2024- 06 - 30   |   بحث في الموقع  
logo احتمالات التسوية جنوباً تزداد ولبنان يحضّر مسودة التجديد لليونيفل logo هذا ما يجري فوق مناطق لبنانية عدة logo حريق في هذه المنطقه ..ومناشدة للدفاع المدني! logo أيمن الحريري عن شقيقه سعد: “”‏Selfless‏”‏ logo إيقاف مباراة ألمانيا والدنمارك في يورو 2024 logo الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل جنديين في غزة logo "للتدخل العاجل"... البحرين تدعو لتجنب التصعيد العسكري بين لبنان وإسرائيل logo "تستحقون التدمير"... كاتس: على حزب الله الإنسحاب من الجنوب
خبث اللغة أم خبثنا
2022-05-31 15:26:11

إن كنا نحيا في الإفتراضي، فما مصير اللغة؟ كيف سيكون حالها، هل هي في حالة تصادم مع هذا الواقع الإفتراضي؟ أم هي تعبّر عنه تعبيراً صادقاً، وتميط اللثام عن واقعة كذبه وافتراضياته وريائه...كل الظنّ أنها لا تكشف الزيف ولا تتصادم معه، بل قل هي تتعايش معه لأنها تشبهه وتكمله، أي الواقع الإفتراضي، لأنها مثله زائفة وكاذبة وحمًالة أوجه، وتؤدي أدواراً عديدة في آن معاً، لذلك تجدهما: الواقع الافتراضي واللغة متعاونان، منسجمان وإن كان الأمر يبدو كلوحة فوضوية غير متناسقة، إلا أنها مجتمعة معاً تكون شيئاً واحداً، موضوعاً واحداً، شخصية واحدة. عندها يمسي السؤال مشروعاً عن مدى قدرة العقل على الصمود في وجه عبثية الواقع في افتراضيته و"خبث اللغة" كما وصفها أحدهم ذات مرة.تتعاون اللغة مع الواقع الإفتراضي الذي نعيشه على شكل تمثيل، فيلتقي زيف اللغة وخبثها، وتعبّر عن أشياء كثيرة لطبيعتها حمّالة الأوجه معه، أي تمثيل واقع افتراضي وذلك لتمرير حياة ومقاصدها وغاياتها. هناك حرص على إبقائها مضمرة الأهداف وطي الكتمان من قبل اللاعبين لإدوارهم المنتقاة بعناية والمشكًلة بجهد وتعب قَلّ نظيرهما. لذلك هنالك حرص على التستر، وهو ما يجعل تعاون هذا الواقع الافتراضي مع اللغة ضرورياً، وإن بديا للوهلة الأولى إنهما متصادمان، الاً أنهما في حقيقة الأمر ضروريان لبعضهما البعض ومتعاونان.إذا كان الواقع صلباً ولا تميط اللثام عنه اللغة، بل هي تتعاون معه لأجل إخفاء النوايا والمقاصد، وطالما أنه لا أحد يجاهر بالحقيقة حتى أثناء رواية الشهود لما جرى. إذن، هايدن وايت على حق: "التاريخ وروايته أو كتابته تشبه كتابة الرواية، والمؤرخون عبارة عن كتّاب روايات".وآنَ لنا أن نعرف حقيقة ما جرى، وهل لنا أن "نعرف أسباب ودوافع الأحداث التي جرت وتجري"، كما أكد ميشال فوكو على استحالة هذه المعرفة في أحد كتبه، لذلك كانت حنة آرندت أيضاً على حق عندما قالت إنه "مهما جرى التنبؤ وطرح كافة الاحتمالات في السياسة لا بد أن الواقع سيحمل مفاجآت لا يتوقعها أحد، وذلك بفعل الواقع الصلب وتعاون اللغة على إخفاء مقاصد اللاعبين". اللغة ليست خبيثة يا دولوز كما صرحت نقلاً عن ميشال فوكو في كتابك عنه "المعرفة والسلطة". إنما نحن البشر الخبثاء، وبسبب خبثنا نعطي للأسماء ألف معنى، وللمعنى الواحد ألف اسم، ونسمي الأمر تراكماً وتطوراً للغة ولدلالات أسمائها ومعانيها وأشيائها. وهذا الأمر الذي نقول يعارض ما بذل بول ريكور جهده لإثباته في كتابه "الاستعارة الحية"، مجهدا نفسه كي يعقد المسألة نظرياً. فات الجميع خبث البشر، فهم في أثناء سعيهم لارتكاب شرورهم وعصيان القيم والأخلاق، مهما كان مشربها أو نوعها، وسعوا قاعدة بيانات معاني الكلمات والأشياء وتعدّد الأسماء للمعنى الواحد ليسهل عليهم التفلت من القيم والأخلاق وسمذوا ذلك اغتناءً للغة وتطوراً لها.
أن الإنسان جُبِلَ على الشر وغاياته ومقاصده من طينة جِبْلِته.ربّما المعنى الوحيد والحقيقي كامن في صراع الإرادات المضمرة والإرادات المضمرة المضادة. لكن آنَ لنا آن نضمن الرسو بعد الصراع على نتائج ثابتة، توثق حقائق واقع هذه الصراعات في ظل الميوعة التي هي عليها الحقائق، فهي لا تني تتغير بعد هنيهة من انتهاء مرحلة صراعية. فالواقع الصلب واللغة الخبيثة المتعاونة اللذان يخفيان أهدافنا وغاياتنا ويتضدان معاً، سيباشران فعلهما من جديد بعد تباطؤ هذا إن تباطأ، فالحياة عنوانها الحالي السير قدماً على إيقاع القلق والتوتر والصراع الذي لا رحمة فيه لأحد.تبدو الحياة عبارة عن خطط مضمرة وخطط مضمرة مضادة. فمن أين تأتي السكينة والشاعرية والاحساس بدفء الأمكنة والظلال والمياه وأحلام اليقظة؟ هل بات ممكناً لنا أن نشعر بها من جديد كما نظّر ودعانا الى ذلك في العديد من كتبه، غاستون باشلار. هل بإمكاننا أو هل بمقدورنا الانسحاب إلى ظلال الشاعرية والعالم بات مقلقاً إلى هذه الدرجة. هل نضمن أن الحياة لن تداهمنا ونحن في حلم يقظة ما؟الأرجح أن "عالم الأمس"، كما سمى ستيفان تسفايغ أحد كتبه، قد انسل منّا الى غير رجعة مودعاً وآخذاً معه الروعة وسحر الأمكنة وظلال الشجر والالفة مع الذكريات؟ هناك استحالة في استعادة بضع لحظات منها ولو سرقة في كل الأمكنة التي تحدث عنها كاتبنا الأثير..


وكالات



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2024
top