بداية من وحي المناسبة.. ذكرى انتصار الثورة الإسلامية في ايران، باي
روحية يحتفل السيد حسن نصر الله بالعيد الثالث والاربعين للثورة الإسلامية؟
السيد نصر الله: بسم الله الرحمن الرحيم..
اهلا وسهلا بكم.. بطبيعة الحال الانسان يستعيد مشاعر الفرح والسعادة والبهجة العارمة
لذكرى الانتصار في تلك الايام.. يعني انا اذكر في عام 1979 العالم كله العدو والصديق
كان يتابع حركة الامام الخميني قدس سره الشريف في باريس واعتقد ان قلوب عشرات الملايين
كانت مع الامام وهو على متن الطائرة التي انتقلت به من فرنسا الى طهران، والقلوب معلقة
مع الامام بين الارض والسماء، هل سيصل الامام الى مطار طهران؟ هل سيتم اسقاط الطائرة؟
ماذا سيحدث بعد ذلك؟ دائما هذه الاحاسيس والمشاعر والخواطر والانطباعات يستعيدها الانسان،
وبالتالي فرحة وصول الامام الى مطار طهران والاستقبال المليوني العظيم المنقطع النظير
في التاريخ، لا يوجد استقبال كهذا الاستقبال الذي حصل للإمام، خطابه في مقبرة جنة
الزهراء، يعني مقبرة الشهداء، والاحداث التي حصلت وصولا الى اعلان الانتصار، حقيقة
هي من اروع واعظم مصاديق ايام الله عندما نتحدث عن ايام الله.. هذا يوم من ايام الله
العظيمة ، الانسان عندما يستعيد تلك الذكرى دائما يشعر بالبهجة وبالفرح والامل بالمستقبل،
هذه هي مشاعرنا كما هي مشاعر كل المحبين .
العالم: سماحة السيد دائما سمات القيادة في ايران كانت بارزة منذ زمن الامام
الخميني الى زمن سماحة السيد القائد آية الله علي الخامنئي، هناك الكثير من السمات
التي اعطت الثورة بروزها حتى الآن بهذا الواجب المستمر، برأيكم ما ابرز سمات القيادة
في ايران التي حققت هذا الانجاز؟
السيد نصر الله: يعني سواء عندما نتحدث
عن الامام الخميني (قدس) او عن سماحة السيد القائد الامام الخامنئي دام ظله، هناك
مواصفات عالية، يعني نحن اولا امام شخص هو فقيه على درجة عالية من الفقاهة والاجتهاد
والعلم والتخصص في العلوم الاسلامية وفي الشريعة الاسلامية، امام انسان مؤمن قبل ان
نتحدث عن الفقيه، المؤمن التقي الورع الذي يخاف الله ولا يخاف احدا سوى الله سبحانه
وتعالى ، واصل الى الفقيه الى العالم الى المفكر الى الانسان الحكيم الى الانسان الشجاع،
يعني ميزة الحكمة والشجاعة هي اهم ميزة يجب ان تتوفر في قائد ثورة او قائد نظام بهذا
المستوى، العقل الاستراتيجي، الخلفية التاريخية ، الافق الواسع والكبير، هو لا ينظر
فقط الى مدينته او الى بلده، هو دائما كان يرى العالم كله، يعني من خلال خلفيته العقائدية
والايمانية والمعرفية، لديه قدرة هائلة على التحمل على الصبر على الجلد، الاستعداد
العالي للتضحيات، الخبرة المتراكمة، نحن نتحدث عن قادة لديهم خبرة عالية ومتراكمة
نتيجة تجربة وليس فقط نتيجة الدراسة او التحصيل العلمي، فمما لا شك فيه أن شخصية سماحة
الامام شخصية سماحة القائد من اهم العوامل الاساسية المؤثرة في انتصار الثورة في قيام
نظام الجمهورية الاسلامية ، في صمود هذا النظام وفي تطور الجمهورية الإسلامية الايرانية
الى ما وصلت اليه الان.
