2025- 01 - 11   |   بحث في الموقع  
logo المفتي إمام: شهادة للتاريخ بحقّ الرئيس عون logo بيان للجيش: تفجير ذخائر غير منفجرة logo ميقاتي: لترسيم الحدود والشرع: على مسافة واحدة من الجميع logo برنياع إلى الدوحة.. مفاوضات غزة في ملعب الاحتلال logo ماذا بعد الخميس وانتخاب الرئيس ؟ (نقولا الشدراوي) logo قوى الأمن تضبط شاحنة محمّلة بخزانات حديدية تستخدم في تصنيع المخدرات logo أثناء نقل مواطنين أثاث منزلهم في عيترون… إليكم ما رمته “درون” إسرائيليّة عليهم logo مصادرة 8 أطنان من البطاطا المهرَّبة من سوريا
صنع معاداة السامية، أو، تحريم نقد إسرائيل
2022-06-05 18:26:54

صدر عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات ضمن (سلسلة ترجمان) كتاب بعنوان صنع معاداة السامية، أو، تحريم نقد إسرائيل وهو من تأليف أبراهام ملتسر وترجمة سمية خضر، ومراجعة رشيد بوطيب. يناقش الكتاب تاريخ نشوء مصطلح "معاداة السامية" وتحولاته الدلالية، وكيف بدأت أوروبا، بعيد الحرب العالمية الثانية، تتنصل من تبعاته بوسم العرب والمسلمين به بسبب الصراع في الشرق الأوسط وفلسطين خاصة، إضافة إلى وسم كل من ينتقد السياسات الإسرائيلية بمعاداة السامية، حتى لو كان يهوديًا. كما يشدد، ويشرح بموضوعية، على أن انتقاد الصهيونية باعتبارها أيديولوجيا عنصرية فاشية ليس في ذاته معاداةً لليهود باعتبارهم مجموعة دينية.
ويدعو المؤلف إلى إعادة درس مصطلح "معاداة السامية"، في وقت تعاود فيه بعض الدوائر الغربية والأوروبية إعادة صناعته، وذلك بسحب استحقاقاته السياسية والتاريخية على شعوب أخرى. كما يدعو إلى كفِّ اللوبي الإسرائيلي عن استغلال "الهولوكوست" وعن اتهام مناهضي الصهيونية بمعاداة السامية.ماذا تعني معاداة السامية
بعد الإبادة الجماعية التي شملت اليهود في ظل حكم هتلر، غدت معاداة السامية من القضايا المستنكَرة التي يعاقب عليها القانون. وما يدعو إلى الغرابة اليوم أن أناسًا، سواء أكانوا محاضرين أم قائمين على مؤتمرات ترتبط بموضوعة معاداة السامية، يتساءلون عن مصدر هذا الاصطلاح: معاداة السامية.
ورغم معاداة المسيحية للسامية وما نجم عنها من معاداة عنصرية تكاد تكون غير موجودة اليوم، فإن الأحكام المسبقة والشكل الذي عاشت به معاداة اليهودية في الثقافة الغربية على مدى آلاف السنين قد تركت آثارها العميقة فيها. ولا ننسى أن أحداثًا كبرى وصغرى، مثل الحروب الصليبية وحروب الفلاحين والطاعون وما جرى إبان الحكم النازي في ألمانيا، قد دفنت مجتمعات يهودية بأكملها، ما أدى أخيرًا إلى الهولوكوست، أو كما يسميها اليهود المحرقة (Shoah)، حيث قضي على ما يقرب من ثلث يهود أوروبا.
يُعدُّ مصطلح "معاداة السامية" جديدًا نسبيًّا، وقد ظهر أول مرة في منتصف القرن التاسع عشر وانتشر بسرعة بين أوساط المثقفين والأساتذة الجامعيين. والحقيقة أن كراهية اليهود بهذا الشكل لهي كراهية قديمة جدًّا، أساسها كره الكنيسة لهم؛ إذ تشكِّل اليهودية خصمًا لها، في حين أن المسيحية خرجت من اليهودية. وأدت خيبة أمل الكنيسة في تحوُّل جميع اليهود إليها، وفي أن يتخلوا عن دينهم اليهودي، إلى كراهية أبدية. كانت هذه الكراهية موجهة ضد الدين اليهودي الذي كانت المسيحية تعدّه أكبر خطر على فكرة الخلاص لديها.واليهودي كان يمكن أن يتخلص من وصمة العار التي كانت تلاحقه بأن يغيِّر دينه ويعتنق المسيحية. وهذا ما وصفه هاينرش هاينه بأنه "تذكرة دخول إلى الثقافة الأوروبية"، بمعنى من يعتنق من اليهود المسيحية، فإنه يضمن الدخول إلى هذه الثقافة.