يجتمع النواب التغييريون اليوم الخميس لتقييم تجربة انتخابات رئيس المجلس النيابي وهيئة مكتب المجلس، وما سبقها من خلافات جوهرية في كيفية العمل في المرحلة المقبلة.
ويفترض أن يناقش النواب ملابسات تلك التجربة، وكيفية اتخاذ القرار وتوضيح بعض الأمور، وحسم الجدل حول بعض الخلافات والتوجهات، التي أدت إلى انتخاب النائب غسان سكاف، والتي كادت تفجّر تكتلهم النيابي حتى قبل الدخول إلى المجلس يوم الثلاثاء الفائت. خلاف جوهريوتفيد مصادر متابعة أن الاجتماع الذي يعقده هؤلاء النواب اليوم قد لا يكون حاسماً لناحية انفراط عقد تكتلهم النيابي، الشكلي حتى الآن، والذهاب إلى تشكيل أكثر من كتلة نيابية. لكن الخلاف بين النواب حول كيفية مقاربة العمل النيابي، وترجمة تصويت اللبنانيين للتغييريين ليس ثانوياً، بل جوهري، طالما أن التجربة الأولى كادت تجعلهم طرفاً في الاصطفاف اللبناني التقليدي، الذي تطمح إليه بعض القوى السياسية، لاستعادة تموضعات 8 و14 آذار. هذا فيما طموح من انتخب قوى التغيير هو بعدم دخول نوابهم في أي اصطفاف، وأن لا يحسبوا لا على محور 14 آذار ولا محور 8 آذار.
وتؤكد المصادر أن هذه المقاربة للسياسة لا تعني أن النواب الـ13 يجب أن يكونوا نواب "النقاء الثوري" وغيرها من المسميات، بقدر ما هي مقاربة للعمل السياسي في لبنان بشكل مختلف عن موبقات السياسة السائدة التي أدت إلى الانهيار الحالي. لا لسياسة المحاوروأضافت المصادر أن النواب سيناقشون كيفية مقاربة استحقاق تكليف رئيس الحكومة الجديد والاستشارات النيابية، والبحث بانتخاب اللجان النيابية وكيفية خوض معركتها. لكن هذا الأمر متوقف على تقييم المشاركة في انتخاب رئيس المجلس النيابي ونائبه، وإذا كان النواب سيتوافقون على كيفية العمل بتكتل موحد في المرحلة المقبلة. فقد كشفت هذه الانتخابات أن لا أكثرية لطرف على آخر في المجلس النيابي الحالي، بل يوجد توافقات جانبية غير متجانسة، تشي أن سياسة المحاور ما زالت قائمة، وسياسة المحاصصة والتوافقات أيضاً. ما سيتوجب على النواب التغييريين تشكيل كتلة تخوض كل المعارك المقبلة، ولا تختلف أو تتفق مع أي جهة دون أخرى، إلا لما فيه مصلحة المواطن والبلد، والتغيير الحقيقي فيه. غير ذلك لا مبرر للدخول في سياسة المحاور والوقوف مع طرف ضد آخر، كما يطمح بعض النواب. فلا في موضوع سلاح حزب الله والسيادة، يريدون الاصطفاف مع طرف ضد آخر، ولا في الشق الاقتصادي كذلك. بل يجب على النواب التغييريين التوافق على مقاربة مشتركة تعيد تعريف معنى السيادة بكل جوانبها السياسية والاقتصادية والاجتماعية. خسارة مزدوجةووفق المصادر، الخلاف كبير مع بعض النواب حول هذه الأمور، ولا يمكن التوفيق بين الطروحات المتناقضة، إلا إذا اتفق الجميع على برنامج عمل مشترك وواضح. غير ذلك من الأفضل تشكيل كتلتين نيابيتين، أو ربما ثلاث كتل، صغيرة ومتجانسة، تتعاون على المواضيع المشتركة.
وتضيف المصادر أن الأبواب غير موصدة بينهم رغم وجود خلافات جوهرية. لكن البقاء في تكتل واحد يشترط التوافق على رؤية سياسية واقتصادية موحدة، وهذا ما يعمل البعض عليه. فثمة استحقاقان مهمان مقبلان هما الاستشارات لتسمية رئيس الحكومة وانتخاب اللجان النيابية. ما يستوجب الاتفاق على تسمية شخصية لرئاسة الحكومة مستقلة مئة بالمئة، تكون حكومته من خارج الحصص السياسية المعتادة. أما الدخول في تسميات تحت عنوان الشخصيات المستقلة وتكون حكومته عبارة عن حصص حزبية تحت مسمى تكنوقراط وخلافه، فلا مجال للمساومة على هذا الأمر. ما يعني أن على النواب الـ13 الاتفاق على الشخصية المستقلة وحكومته وعرضها على جميع القوى السياسية من دون أي استثناء. وفي حال رفض الطرح، لا يدخل النواب التغييريون بأي بازار. وهذا يسري على انتخاب اللجان النيابية وعلى استحقاق انتخاب رئيس الجمهورية. غير ذلك سيكرر بعض النواب تجربة انتخاب غسان سكاف والدخول في لعبة المحاور، وتكون الخسارة مزدوجة: خسارة الانتخابات بالمعنى التقني، كما حصل في تجربة سكاف، وخسارة المصداقية الشعبية.