* العالم: طبعا
القيادة تقلق اعداء ايران لدرجة انه احد الجنرالات الاسرائيليين يقول انه اكثر ما
يخيفنا في ايران هي كاريزما القيادة الروحية ويقصد القيادة الموجودة حاليا، برأيكم
ايران اليوم بعد 43 عاما اين موقعها في العالم اين موقعها في المنطقة، ماذا يمكن ان
يقال عن هذه الـ"ايران" التي حوصرت منذ 43 عاما وحوربت حتى الآن وهي بهذا
الواقع؟
السيد نصر الله: يمكن ان تنظر الى تقييم
هذه النقطة من اكثر من زاوية، من زاوية النموذج ، اليوم الجمهورية الإسلامية في ايران
والتي هي حصيلة ونتيجة الثورة الاسلامية الشعبية التي حصلت فيها، هي تشكل نموذجا في
العالم الإسلامي وفي العالم الثالث بل في كل العالم، لدولة ذات سيادة حقيقية، تعرف
نحن لدينا مشكلة في العالم الثالث هي مشكلة السيادة والاستقلال والحرية، هذه شعارات
تطرح في كثير من الدول عند كثير من الشعوب ولكن في التطبيق الخارجي في الواقع الخارجي
الامر يكون مختلفا، هناك كثيرون يتحدثون عن السيادة وهم اتباع سفارات، كثيرون يتحدثون
عن الاستقلال وهم اتباع دول خارجية ويغلّبون مصالح الدول الخارجية على مصالح اوطانهم،
ايران اليوم عندما تنظر اليها من هذه الزاوية هي دولة ذات سيادة كاملة، هي دولة ذات
استقلال حقيقي، هي دولة ذات حرية مطلقة، الذي يحكم في ايران هو الشعب الايراني، الشعب
الذي يختار القائد الشعب الذي يختار رئيس الجمهورية، الشعب الذي يختار نواب مجلس النواب
اعضاء مجلس الخبراء اعضاء البلديات الى اخره، هناك سيادة شعبية حقيقة وبالتالي هذا
نموذج يقدم اليوم .. من جهة ثانية ايضا ، اي من جهة النموذج نحن امام تجربة رائعة
اسمها دولة اسلامية، في العالم الاسلامي يقال لكل الدول دولة اسلامية بإعتبار انتمائها
على الهوية ، يعني متولد من ابوين مسلمين اغلب الشعب في هذا البلد هو شعب مسلم اذن
هذه دولة اسلامية، هذا تسامح بالتعبير، الدولة الإسلامية يعني التي تقيم حكم الإسلام،
الجمهورية الإسلامية منذ اليوم الاول ومن موقع الإمام والقائد والمسؤولين والمؤسسات
والشعب والنخب والعامة هي جهد دؤوب لإقامة حكم الإسلام الحقيقي، طبعا لا سماحة الإمام
ولا سماحة القائد ادعّوا في يوم من الايام ان ما لدينا في ايران هو تطبيق كامل للإسلام،
هم يقولون نحن نسعى بكل طاقة بكل جهد بكل اخلاص لنقيم الإسلام ونطبق الإسلام ونقدم
دولة إسلامية حقيقية نموذجية للعالم.. هذا من جهة النموذج اريد ان اختصر ولا اريد
الإطالة اكثر من ذلك، لكن من جهة اخرى عندما تذهب الى التقييم السياسي، اليوم انت
امام دولة اقليمية قوية كبيرة عظمى، وهذا ليس كلامي انا يعني العالم كله يتعاطى مع
ايران على انها قوة إقليمية عظمى ولها تأثيرها وحضورها الكبير في قضايا المنطقة وايضا
في مصير العالم ولا يمكن تجاهل ايران ومحاربتها بهذه السهولة.
ومع ذلك الجمهورية الاسلامية تجاوزت ذلك كله. أيضاً عندما تنظر الی ايران من
ناحية التطور، يعني شوف ايران في زمن الشاه، ايران 78، 79، حتی مانروح قبل،
1978، 1979، وايران اليوم، بالعلم بالتكنولوجيا بالتمدن، بالجامعات، بعدد طلاب الجامعات،
داخل وخارج، بالتخصصات العلمية، بالاكتشافات العلمية، بالتطور العلمي، بالبنية التحتية،
بالمطارات والموانئ والاوتوسترادات، والمساكن والبلدات والنهوض المالي الكبير، في
موضوع الاكتفاء الذاتي والزراعة والصناعة والتجارة، في موضوع التصنيع العسكري والقدرات
العسكرية . في الذكری الاربعين لانتصار الثورة؛ انا القيت خطاب، كنت جمعت يعني وتكلمت
الساعة الساعة ونصف، أرقام لم آت بها من مصادر ايرانية وانما من مصادر الامم المتحدة،
يعني ما يقوله العالم عن درجة ايران في أي مسألة من المسائل العلمية أو التكنولوجية
أو المقام الذي وصلت اليه، ولذلك اليوم، عادة عندما يحكي العالم عن ايران، يحكي عن
الملف النووي والمفاوضات النووية والمشاكل السياسية الموجودة بالاقليم ولكن خلال هذه
العقود، يجب تسليط الضوء لنقول هذا النموذج، هذا النظام الاسلامي، هذه الثورة الاسلامية،
هذه القيادة الحكيمة والشجاعة كيف طورت ايران وأين اصبحت ايران علی كل صعيد. وهذا
أيضاً بابه يحتاج الی وقت طويل وسنكتفي بالاشارة.