لقد كان من الممكن التخلص من هذه المعاداة لليهودي بقبول العماد ليصبح مسيحيًّا، واستمر هذا حتى منتصف القرن التاسع عشر. يمكن قول الأمر نفسه بالنسبة إلى العالم الإسلامي الذي فيه أيضًا اضطُهد اليهود، وباعتناقهم الإسلام كانوا بالمِثل يتخلصون من ذلك الاضطهاد. ومع ظهور "النظرية العرقية" في منتصف القرن التاسع عشر، بدأ الناس في إدانة اليهود لأسباب تتعلق بأصولهم.لا يخفى على أحد وجود بقايا هذه القناعات المعادية للسامية في كل المجتمعات الأوروبية، إلا أنها غالبًا ما انحسرت جدًّا هناك، وما عاد الأمر كما في السابق. والحال أن أحزاب اليمين واليمين المتطرف السابقة، في فرنسا والنمسا وهولندا، مقتنعة بإلباس برامجها التي تحمل عداء للسامية زيًّا آخر في سبيل تحقيق نجاحها. أما في ألمانيا فكان لا بد لحزب البديل لأجل ألمانيا AfD من النأي بنفسه عن الأعضاء الذين يحملون فكرًا معاديًا للساميّة، حتى لو جرى ذلك على مضض.
وفي ظل الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي يصعُب وضع خطوط حمر للتمييز بين ما يعبِّر عن الكراهية الفعلية لليهود أو ما يؤول إليه هذا الصراع. فما يحدث في إسرائيل أمر فظيع، لا بل إنه يحدث في ظل الحكومة هناك وباسم اليهودية. وعلينا، كما هو حالي، مقاومة ذلك: فعندما نقرأ خبرًا في الصحافة أو نسمع في الإذاعة عن مصادرة أراضي الفلسطينيين باستخدام العنف أو اقتلاع المستوطنين المتعصبين أشجار الزيتون، وبقوة القوانين الإسرائيلية التي تخدم ظلم الفلسطينيين وتذلّهم، فإنّ علينا الاحتجاج ضد هذه الأعمال ورفضها. منح العالم الغربي بعد الحرب العالمية الثانية وبعد الهولوكوست اليهود الناجين من المحرقة أرض فلسطين هديةً لهم، وذلك لاسترضائهم عن أخطائه التي ارتكبها في حقهم، وبهذا أقام اليهود الصهاينة دولة لهم على حساب الشعب الفلسطيني الموجود هناك في الأصل. ولم يكن دعم العالم الغربي للدولة اليهودية سوى تكفير عن الظلم الذي لحق بهم في أوروبا. وبهذا ظهر ظلم جديد، ظلم سواء أكان غير معلوم لكثيرين بعد السنوات الأولى لتأسيس الدولة اليهودية حتى عام 1967، أو ظلم جرى السكوت عنه بوعي ومعرفة.
في الواقع، ما عاد ممكنًا بعد حرب الأيام الستة في عام 1967 التغاضي عن الظلم الذي ألحقته إسرائيل بالفلسطينيين، ولا سيَّما بعد أن بدأ الشعب الفلسطيني النضال ضده. أما موقف الشعوب في كلٍّ من أميركا وأوروبا فقد كان منقسمًا: هناك القلة القليلة التي دعمت حق الفلسطينيين، في حين كان موقف الأغلبية العظمى الوقوف إلى جانب إسرائيل. لكن حينما ازدادت وتيرة انتقاد السياسة الإسرائيلية مع مرور الوقت، بدأ مروّجو هذه السياسة وداعموها في اتهام من ينتقد إسرائيل بمعاداة السامية وتوظيف هذه الاتهامات لخدمة أهدافهم.ثمة كثير من الإسرائيليين ممّن يكذب على نفسه كثيرًا، وذلك لعدم الرغبة في تصديق أنهم يرتكبون ذنبًا في حق الشعب الفلسطيني. تقول إحدى أساطير تأسيس دولة إسرائيل إن الفلسطينيين لم يُطردوا من أراضيهم بل غادروها "طواعية". ويقف عدد كبير من المواطنين الإسرائيليين واليهود في العالم على الضد من سياسات إسرائيل غير المفهومة ويرفضونها. والحال ذاته ينطبق على الأوروبيين الذين يبتعدون أكثر فأكثر عن إسرائيل للأسباب ذاتها. أما الصهاينة فلا يرغبون في استيعاب ذلك، بل يفضِّلون الاعتقاد أن كثيرًا من الناس في أوروبا، إن لم يكن جميعهم، لا يحبون اليهود. وهذا ما يجعل الأمور بالنسبة إليهم أسهل.
أبراهام ملتسر
​كاتب ألماني، من مواليد سمرقند، أوزبكستان (1945). له كثير من المؤلفات باللغة الألمانية، يتمحور أكثرها حول نقد السياسات الإسرائيلية في الشرق الأوسط، وتحديدًا في فلسطين، فضلًا عن نشاطاته الأخرى الداعية للسلام في ألمانيا. ناقد للصهيونية وسياسة الاحتلال والاستيطان لدولة إسرائيل.


وكالات



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2025
top