علماً أن العدوى منه تنتقل عبر تناول الأطعمة الملوثة أو شرب المياه أو أي صنف من المشروبات الملوثة، وتمتد حصانته من 15 إلى 50 يومًا. وتصاعدت المخاوف أمس الثلثاء، على إثر نشر وزارة الصحة لرصد رقمي لانتشار الفيروس، وتحدثت عن عدد تراكمي للحالات بلغ 555 حالة من بداية 2022 حتى اليوم، معظمها سجلت في البقاع (217 حالة) والشمال (202 حالات)، مع نسب حدوث عالية عند الفئة العمرية من 5 حتى 19 عامًا. وفي السنوات الخمس الماضية، بلغ معدل الحالات المبلغ عنها سنويًا 532 حالة، علمًا أن لقاح اليرقان من نوع "أ" غير موجود على الروزنامة التحصينية لوزارة الصحة، بل يؤخذ كلقاح اختياري. توضيحات الوزارة وفيما يحذر كثيرون من انتشار الفيروس، وتحديدًا في المناطق الأكثر فقرًا، حيث لا يشتري السكان المياه المعقمة، توضح مديرة الوقاية الصحية في وزارة الصحة جويس حداد لـ"المدن"، بعض الملابسات، في ظل القلق الذي تسبب به كشف وزارة الصحة عن رصد حالات في البقاع وليس في الشمال فحسب.
وتستنكر حداد ما تصفه بتعميم حالة الهلع بين المواطنين، معتبرة أن العدد التراكمي للمصابين بهذا الفيروس ليس مرتفعًا، كونه يشمل ستة أشهر من العام، رغم حضانته الطويلة التي تصل حتى 50 يومًا.
ويستمر ارتفاع أعداد المصابين باليرقان في طرابلس، وتحديدًا في مناطق القبة، والشعراني، وجبل محسن، وضهر المغر، وأبي سمراء، وفي عدد من الأحياء الشعبية الفقيرة التي يشرب أبناؤها من شبكات المياه العمومية، وبعض الحالات يجري تسجيلها رسميا لدى وزارة الصحة، فيما تتحدث معطيات ميدانية لـ"المدن" عن اتساع رقعة عوارض الفيروس لمصابين لا يجرون الفحوص المخبرية. تحذيرات أما فيما يخص البقاع، فتدعو حداد لعدم القلق، وتشير إلى أن إحدى الحالات جرى كشفها في الأشهر الماضية داخل أحد المخيمات، وانتشرت العدوى، وتوقفت عند عدد 217 حالة، من دون تسجيل أي اصابات جديدة، خلافًا لاستمرار الرقم التراكمي في طرابلس، الذي ارتفع مؤخرًا في غضون اسبوع واحد، إلى 64 حالة.
وقالت حداد إن الوزارة مستمرة بأخذ العينات للمياه، "لكن كل النقاط التي جرى فحصها لم يظهر أنها مصدر التلوث. لذا، نحن نتحدث عن احتمال تلوث لما قبل 50 يومًا، ما يعقد مسألة تتبع مصدره، لا سيما أن احتمال انتشار العدوى من العصائر والأطعمة قائم".
ودعت حداد المواطنين لعدم الخوف من حالة وبائية جراء الفيروس، "لأن الحالات الموجودة في المستشفيات قليلة ومعظمها تتلقى العلاج بالمنازل".
وتواصل المسؤولة الصحية تحذيرها بضرورة التنبه من مصادر المياه، إذ "تنتشر في طرابلس ظاهرة بيع غالونات المياه مجهولة المصدر، ما يعيق القدرة على ملاحقة موزعيها من قبل الوزارة".
إلى ذلك، يثير انتشار هذا الوباء قضية تلوث المياه في المناطق الشعبية، التي يحصل عليها بعض المواطنين من مصادر كثيرة مجهولة، وسط عجز اقتصادي كبير عن توفير مياه صحية ومعقمة في المنازل.