* العالم: بكل
حال سماحة السيد حضرتكم ذكرتم بأنه هناك مواقف كثيرة بهذا الموضوع ويمكن الاطلاع عليها
ولكن نحن نتحدث اليوم عن ايران وسط عداء كبير جداً ، رأس العداء هو الولايات المتحدة
الاميركية، كل مصائبنا من اميركا، قالها الامام الخميني وأكدها سماحة السيد القائد
وكل المسؤولين في ايران، ولكن سؤالي سماحة السيد هل هذا العداء الاميركي لايران هو
عداء مبدأي لنظام اسلامي ثوري أم هو عداء يمكن ان ينتهي في يوم من الايام بتحقيق المصلحة
للولايات المتحدة الاميركية؟
السيد نصرالله: انت يجب ان تعود
الی اصل المسألة، ايران في زمن الشاه كانت محكومة من قبل الولايات المتحدة الاميركية؛
صح كان هناك شاه وكانت هناك حكومة شاه، ولكن ايران في ذلك الوقت الذي كان عدد سكانها
30 أو 35 مليون، كان فيها 60 ألف مستشار اميركي، يعني المستشارون الاميركيون موجودون
في كل القطاعات؛ بالامن، بالعسكر، بالنفط، بالنقل، بالاسكان، بالاقتصاد، بالمالية،
بالثقافة.. الی اخره. جاءت الثورة الاسلامية في ايران، شوف ايران الثورة ماذا عملت..
لنعرف ماذا كان الموقف الاميركي.. في بلد تسيطر عليه الولايات المتحدة الاميركية،
تنهبه، تنهب ثرواته، نفطه، غازه الی اخره.. تديره كما تشاء، حاولت خلال عقود ان تغير
هويته العقائدية والثقافية والفكرية، موضوع التغريب اشتغل فيه الشاه وابوه. طيب..
والشاه كان معروف انه عميل للولايات المتحدة الاميركية وكان يخدم المشاريع الاميركية
والصهيونية في المنطقة، شرطي الخليج (الفارسي) وتخافه كل دول الخليج (الفارسي) وحليف
استراتيجي للعدو الاسرائيلي. طيب.. جاء الامام الخميني رضوان الله تعالی عليه ومن
معه والشعب الايراني الثائر، جاءت الثورة الاسلامية في ايران، وأسقطت هذا النظام واخرجت
هذا العميل واخرجت الـ60 ألف مستشار.. يعنی ما سقطت الشاه والنظام وخلت المستشارين
الاميركان، اخرجت اميركا مع الشاه وأخرجت "اسرائيل" مع الشاه ولذلك قطعت
العلاقات مع "اسرائيل"، صادرت السفارة الاسرائيلية، سلمتها لمنظمة التحرير
الفلسطينية وأصبح عندها سفارة هناك وبعدها هي ذات السفارة، وأخرجت اميركا بالكامل
من ايران، طيب.. يعني بتعبير الامام، قطعوا يد اميركا عن ايران، بطبيعة الحال، اميركا
هنا بالحقيقة ليست مشكلتها معانا اننا نصلي او لانصلي، نصوم او لانصوم.. لا.. مش حي
الله النظام الاسلامي.. اذا نظام اسلامي أصيل يريد لشعب هذا البلد ولهذه الدولة ان
تكون حرة سيدة مستقلة لاتسمح بنهب خيراتها طبعاً هي ضد هذا الاسلام، اما الاسلام الذي
تصلي وتصوم وتحج وتعتمر ، وتسكت عن الاحتلال أو تطبع مع الاحتلال أو تقبل بالهيمنة
الاميركية هذا النوع من الاسلام لامشكلة لاميركا معه وهذا الذي سماه الامام الخميني
بالاسلام الاميركي. ما هو الاسلام الاميركي ؟ هو هذا ، الاسلام الذي لامشكلة له سوى
يصلي، يصوم، يحج، كل سنة اذهب الی الحج، الاميركان ليس لهم مشكلة معه، وعمر مساجد
حتی بالولايات المتحدة الاميركية ليس لهم مشكلة مع ذلك، لكن انت أين من موضوع فلسطين،
موضوع القدس، موضوع بلدك، وخيرات شعبك، وأوطانك، وامتك وقرارك ومصيرك، انت ماذا؟
انت أداة عندهم؟ انت عبد عندهم؟ انت خاضع عندهم؟ أو انت عبد لله؟ الاسلام الذي يجعلك
عبداً لله، هذا طبعاً اميركا ضده، وهذا الاسلام الذي انتصر في ايران.
