استكمالًا للمساعدات العينية التي تقدمها السلطات التركية للمؤسسات العسكرية في لبنان، رست الإثنين في مرفأ طرابلس، سفينة "الإحسان" الغذائية الآتية من تركيا، لأفراد العسكريين وعائلاتهم.
وفي حين تتكثف الأسئلة حول أهداف تقديم مساعدات دورية للبنان، تفيد معطيات تطرق إليها أمين عام الهيئة العليا للإغاثة، اللواء محمد خير، أن هذه الشحنة، وصلت بناءً على طلبٍ مباشر وجهه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أثناء زيارة الأول لأنقرة في شباط الفائت. مساعدات العسكريين وفي التفاصيل، رست سفينة "الإحسان" العائدة لرئاسة إدارة الكوارث والطوارئ التركية "آفاد"، محملة بمساعدات غذائية، جرى تفريغها في مرفأ طرابلس، بحضور السفير التركي في لبنان علي باريش اولوسوي، اللواء محمد خير، إلى جانب مسؤولين من وزارة الداخلية والمرفأ.
وصرح السفير التركي، أن هذه السفينة توجهت للبنان بتعليمات من الرئيس أردوغان، وهي الجزء الأول من حمولة يبلغ وزنها 524 طنًا من المساعدات العينية.
واحتوت الحمولة على أصناف غذائية عديدة وحليب للأطفال، تلبية لاحتياجات أفراد الأجهزة الأمنية وعائلاتهم.
وتحدث السفير عن حمولة جديدة من المساعدات التركية مؤلفة من 18 شاحنة، ستصل قبل نهاية الأسبوع المقبل إلى طرابلس؛ إضافة إلى توجه تركيا لإرسال سفينة "الخير" قبل حلول شهر رمضان، وسيكون على متنها نحو ألف طن من المساعدات الإنسانية والغذائية، ستوزع على العائلات المحتاجة. أهداف الحضور وواقع الحال، أبدت تركيا في الآونة الأخيرة اهتمامًا بتقديم المساعدات للجيش، عبر 3 بواخر من المساعدات العينية وصلت تباعًا. كما سبق أن أرسلت مساعدات وعتادًا وألبسة لموظفي مديرية قوى الأمن الداخلي.
وتشير معطيات إلى أن السلطات التركية تجاوبت سريعًا مع مطلب ميقاتي، الذي عبّر صراحة عن حاجة لبنان لمساعدة السلك العسكري، وتحديدًا على مستوى الغذاء؛ في حين تعجز السلطات اللبنانية عن تغطية النفقات الغذائية للعسكريين، وتفرض عليهم منذ أشهر تقنينًا قاسيًا في كمية الأطعمة ونوعيتها، كما حذفت معظم أصناف اللحوم من قائمة مطابخ الخدمة العسكرية.
سياسيًا، تشير المعلومات إلى أن تركيا لم تطلب من لبنان أي مقابل لمساعداتها العينية الدورية، لا بالمعنى السياسي أو الدعائي، وأن ما يهمها راهنًا، هو عدم اهتزاز الأمن في لبنان، وحماية المؤسسات الأمنية من الانحلال، في ظل انشغالها بملفات إقليمية ساخنة أكثر أولوية من لبنان. ويرى مراقبون أن تركيا لم تتجه بعد للعب دور سياسي مؤثر ومحوري في لبنان، رغم كل الأسهم الموجهة نحوها، واتهامها ببناء أرضية مؤيدة لها، وتحديدًا في مناطق ذات الثقل السني مثل طرابلس، حيث تكثر المشاريع التركية الخيرية والتراثية. ومنذ انكفاء السعودية عن الاهتمام بلبنان وبالمناطق ذات الغالبية السنية، وما تبعها مؤخرًا من انفراط لعقد تيار المستقبل، وما تمثله تجربة الحريرية السياسية من عمق خليجي، كثر الحديث عن التقدم التركي كبديل لشرائح سنية تبحث عن غطاء اقليمي، خصوصًا أن بعضها يعبر عن إعجابه بالتجربة التركية وتأييده لأردوغان وخياراته السياسية الإقليمية.
في حين، لم يتضح شكل التأثير السياسي التركي في لبنان، ويبدو أن حجم ما يُقال ويُروج له، أكبر من الواقع بكثير، في ظل تلاشي معظم من يعبرون عن تأييدهم لتركيا قبيل الانتخابات البرلمانية، وعدم امتلاكهم لأدوات فاعلة في مخاطبة الرأي العام والتأثير عليه.
وهنا، يعتقد كثيرون أن تركيا بمشاريعها التنموية المحدودة ومساعداتها العينية للمؤسسات العسكرية، تسجل حضورًا غير مكلف في لبنان، مستفيدةً من ارتداداته والنقاشات الدائرة حوله، خصوصًا أن ملف لبنان قد يتقدم لاحقًا على قائمة أولوياتها، في حال طرأت تطورات مهمة في ملفات لبنانية ساخنة اقليميًا، كترسيم الحدود مع اسرائيل والتنقيب عن الغاز والنفط.