لارا الهاشم -
في الطابق الأرضي في العدلية يداوم المدعي العام الاستئنافي في بيروت القاضي زياد أبو حيدر محصِّنا نفسه ببابٍ خشبيٍّ لا يُسمح لك بتخطّيه ولو حتى للاستيضاح حول مصيرِ أهمّ ملفٍّ قضائيٍّ ماليٍّ يخصّ كلّ لبناني، أي ملف حاكم مصرف لبنان.
يتهرّب أبو حيدر من المواجهة كونه يعلم أنه ملزمٌ بتنفيذِ طلبِ رئيسِه أي مدعي عام التمييز بالإدعاء على سلامه وأن أقصى ما يمكنه فعلُه هو تقديم مطالعة يشرح فيها رأيه. وهو يدرك أيضاً أنه في حال اصرار عويدات على طلبه بادّعاء أبو حيدر على سلامه ما عليه سوى الإدعاء. فلم يجِد بعد الإمتناع عن تسلُّم الملف سوى مخرجاً وحيداً وهو التنحّي عن النظر بالدعوى.
السبب الذي يتسلّح به أبو حيدر في طلب التنحي وفقا لأوساط في العدلية هو الإستشعار بالحرج لأنه أعطى رأيا مسبقاً في الملف بعدم الاختصاص، فَلَم يعُد بمقدورِه الإدعاء في الملف عينه. لكن في الواقع لا يعدو هذا السبب كونه ذريعة للتهرُّب لأن "الرأي المُسبَق" بحسب مصادر في النيابة العامة التمييزية يجب أن يكون قراراً يُرفع إلى مدعي عام التمييز. وهنا تسأل المصادر: "إذا صح أن أبو حيدر أعطى رأياً فإلى من أبلغه طالما أنه لم يصل الى عويدات؟"
أما فيما خص الصلاحية فتضيف المصادر ل tayyar.org أن عويدات هو من يوزّع الملفات على القضاة بحسب اختصاص كلٍّ منهم وأن النيابة العامة المالية، في قضايا الاختلاس تحديداً، تحقق وتحيل الملف بدورها إلى الاستئنافية وتطلب منها الإدعاء أمام قاضي التحقيق وفقا للمادة ٢١ من أصول المحكمة الجزائية. ما خلاصته أن إدعاء النيابة العامة الاستئنافية هو القاعدة والعكس هو الإستثناء.
إذاً لا يبدو أن عويدات ممنونٌ من تمرُّد أبو حيدر، إلا أنَّ طلبَ التنحّي سيسلُك مسارَه القضائي الطبيعي لَكِن الشاق لما يحيط به من ضغوطٍ سياسية ودينية. فاذا وافقت الغرفة الاستئنافية الأولى على طلب التنحي، عندها يكلّف الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف القاضي حبيب رزق الله قاضياً جديداً ليحلّ مكان أبو حيدر. وهنا تشير المعلومات إلى أن القاضي الأعلى درجة في الاستئنافية هو المحامي العام الاستئنافي رجا حاموش، في حين أن الأخير أعرب الأخير أمام مراجع قضائية عن عدم رغبته بتولي الملف. فمن هو القاضي الذي سيوافق على أن يكون كِبشَ فداء؟
في الموازاة وإذا وُجد من يجرؤ على الإدعاء على سلامة، فان بعضَ المقرّبين من سلامه يراهنُ على عقبات قد تواجه الملف أمام قاضي التحقيق.
فحاكم مصرف لبنان وشقيقُه رجا سلامه قد يلجأن إلى طلبِ إبطال التحقيقات بسبب مداعاتهما للمحامي العام التمييزي بالتكليف القاضي جان طنوس ولمدعي عام التمييز أمام الهيئة العامة لمحكمة التمييز. الأول بتهمة التعامل مع المخابرات السويسرية ومداهمةِ المصارف وطلب كشوفات حسابات الأخوين سلامه وغيرها من الأسباب.
والثاني، أي عويدات، لعدم مراقبته أعمال طنوس، وتكليفه كمحامي عام تمييزي خلافاً للقانون فيما هو في الأساس قاضٍ في النيابة العامة.
على هذه التُّهم الموجّهة إلى طنوس وعويدات تعلّق مصادر قانونية بالقول إن الفارقَ كبيرٌ بين هذه الأخطاء إذا صحّ وصفُها كذلك وبين الخطأ الجسيم الذي يُرفع هذا النوع من الدعاوى على أساسه.
لكن بأي حال فان المداعاة توقف اجراءات القاضي المشكو من آدائه لكنها لا توقف مسار القضية لدى قاضي التحقيق بحسب المصادر.
إذاً سلامة سيراوغ وسيحاول شراء الوقت مراهناً على تبدُّل العهود السياسية، أما رهانُ النّاس الذين سُرقت أموالهم فهو على تطوّع قاضٍ واحدٍ شجاعٍ للوقوف في وجه المنظومة السياسية الدينية القضائية المتواطئة.