* العالم: يعني
البعد الشمولي الثوري التحرري، ليس فقط ايران، نظام في ايران.. هو نظام...؟
السيد نصرالله: هم ورثوا الانجليز،
الانجليز بالتجربة الطويلة تراهم ما عندهم مشكلة ، انه والله هذه الحركة اسمها حركة
اسلامية، حركة علمانية، شيوعية، تصلون، تصومون، أو لاتصلي ولاتصوم، هذا لايفرق عندهم؛
المهم انت في موضوع الهيمنة والتسلط والاستعمار، والاستكبار والاحتلال ماهو موقفك.
طبعاً الاسلام الاصيل، يضعك في موقف الرافض والمواجه والمجاهد والمقاوم والثائر في
وجه أي ظلم أو سيطرة أو هيمنة او استبكار وبالتالي هذا النوع من الاسلام بطبيعة الحال
هو ضده. وهذا الاسلام الذي رفعه وآمن به وثار من خلاله الامام الخميني والشعب الايراني
وانتصر في الـ79.
* العالم: يعني
لامجال بالافق المستقبلي ان يزول هذا العداء للولايات المتحدة الاميركية بوجود النظام
الاسلامي في ايران.. ؟
السيد نصرالله: النظام الاسلامي
في ايران، شوف مثلا، حتی داخل ايران هناك ناس يحاولون خلط بعض المسائل نتيجة الشغل
الذي يصير في الاعلام الخارجي. البعض يقول ان موقف ايران من فلسطين ومن القدس هو السبب
الوحيد للعداء مع ايران، انا أقول هذا أحد الاسباب، قطعاً هذا من الاسباب مما لاشك
فيه، ولكن من أهم الاسباب أيضاً ان النظام في ايران هو نظام سيد وحر ومستقل ولايقبل
الخضوع وليس أداة عند الولايات المتحدة الاميركية ولايسمح بنهب ثرواته وخيراته. طالما
ان الذي يحكم في ايران هو هذا النوع من النظام وهذا النوع من القيادة، طالما الارادة
الشعبية في ايران، هي ارادة استقلال وسيادة وحرية والاستفادة من خيراتها ومنع المستكبرين
من نهب خيراتها سيستمر هذا العداء.
* العالم: الولايات
المتحدة جربت كل انواع الحروب ، العسكرية من خلال صدام، الامنية من خلال اغتيال القادة
، الاقتصادية من خلال الحصار والحظر، وفشلت. رغم ذلك تستمر بالعداء. ولكن سماحة السيد
نحن اليوم امام تهديدات ، البيت الابيض، البنتاغون، ووزارة الخارجية تتحدث عن خيارات
غيردبلوماسية ممكن التعامل فيها مع ايران، برأيكم هل هذه التهديدات العسكرية الاميركية
قادرة فعلاً ان تكون في الواقع ، هل اميركا تحارب ايران؟
السيد نصرالله: الامر مستبعد
في ظل الادارة الحالية، هذا الاحتمال كان وارداً ويمكن البعض يعطيه نسبة معينة عالية
في زمن ادارة ترامب، بالتعبير العامي ترامب وطنطنته، وهدد بالحرب وأخذ الامور الی
حافة الحرب ولم يذهب الی الحرب، هذه الادارة من المستبعد جداً ان تذهب الی الحرب.
