2024- 07 - 02   |   بحث في الموقع  
logo هوكشتاين إلى باريس.. و"الحزب" مستعد للنقاش الإيجابي logo الانتفاضة السورية على تركيا... لا تُصرف في لبنان logo التيار الوطني يوضح: باسيل لم يتدخل بعمل القضاء logo شهيد لـ"الحزب" بالمواجهات.. وبلينكن يتخوف من حرب على لبنان logo ترامب ينجو من المحكمة العليا..وينال حصانة على أفعاله كرئيس logo الشمال السوري:اغلاق المعابر وقطع الانترنت..وجرحى برصاص القوات التركية logo الجامعة العربية تتراجع عن "التطبيع" مع حزب الله logo بلينكن:لا نقبل بعودة حماس أو بإحتلال إسرائيلي لغزة
جَلْد "التغيريين".. وجه آخر للحب
2022-06-03 19:56:16

بإعمال بعض من أدوات علم النفس، قد يبدو الكثير من النقد المركّز الذي يتعرض له النواب التغييريون الجدد، أقرب إلى الوجه الآخر من عُملَة التفاؤل المفرط في وصولهم إلى البرلمان، أو حتى رفعهم إلى مصاف الأيقونات. تماماً كما أن فرط الكراهية، في السينما والأدب والحياة، هو صورة المرآة المقعّرة عن بالغ الحب، والأد،ق عن الحب الهش، أو الذي بلا أمل. عن الناقدين من خارج اصطفافات العصابة المسيطرة، نتحدث.
هو نقد يتفاوت ما بين السخرية من معظم النواب التغيريين، أو تهشيمهم، تفكيك "عصمتهم" الحالمة، التشكيك في نواياهم... أو في أحسن الأحوال، التشكيك في قدرته على الصمود أمام ابتلاع المنظومة لهم وتدجينهم. الناقدون الشرسون، القساة في كثير من الأحيان، يقيّمون كل خطوة ونَفَس لكل من هؤلاء النواب، بشكل مختلف عن سخريتهم وصراخهم في وجوه رموز المنظومة. هذا نقد الخائف من خيبة أمل جديدة، الذي يحمي نفسه مسبقاً من الصدمة، تماماً كمَن يخاصم الوقوع في الحب خوفاً من انكسار قلبه. وفوق هذا، هو نقَد من يدرك أن كلامه سيصيب في منطقة موجعة، وربما يستمتع بقدرته الآن، دوناً عن أي وقت مضى، على تسديد لكمات يشعر بها سياسي كما هي، وتؤثر فيه، وتشغل باله (وهذه متعة فعلاً تُحسَب لمتلقّي النقد)... على عكس تلك التي تُوجّه إلى تماسيح الحُكم، القدامى والجدد. فهؤلاء الأخيرون أقوى وأحقر وأكثر تجذراً في ثقافة الاستقواء والفساد، من الشعور بأي شيء، إلا ربما بعض الغضب والاستفزاز الشخصي الذي يفضي إلى دعاوى قضائية همايونية واستدعاءات أمنية تشبيحية مكشوفة الطابع الترهيبي.هذا ليس للقول إن المنتقدين الضارين لا يملكون في الكثير من الأحيان، نواصيَ صواب. أو أننا يجب أن نستسلم لنشوة "انتصار الانتفاضة" في الانتخابات الأخيرة وتصديرها ممثليها. ولا بد من الإقرار بأن انتفاضة بحجم الألم والخسائر والأمل الذي اشتملت عليه "17 تشرين" – قبل أن تتحول كرنفالاً بلا قوة ضغط ولا حول ولا قوة أمام بلطجية "الثنائي الشيعي" وبعض أجهزة الأمن المُستَولى عليها حزبياً وطائفياً – كان يُفترض أن تصدّر أكثر بكثير من 13 أو 15 نائباً ونائبة إلى برلمان الـ128، وأن تلغي أكثر بكثير من بعض الأسماء الهامشية الملتصقة بأحزاب السلطة، وأن تخترق أكثر بكثير بلوكات ناخبي هذه الأحزاب/الطوائف. والمنتقدون محقون في ألا يتأملوا الكثير من حفنة نواب، مهما كانوا صادقين وشفافين، في بلد، منذ تأسيسه منقسم هوياتياً، طائفياً وحزبياً، في السياسة والاقتصاد والاجتماع، وهبّت عليه رياح "التغيير" مراراً من دون أن تنتج سوى الحروب والانهيارات، أو اللاشيء في أحسن السيناريوهات.أيضاً وأيضاً، هذا ليس للقول بأن النواب الجدد فوق النقد، أو أننا يجب أن نتعامل معهم بطريقة حمائية، كفتيات وفتيان أطرياء العود، نراعيهم ونربّت على "إيغوهاتهم"، فلا نستعجلهم ولا نضغط عليهم كيما يبلوروا شخصياتهم النيابية، تحت شعار "أعطوهم فرصة". بل أكثر من ذلك، على النائبات والنواب الجدد الاستعداد لصفعات من الأنواع كافة، سواء النابشة في أرشيف مواقفهم السياسية (وأحياناً العنصرية)، أو الرافضة والمستهزئة بأدائهم في مواقف معينة، أو حتى المشككة في أجنداتهم. فعندما يقرر المرء أن يخوض غمار الشأن العام، ويصبح بدوره شخصية عامة، بل مُنتخَبة، عليه أن يتعايش مع فكرة أنه مرمى مفتوح للجميع، للخصوم والأصدقاء والفئة المحتارة بين المُعسكرَين.