2024- 07 - 02   |   بحث في الموقع  
logo “القوّات” لباسيل: الكذب “حبله قصير” logo بعد تهديده بالقتل... سعيد: لن تنالوا! logo خرازي: طهران ستدعم "حزب الله" إذا شنّت إسرائيل حربًا شاملة logo الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل جندي وإصابة ضابط في طولكرم! logo إدارة فلسطينية لِغزة بعد الحرب... موقف نتنياهو بين "المعلن والخفي"! logo "اعتدوا علينا بالكلاب البوليسية"... مدير مستشفى الشفاء يكشف تعرضه للتعذيب! logo الحلبي "ينفي" حصول تسريب لأي مسابقة في الامتحانات الرسمية! logo "الأمن" يوقف قاصر يتصل بِأشخاص لِممارسة أعمالًا منافية للحشمة معهم!
"ملامح إنسانية" لأبو سلّة وعصابته: كرماء يعيلون معوزين كثيرين!
2022-06-04 16:26:09

نامت محلة الشراونة في مدينة بعلبك يوم أمس الجمعة على ساحة معركة حقيقية، تخللها تبادل إطلاق النيران بين الجيش اللبناني ومطلوبين "خطيرين" بعمليات الإتجار بالمخدرات، كما ذكر بيان الجيش، لتصحو المدينة وكأن شيئا لم يكن، رغم سقوط شهيد للجيش وخمسة جرحى بينهم اثنان بحالة حرجة.
ديوانية "أبو سلة"قبل العاشرة من صباح اليوم السبت 4 حزيران، كانت الحركة قد بدأت تعود إلى جميع أسواق بعلبك، ونزل الكل إلى عمله، فيما كان تاجر بطاطا ينزل أكياسه بساحة المعركة نفسها. الساحة التي توج يومها بهدم منزل ذكر أنه للمطلوب علي زعيتر المعروف بـ"أبو سلة". إلا أن كل عارفي المنطقة أكدوا أنه لم يكن سوى "الربعة"، وهو الإسم الذي يطلقونه على "ديوانية" يجتمع فيها "أبو سلة" مع شلته، وكانت تستخدم أيضًا لبيع المخدرات وتعاطيها.
أما الجيش اللبناني فعاد حضوره محصورا في الحواجز الثابتة الموجودة في المحلة منذ سنوات، والتي اعتاد عناصرها كما معظم أهالي بعلبك على روتين متكرر يرافق مداهمات المطلوبين في حي الشراونة، لا تلبث أن تنتهي بعد ساعات، سواء ألقي القبض على المتهم المطلوب أو بقي حرًا.
على بعد أمتار من ساحة المعركة تمهلنا بجولتنا الصباحية في المنطقة للتأكد من عدم خطورة التوغل في الحي، فقيل لنا إن الوضع بات آمنًا جدًا، حتى أن عنصر جيش على أحد الحواجز دلنا إلى المكان الذي سقط فيه شهيد الجيش الرقيب زين العابدين شمص.ذكريات المعركةفي حي يقطنه آل زعيتر ويشكل امتداداً لحي التل الأبيض في محلة الشراونة، وقبل نهاية الطريق الداخلية التي توصل إلى أوتوستراد بعلبك الهرمل، يخبر الأهالي عن حالة الرعب التي شهدتها المنطقة. ويذكر البعض استقدام الجيش تعزيزات ضخمة، تخللها تراشق نيران عشوائي أحيانا، ما جعل الكل يتلطى بالمنازل لساعات.
