2024- 06 - 19   |   بحث في الموقع  
logo معارضو قانون التجنيد بازدياد..ونتنياهو:لا وقت للسياسات التافهة والخطرة logo "القيادة الأميركية" تعلن اغتيال قيادي داعشي في سوريا! logo طلال أبو غزالة يتنبأ بحرب ستهز العالم ويكشف لأول مرة سر ثروته ونجاحه: فرصة للشباب بمليارات الدولارات logo 3 طلبات لِحنكش من لجنة الإقتصاد! logo "لا حصانة لبيروت"... اسرائيل: العد التنازلي لردنا القوي بدأ! logo "واجبنا تغيير الوضع"... غالانت: حزب الله بدأ الحرب! logo قبرص تعليقاً على تهديدات نصرالله: سنرد بالطبع! logo أدرعي: أين لبنان ومصيره في عقول هؤلاء اللبنانيين؟ (فيديو)
"لعوب" آني كركدجيان... أعضاء حميمة لا تنتمي إلى الجسد
2022-03-25 12:56:20

إتخذ معرض آني كركدجيان، المقام لدى LT غاليري، عنوان Ludique، أي ما معناه "لعوب". عبارة اللعب، هنا أو حتى في شكل عام، قد تكون لها مدلولات شتى. أول ما يخطر في بالنا هم الأطفال، ممن لا حياة حقيقية لديهم، في المعنيين البيولوجي والنفسي، ما لم تقترن بمّا يمكن أن يحرّك أعضاءهم الطريّة، ويشحذ ذكاءهم، وقدرتهم على الابتكار. وإذ صار أطفال اليوم يجدون أمامهم ألعاباً جاهزة، فإن أطفال الأمس كانوا من أصحاب الإختراعات، والفانتازيا متعددة الجوانب.ويبدو أن طفولة آني كركدجيان، التي كان من المفترض أن تمر فصولها كما تمر سنوات أطفال عاديين، لم ترقَ إلى هذه الدرجة من الفرح البريء، ولو في شكل نسبي. عانت الحرب، التي لم توفّر الكثيرين من شرّها، وإن كان بعض هذا الكثير بقي بعيداً من الآتون المشتعل، ولو من حيث المسافة التي قد لا تتعدّى أحياناً مئات الأمتار، في حين أن الفنانة وجدت نفسها مصابة في الصميم. فقدت كائناً عزيزاً في ظروف أقل ما يُقال عنها أنها مأسوية، أكان من حيث طبيعة الحدث، أم من حيث طريقة اكتشافه. "الطفل هو أبو الرجل"، يقول فرويد، عبارة لا بد أن كركدجيان تعرفها، وهي التي درست علم النفس، وعلم اللاهوت أيضاً. التغلّب على المصاعب ليست مسألة سهلة، لكن تخطّي ثقل التجارب الماضية ممكن، حين يقترن بالإرادة، وبإحلال العمل مكان اليأس، ليطغى الأول على الثاني، ويبدّل مفاعيله السلبية محوّلاً إياها طاقة تُجيّر في إتجاهات أخرى.
أحد هذه الحلول- الأجوبة على حوادث الماضي وعلى أسئلته، وربما أهمها، كان الإنصراف إلى الفن والخوض في حقوله الشاسعة. كل ما ذُكر كان ضرورياً من أجل مقاربة أعمال آني كركدجيان، التي، ومن الناحية التشكيلية، لا تندرج ضمن أسلوب واقعي في المعنى المعروف، والمتفق على بعض شروطه غير المطّاطة، وذلك بالرغم من توافر العناصر التمثيلية في لوحاتها، مما يجعل المتن واضحاً، وليس في حاجة إلى تأويل أو إستنطاق للمفردات. أجساد كركدجيان لا تمتثل للعلم التشريحي، الذي يشكّل مادة تأسيسية في التربية الأكاديمية، أكان ذلك من حيث النسب، أم من حيث التكوين البيولوجي. هذه النظرة التشكيلية الخاصة إلى حركة الإنسان المألوف بعضها، وبعضها الآخر الغريب البعيد من المألوف، تصوّر الجسد الإنساني مادة ليّنة، وكأنها بين يدي طفل يطوّعه لإتخاذ وضعيات غير عادية.كما ينبغي القول إن هناك سعياً إلى تحوير من نوع مختلف، يحرّف المرئي، وقد يسخر من عادياته في مكان ما. ثمة موقف إعتراضي على المألوف، وكأن رسوم الفنانة هنا ليست سوى وسيلة تقوم مقام "الصمّام الذي يسمح بتصريف البخار المضغوط"، كما كُتب، ذات يوم، عن أعمال التعبيري الألماني جورج غروس، الذي رسم في شكل محوّر ومشوّه "جرحى الحرب الأشاوس" و"الضبّاط المتغطرسين"، وذلك كي يثبت "هزالة النمل المضحك ذي الحقد المميت" الذي يمثل العالم المحيط به. وإذا كان غروس (والمقابلة هنا شكلية ويستوجبها الإستطراد) قد رسم بغايا وعاطلين عن العمل وكسالى ومشوّهي حرب بالجملة، فإن الفنانة "استفردت" كائناً واحداً، أو إثنين، لتعبث به، وتحمّله مشاعر تتراوح بين الخوف والغضب واليأس... والهاجس الجنسي. هذا الهاجس يحضر في أحيان كثيرة على نحو إستفزازي، لا يقيم وزناً زائداً لمسائل الحياء، التي ليست سوى ذخر إعتباطي، بالغت في إرسائه في النفس أنماط تربية تقليدية، تنظر إلى الأعضاء الحميمة نظرة واجلة، وكأن هذه الأعضاء لا تنتمي إلى الجسد، بل إلى عالم خارجي هيولي منفصل عن الإنسان.لذا، ليس من المستغرب أن تثير أعمال الفنانة صدمة لدى البعض، كالتي أثارها كوربيه، في زمن مضى، من خلال عمله الشهير، الذي يجتمع حوله المشاهدون في متحف "أورسيه" بالعاصمة الفرنسية. وفي أعمالها، التي نحن في صددها، والتي نُفذ معظمها أو كلها على الورق، لا تعتمد كركدجيان اللون في تدرّجاته وتنوّعاته المختلفة، بل تلجأ إلى الأقلام المختلفة في أحجام خطوطها، كي تصنع مساحات ذات قماشات متفاوتة من حيث كثافتها وطبيعة سطوحها. هكذا، تكون اللوحات المعروضة، كما التي كانت الفنانة أنجزتها في مراحل سابقة، يطغى عليها النمط المونوكرومي، من دون أن يقلل هذا الأمر من مردودها الشعوري، بل يضفي عليها طابعاً درامياً تعبيرياً في المعنى الفني. هذا الطابع كان وجد منابعه في الداخل اللاواعي، وفي تقلّبات الظروف ومصاعب الحياة، وقد استطاعت أن تنقله الفنانة إلينا بأمانة تشكيلية واضحة.


وكالات



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2024
top