أما وقد فُرِشت بَسطَة التفكير هذه، فإن جوانبها تتسع لكلام إضافي لا يقل عنها أهمية وجوهرية:هؤلاء النواب الجدد ليسوا كتلة واحدة، سواء فرحنا بتعدديتهم تلك، أو أخافتنا كمصدر محتمل للتشتت والذوبان. هم في النهاية أفراد، وإن اجتمعوا على عدد من العناوين العريضة السياسية والاقتصادية. وبالتالي فرزهم آتٍ لا محالة، مع الوقت، فَلتَرتهم، وربما لا يبقى منهم لشعارات الشارع، بعد الجوجلة، سوى عدد لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة... ولا بأس كبيراً في ذلك، رغم الرغبة والحاجة المُلحَّتين كي ينجحوا وتتسع رقعتهم. الرومانسية طعمها حلو، لكن رأب الجوع تلزمه سياسة الواقع، وهذه، خصوصاً في لبنان، قوامها الزمن، والزمن الطويل.هؤلاء أيضاً ليسوا نواباً في أشخاصهم، ولا حتى في كتلة أو كُتل وتحالفات، مرغوبة أو مكروهة. بل هم تجربة. من لحظة ترشحهم، مروراً بطريقة إدارتهم لحملاتهم الانتخابية ورسم معالم خطابهم السياسي، حتى لحظة فوزهم، ومشاغبتهم التي فرضت شيئاً من تقاليد الديموقراطية في الجلسة النيابية الأولى. التجربة هي الداعية إلى مراقبتها اليوم، مع الإقرار بأن رصدهم فرادى أمر ضروري وصحّي، وأيضاً من أجل "الظاهرة" التي أنتجتهم واشتغلوها بدورهم.هؤلاء ليسوا من أسقطوا، بنجاحهم ومعهم ممثلو السلطة، في الانتخابات، شعار "كلن يعني كلن"، كما قال النائب الاشتراكي هادي أبو الحسن في مقابلة تلفزيونية، إذ اعتبر أن الشعار الآن هو "كلنا يعني كلنا جوّا". ولا هُم، كما يقول مشكّكون، أصبحوا جزءاً من السيستم بمجرد أن دخلوا ساحة النجمة. فالسيستم و"كلن" والمنظومة شيء، فيما المقاعد النيابية شيء آخر. الأعراف، ولعبة المحاصصة والتوافقات، الصفقات المتبادلة فساداً وجرائم وتفجيرات وزبائنيات وتنفيعات، هي "الشيفرة" الخفية-المُعلنة للعمل السياسي اللبناني، أرستها عقود وعقود من تراكم الممارسات والحروب، الانتصارات والإلغاءات والهجرات. هذا هو "السيستم" الموازي الذي لا ينكر أحد أنه أصبح المتن، بتواطؤ جماعي يتلطّى خلف الدستور والقوانين التي يحرّفها بما يخدم تفاهمات قميئة كبرى وصغرى. أما "السيستم" الأم، أي المؤسسات، ومنها مؤسسة المجلس النيابي، فيمكن لمن يختار الانتساب إليها ككيان دستوري دولتي – ولو بقانون فرانكشتايني نسبي أكثري طائفي هجين، وبالاستفادة من تناقضات الأقطاب المهيمنين مع توظيف حنكة سياسية وشعبية ما – أن يحتفظ بصفته المُعارِضة للسلطة، من داخلها. بل إن هذا هو المطلوب والمُفترض في مَن يُنتخب كسلطة لمراقبة السلطة ومحاسبتها، وإيصال أصوات الناس كي تُترجَم في طرح/منح "الثقة" وإطلاق "الاستجوابات" وحجب/ابتداع نصوص تشريعية وفقاً للمصلحة العامة ومعايير المواطنة.ثمة من ستبتلعه المنظومة، أو أنه مُهادنها سلفاً. وثمة من سينحاز إلى ايديولوجيات سابقة على "17 تشرين" أو سيعاود الارتياح لجذور قديمة تناقض الأزمة الراهنة. لكن ثمة أيضاً من سينتصر للتجربة وبها. تجربة خطاب وأداء نيابي مختلف. حقيقي، ديموقراطي، شفاف، ينحاز للمواطن والحقوق. هذا لن يكون النجم في شخصه، بل الحالة هي التي ستستجمع نفسها لتكبر في استحقاقات انتخابية وغير انتخابية مقبلة، وتتسع. التغيير، اللهم إن لم يُستخدم سلاح الاغتيال، هو مراكمة... لملامح فكلمات فخطاب، قد تبدأ – لم لا؟ - بتغريدة مشتركة كالتي أُطلقها اليوم 10 من أصل 13 نائباً تغييراً في وجه نائب رئيس المجلس الياس بو صعب. والمحكّ الأهم آتٍ بلا تأخير، في ملفات خطة التعافي، وحقوق المودعين في المصارف، وانفجار المرفأ،... وهذه ليست إلا رؤوس جبال الجليد.


وكالات



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2024
top