استكمالاً للإجراءات الرسمية، قرّرت الدولة اللبنانية اليوم تكليف الهيئة العليا للإغاثة إجلاء الرعايا اللبنانيين من أوكرانيا. فالتقى اليوم السبت رئيس الحكومة نجيب ميقاتي مع وزير الخارجية والمغتربين عبد الله بو حبيب في إطار متابعة أوضاع اللبنانيين في كييف، بحضور الأمين العام لمجلس الوزراء محمود مكيّة والمستشار الدبلوماسي للرئيس ميقاتي السفير بطرس عساكر. وأعلن بو حبيب بعد الاجتماع أنه "تقرّر تكليف الهيئة العليا للاغاثة إجلاء الرعايا اللبنانيين المقيمين في أوكرانيا والذين لجأوا إلى بولندا ورومانيا، جواً، في موعد يحدد لاحقاً، ووفقاً لظروف ومعطيات يعلن عنها في حينه بالتشاور مع سفارات لبنان في أوكرانيا وبولندا ورومانيا". وقال بو حبيب أنه "تبيّن عدم وجود ممرات آمنة لتاريخه لمغادرة أوكرانيا، ولذلك ننصح اللبنانيين الموجودين فيها حالياً البقاء في أماكن آمنة لحين جلاء الأمور. أما بالنسبة إلى اللبنانيين الذين قرّروا التوجه إلى المعابر الحدودية على مسؤوليتهم الشخصية، فيطلب منهم اتخاذ أقصى درجات الحيطة والحذر حفاظاً على سلامتهم".واقع اللبنانيينلا يزال أكثر من 200 لبناني ولبنانية عالقون داخل العاصمة الأوكرانية، مع اشتداد أصوات المعارك والقذائف التي تستهدف كييف. وفي هذا الإطار، يؤكد أحد المعنيين المباشرين بأوضاع الجالية اللبنانية في أوكرانيا، علي شريم، في اتصال مع "المدن" على أنّ "الطلاب اللبنانيين في أوكرانيا متروكون لمصيرهم، نحاول قدر الإمكان تأمين المواصلات اللازمة لجمعهم ونقلهم إلى الحدود الغربية". وشدّد شريم على أنّ الأوضاع بدأت تتفاقم أكثر مع اشتداد القصف على العاصمة الأوكرانية، إذ "أغلقت محطات الوقود أبوابها وكذلك المؤسسات التموينية، حتى أنه بتنا عاجزين عن تأمين المحروقات لجمع الطلاب ونقلهم إلى خارج كييف، مع العلم أنه سبق وعمّمنا الإجراءات اللازمة من أجل ملء خزانات وقود السيارات، للمحافظة على قدرة الحركة في هذه الظروف العصيبة". ويشير شريم إلى أنه تمّ نقل مجموعات من الطلاب إلى خارج كييف خلال الساعات الماضية، إلا أنّ "هذه العمليات توقّفت بالكامل منذ صباح اليوم. إذ باتت الحركة صعبة خصوصاً مع استهداف طرقات رئيسية في محيط العاصمة". وأضاف أنّ "مجموعات من الطلاب اللبنانيين تمكّنت من التوجّه عبر القطار إلى غرب أوكرانيا، لافتاً إلى أنّ المجموعات تنقسم إلى وجهتين، باتجاه مدينة لافيف للتوجّه بعدها إلى حدود بولندا أو رومانيا".عالقون في العاصمةوبناءً على صعوبة الحركة على المستوى الأمني واللوجستي، بقي أكثر من 200 من الطلاب والطالبات اللبنانيين في كييف، حسب ما يؤكد شريم. وتمّ إعطاء التوجيهات اللازمة لهم بالبقاء في الأماكن الآمنة مع المواطنين الأوكرانيين، داخل مواقف السيارات أو حتى الأبنية لحين إيجاد الحلول اللازمة لإجلائهم من العاصمة. وفي هذا الإطار، أكد عدد من أهالي طلاب في أوكرانيا لـ"المدن" على أنّ الاتصالات لا تزال قائمة مع أبنائهم حتى هذه اللحظة "إلا أنّ الظروف تزداد صعوبة في ظلّ انقطاع التموين، والأمور خرجت عن السيطرة".متروكون لمصيرهموفي تعليق على دور البعثة الديبلوماسية اللبنانية في أوكرانيا، يؤكد شريم والأهالي بأنّ "الطلاب واللبنانيين عموماً متروكون لمصيرهم، فالخط الساخن الذي وضعته البعثة بتصرّف الجالية بارد جداً. إذ يتمّ الإجابة على اتصال واحد من أصل عشرة، والإجراء الوحيد الذي تمّ اتخاذه أنه تمّ إسقاط شرط الخضوع لفحص PCR للراغبين في العودة إلى بيروت". فيستخلص هؤلاء واقع أنّ البعثة اللبنانية في كييف هي نسخة عن النظام اللبناني، "فلم يتمّ التعاطي معنا سوى على المستوى الإعلامي، وإجراءات الدولة اللبنانية هي فقط في الإعلام من دون أي إجراءات فعلية أو حتى حلول".