في زيارة هي الأولى منذ توليه منصبه، جال وزير التربية والتعليم العالي، عباس الحلبي، في طرابلس وجوارها، متفقدًا بعض المدارس والثانويات الرسمية، يرافقه المدير العام لوزارة التربية بالتكليف عماد الأشقر ووفد من الوزارة. فغلبت المواساة العاطفية على خطابه، راميًا الكرة لدى حاكم مصرف لبنان! جدول اللقاءات وكانت بداية الجولة من المنطقة التربوية في طرابلس، ثم انتقل إلى مدرستي "مي الثانية" و"سليمان البستاني" الرسميتين في طرابلس، ومن بعدها إلى ثانوية البداوي الرسمية، وختم زيارته بلقاء أكثر من 100 مدير/ة في مبنى "بيت الفن" بطرابلس، بحضور النائب علي درويش، وعدد من مستشاري رئيس الحكومة نجيب ميقاتي.
ووصف الحلبي جولته الشمالية بالمفيدة، إذ "رأيت نموذجًا عن واقع المدارس الرسمية على الأرض، وبعضها يعاني من وضعٍ تعيس على مستوى البنى التحتية، ونسعى لمعالجة أوضاعها سريعًا، واستوقفتني رغبة التلاميذ بالتعلم"؛ وقال مازحًا: "كانوا الطلاب مع الوزير ضد الأساتذة لجهة رفض الاضراب". مواساة المدراء وفيما كانت جعبة المدراء والمديرات، مليئة بالمطالب والاحتجاجات على أوضاعهم المالية والقيود المصرفية على مدارسهم، استبقهم الحلبي بخطاب عاطفي عبّر فيه عن امتنانه لجهودهم، داعيًا الجميع لتحمل الظروف الصعبة والمعاناة من أجل الطلاب ومستقبلهم.
وعلى هامش اللقاء، قالت مديرة مدرسة ابن خلدون الرسمية أحلام حلواني لـ"المدن": "انتظرنا زيارة الوزير لكننا لا نتوقع أن تحدث فرقًا، لأن معاناتنا تتفاقم يوميًا على مستوى النقليات وسقوف السحوبات في المصارف التي أضحت لا تغطي كلفة المحابر لماكينات التصوير، فيما جميع فواتيرنا من مستلزمات مدرسية ومحروقات ضُربت بعشر أضعاف".
وذكرت أن المدارس الرسمية التي تضم عددًا كبيرًا من الأساتذة المتعاقدين، تعاني من اكتظاظ كبير، بعد النزوح الذي شهدته من المدارس الخاصة. مشيرة أن الطلاب حتى الآن خسروا نحو 20% من الأيام الدراسية، معبرة عن خشيتها من خسارة المزيد في الأيام المقبلة إذا ازدادت الأوضاع سوءًا". ماذا حملت رسائل الوزير إلى المدراء؟ في البداية، سعى الحلبي للتعبير أمام المدراء، عن حجم التحديات التي تواجهها وزارة التربية، تأثرًا بالأوضاع الاقتصادية والاجتماعية؛ قائلًا: "دخلت الوزارة بلا أجندة سياسية، ووجدت حالة فراغ وفوضى كبيرة على المستويات كافة".
وذكر الوزير أن أزمة التعليم الرسمي أشد تعقيدًا، لأنه مقيد بموازنة محدودة خسرت قيمتها، ما دفع الوزارة للجوء إلى الجهات المانحة.
وحول الحوافز المالية للأساتذة، قال الوزير إن وزارته "واجهت أزمة بسبب أن الإدارة والمناطق التربوية غير جاهزين تنظيميًا، ما أدى إلى تأخير دفعها". أموال محجوزةثم تطرق إلى "انجازاته" الوزارية قائلًا: "للمرة الأولى في تاريخ وزارة التربية أصبح لدينا لوائح حصرية بأعداد وأسماء أساتذة الملاك والمتعاقدين وعمال المباني وكل العاملين ضمن إطار المدارس"، وأن الأمر استغرق نحو 4 أشهر.
ولأول مرة بتاريخ وزارة التربية، وفق تعبير وزيرها، "دخل إلى صندوقها هبات بقيمة 313 مليار ليرة، وزعتها الوزارة على جميع المدارس والثانويات الرسمية قياسًا لأعداد الطلاب".
لكن المشكلة، أن هذه الأموال عالقة في المصارف وفق الوزير، وقال: "إن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة أبلغنا أنه لا يستطيع وضع هكذا مبلغ بالسوق النقدي، حتى لا يفاقم التضخم وتدهور الليرة".
وتابع موضحًا: "اتفقنا مع سلامة، أن نعطي المدارس في الفترة الأولى، ما يتيح لها تغطية مصاريفها الأساسية لتتمكن من تسيير العام الدراسي، لكن أزمة المصارف والليرة تفاقمت وأعاقت خطتنا".
وعن صرف مساعدة الـ90 دولار للأساتذة، أشار الحلبي إلى أنه تم دفعها لنحو 47 ألف اسم، لكن هناك نحو 50 ألف اسم ليس لديهم حسابات مصرفية، فأرسلت الوزارة حصتهم لصناديق المدارس وعلقت هناك بسقف السحوبات المفروضة.
وخاطب المدراء بوضوح: "هناك أمور نستطيع كوزارة تربية حلها، لكن هناك قضايا تتجاوز قدرتنا وسلطتنا، خصوصًا حينما يتعلق الأمر بقرار السلطات النقدية ومصرف لبنان". مناهج جديدةوأفاد الحلبي أنه يعمل على السماح بسحب الراتب مرة واحدة من المصارف، في حين طالب بعض المدراس بادخال الحوافز بالراتب بدل احتسابها كمساعدة خارج الراتب.
توازيًا، أعلن الحلبي أن الوزارة عبر مركزها التربوي، بصدد إعلان الإطار الوطني للمناهج الجديدة للعام المقبل، على أن تأخذ بالاعتبار الفاقد التعليمي الكبير الذي يعاني الطلاب بعد نحو عامين ونصف من الأزمة.
وختم قائلًا: "مصرون على استمرار العام الدراسي الحضوري، وألا نسمع للكلام التنظيري حتى لا نسجل مزيدًا من الخسائر على المستوى الأكاديمي، وعلى الجميع تحمل مسؤوليته في الأزمة".