يقول أحدهم: بعد توقف النيران كان يمكن اجتياز الطريق المؤدية من بعلبك إلى الشراونة بسيارة سرعتها مئة كلم.س خلال ساعات النهار، لخلوها تماماً من السيارات. إلا أن أحداً لم يجرؤ على الخروج من منزله خوفًا من رصاصة طائشة تقتله مجانًا، علما أن الجيش اللبناني طوق المنطقة من كل الجهات لساعات، واستقدم مروحية لتعقب "أبو سلة". ولكن الأخير بقي متواريًا حتى نجح بالفرار تحت غطاء من النيران وبمساعدة من أبناء الحي الذي يقيم فيه.ملامح إنسانية للمجرميتحاشى المقيمون في الحي إعطاء تفاصيل إضافية عن المطلوب رقم واحد في العملية العسكرية. إلا أن بعضهم يميل لرسم صورة "إنسانية" له.
يقول أحدهم تحفظ عن ذكر إسمه، أنه يعرفه شخصيًا من خلال التعاطي معه تجاريًا. وهو رجل كريم لا يبخل إطلاقا على أي من "معاونيه". ولم يسبق أن تورط رجاله في مشاكل بحي الشراونة. علماً أن ظهور "أبو سلة" في العلن نادر جدًا، ولكنهم تعرفوا إلى أرباح تجارته التي يستخدم جزءًا منها كمساعدات دائمة لأهله ومعارفه.
هذه الخصائل يقول البعض إنها متوفرة في معظم تجار الممنوعات. ويتحدث هؤلاء عن اقتصاد بات يعوّل بشكل أساسي على أموال هؤلاء، خصوصًا أن السيولة متوفرة بشكل دائم بأيديهم، خلافًا لمعظم أبناء بعلبك الذين يجنحون إلى الفقر. ويعتقد أحدهم أنه "لولا تجار المخدرات، لما بقي متجر أو مطعم مفتوحًا في بعلبك". نسأله أليست ارتكابات هؤلاء أيضا السبب في تراجع الحركة السياحية في بعلبك وتراجع تجاراتها "النظيفة"، فيحوّل الحديث فورًا إلى "أبو سلة" مصرًا على أنه ليس من طينة "الشبيحة" الذين تجتمع بعلبك كلها على ضرورة إنهاء ظاهرتهم. ولهؤلاء حصرًا يحمل مسؤولية "تهشيل" الزوار والسياح من بعلبك. أما ما فعلته عصابة أبو سلة، ومواجهتها الجيش اللبناني بالسلاح فيضعه في إطار الدفاع عن النفس.
يكاد الحديث عن صفات المطلوبين في هذا الحي يشكل الترجمة العملية لمعنى "البيئة الاجتماعية الحاضنة" لأوكار الطفار. ولولا كون شهيد الجيش الذي سقط من أبناء بعلبك أيضًا، لسادت اللامبالاة التامة حتى تجاه تداعيات ما يتكرر على مجمل أهالي بعلبك. عمليات رمادية عبثيةيعتبر البعض المعركة بين المطلوبين والجيش معركة عبثية إذا ما قورنت بأكلافها. خصوصًا أن إلقاء القبض على مطلوب لن يوصل إلى القضاء على ظاهرة الإتجار بالمخدرات، كما أنه لا يعني أن بعلبك ستعود نظيفة من أوكارها المعروفة من قبل الجميع. ويعتبر هؤلاء أن العملية ربما تكون فقط ترجمة لرفع الغطاء السياسي عن "أبو سلة" نفسه. أو ربما لإيصال رسالة لغيره من أصحاب الألقاب حول الثمن الذي يمكن أن يدفعه من هم أكبر منه إذا ما رفع عنهم الغطاء. ومن هنا يقول هؤلاء متوجهين الى أصحاب القرار السياسي قبل الأمني: "ضعوا جهدكم الأكبر في من يحمي هذه العصابات ويقويها، وبين هؤلاء نافذون حتى في مراكز المسؤولية".
في المقابل وفي كلام متكرر داخل سوق بعلبك، تمنى البعض لو أن الجيش تصرف بالحزم والشدة في إلقاء القبض على المتورطين بقتل الشابين وضاح الرفاعي ومحمد بيان في محلة الشراونة أيضا قبل أسبوعين. خصوصًا أن مرتكبي الجريمة المعروفين تماماً، كادوا أن يجروا بعلبك كلها إلى فتنة داخلية، وجعلوا أهل المدينة يترقبون لأيام ردود الفعل، لولا تدخل العقلاء وسحبهم فتيل الفتنة.
على بعد أمتار من أحد المداخل الأساسية لمحلة الشراونة لجهة وسط مدينة بعلبك وسوقها التجاري، كان يجلس باكرًا شابان باسترخاء تام، كما هو حال معظم تجار المدينة الذين فتحوا أبواب متاجرهم كالمعتاد صباح يوم السبت، خلافا لإقفال السوق لأيام بعد الجريمة التي ذهب ضحيتها كل من الرفاعي وبيان.سلوك السلطات العشوائيسألنا عن الحال التي تستيقظ فيها بعلبك بعد يوم معركة دامية سقط فيها شهداء للجيش وأصيب آخرون بجروح، فكان الجواب أنه أمر عادي جدًا. وبالتالي فإن البعلبكيين باتوا معتادين على مثل هذه الحوادث إلى حد لامبالاتهم بنتائجها، وصار نمط حياتهم مبرمجاً على أساس تكرارها يومياً، ومن الطبيعي أن يستأنفوا الحياة الطبيعية مباشرة بعد توقف الرشقات النارية.
رغم إصرار الشابين على أنهما لا يمكن الدفاع عن مطلوب للعدالة، تحدثا عن أن التعاطي غير العادل مع أبناء المدينة يورط البعض بمشاكل حتى لو لم يكونوا راغبين بذلك. يروي أحدهما أنه استدعي للتحقيق بعد مقتل محمد بيان في جريمة الشراونة الأخيرة. والسبب كلام صدر عنه في لحظة انفعال. وهذا برأيه كفيل بأن يجعل غيره ينقم ربما على الدولة، فيرفض الامتثال أمام المحققين طالما أن المجرمين لا زالوا طليقين. ولكن عدم امتثاله يحوله مطلوبا، وهذا تمامًا ما يحدث مع بعض الشبان الذين تستسهل العصابات اصطيادهم، مستغلة نقمتهم على الدولة. وبين المطلوبين كما يروي الشاب عدد كبير ممن لم يكن لهم سوابق، وإنما تورطهم بمشاكل صغيرة جرهم إلى مشاكل أكبر منها.
في المقابل، وعلى رغم أهمية الرسالة التي أراد الجيش اللبناني أن يوصلها من خلال هدم "الربعة" المستخدمة في بيع المخدرات وتعاطيها، لا يرى البعض فاعلية عملية للهدم في ردع تجار المخدرات والخارجين على القانون في هذه المحلة. فهؤلاء ربما يتوارون لأيام عن الأنظار، ولكنهم سيستأنفون نشاطهم فور ركود ردود الفعل مجددًا، ما يجعل أهالي بعلبك يترقبون العملية المقبلة تلقائياً، مؤكدين أنهم سيعودون من بعدها إلى حياتهم الطبيعية، ويتصرفوا مجددًا وكأن شيئا لم يكن، طالما أن الحلول الجذرية غائبة. ومن بين هذه الحلول رفع الغطاء كليًا عن المرتكبين الكبار منهم قبل الصغار، وإلقاء القبض عليهم أحياء، ومحاكمتهم بشكل عادل، وعدم السماح بالتدخل حتى بمجرى القضاء، إلى النظر في ملفات الطفار والمطلوبين، والتعاطي مع كل ملف بعدالة تامة، وتتويج كل ذلك بنظرة إنمائية واقتصادية تخرج المدينة ومحافظتها من الحرمان وتجنب الشباب من الوقوع في إغراءات العصابات المالية. وحتى تتحقق هذه الأمور يبقى السؤال: متى موعد "المعركة" المقبلة في بعلبك وأين ستكون ساحتها؟


وكالات



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2024
top