الحديث عن الحرب هو دائماً للتهويل، للتهديد وللضغط علی ايران، اما ان اميركا قادرة
علی ان تذهب الی حرب، هذه بالنهاية ايران ليست دولة عادية، هذه دولة اقليمية قوية
حاضرة لها دور كبير في المنطقة وأي حرب مع ايران.. في ذلك الوقت انا قلت وقال اخرون،
هذا سيؤدي الی تفجير المنطقة بالكامل.. وهذه ليست من مصلحة اميركا علی الاطلاق. أضف
الی ذلك ان أولويات الادارة الحالية هي ليست الحرب مع ايران، يعني هي اولويتها لعله
محاولة التفاهم مع ايران حول موضوع الاتفاق النووي، أولوية امريكا في مكان آخر، يعني
الصين وروسيا، يعني هذا ما يقوله رئيس الولايات المتحدة الامريكية ووزير الخارجية
والبنتاغون، والمسؤولون الاخرون في امريكا، فمن الواضح ان الاولوية الان ليست اولوية
حرب على ايران، خيارهم ان وقع اتفاق نووي يعني ان الامور ذاهبة الى انفراجات معينة،
واذا لم يحدث هناك اتفاقاً فيكون خيارهم المزيد من استمرار العقوبات، التحريض والضغوط
والرهان على الداخل الايراني كما كان في زمن ترامب.
* العالم: هناك
ايضاً تهديدات اسرائيلية بضرب المنشآت النووية، حيث يقول الجنرالات الاسرائيليون انهم
اعدوا الخطط ونحن جاهزون لضرب ايران، هل ترى بانه مقابل امتناع الولايات المتحدة عن
خوض حرب، يمكن للكيان الاسرائيلي ان يقوم بذلك خاصة مع الحلفاء الموجودين الان في
المنطقة؟
السيد نصرالله: ان حلفاء الاحتلال
الاسرائيلي لا ينفعون شيئاً، بل ان الحلفاء يريدون من يدافع عنهم، انا اميل اكثر الى
فرضية ان ما يقوله الاسرائيلي هو تهويل، حيث ان هناك انقسام حقيقي في "اسرائيل"
على المستوى السياسي وايضاً على المستوى الامني والعسكري، ما اعرفه انا من خلال متابعتي،
ان اغلب المستوى الامني والعسكري، هو يخالف القيام بضربة عسكرية من هذا النوع في ايران،
لسببين، الاول: يقول ان هذه الضربة لن تكون مجدية، لانه ما تفترضونه من معامل نووية
هي ليست موجودة في مكان واحد، بل هي موزعة، والاهم من الوجود المادي هو الوجود العلمي،
لان هناك آلاف العلماء الايرانيين المتخصصين، وبالتالي هل يمكن قتل الالاف من خلال
القصف الجوي. حتى العمليات الامنية هي لم تستطع ان توقف تطور البرنامج النووي السلمي
الايراني، فاذن من جهة هم يقولون ان هذا لا جدوى منه، بل بالعكس هذا قد يسرع البرنامج
النووي الايراني بما يخشونه، وان كانوا هم لا يريدون ان يصدقوا لا هم ولا الامريكان
او يخوضون ذلك كذريعة، لان سماحة الامام الخامنئي اعلن في مناسبات كثيرة والمسؤولون
تبعاً له اعلنوا انه ليس في نية ايران وايران ليست في وارد صنع السلاح النووي او الاستخدام
العسكري النووي.
والسبب الثاني، هو حجم رد الفعل الايراني، ايران لا تمزح، وايران بصوت سماحة
القائد والمسؤولين هم قالوا: ايران سترد، يعني البعض قد يتصور ان "اسرائيل"
اذا قصفت ايران، فان الجمهورية الاسلامية ستعتمد على اصدقائها في المنطقة. الجمهورية
الاسلامية اذا قصفت من قبل الاسرائيليين هي من سترد بالمباشر، وردها سيكون قاسياً
وعنيفاً وشديداً، وهذا ما يعرفه الاسرائيليون جيداً، ولذلك فان الاغلبية في المستوى
العسكري والامني هم يخالفون الذهاب الى العمل العسكري من هذا النوع، وانا استبعد قيام
العدو الاسرائيلي بشيء من هذا، واذا أقدم عليه فانها ستكون حماقة لها تداعيات خطيرة
جداً.
* العالم: هل
ستكون حرباً واسعة بمشاركة محور المقاومة، نحن نتحدث عن وحدة محور المقاومة؟
السيد نصرالله: من الواضح بانه سيكون
ردا عنيفا من الجمهورية الاسلامية في ايران، على ضوء هذا الرد الايراني القاسي هذا،
سنرى مدى التداعيات والتطورات، وفي تلك اللحظة، فان محور المقاومة ايضاً هو مستعد
ويقرر بما يتناسب مع الظروف في ذلك الحين.
* العالم : المسؤولون
الصهاينة سماحة السيد يتحدثون عن تحالف عسكري اليوم، بمعنى انه يريدون اقامة تحالف
عسكري مع الدول المطبعة كالبحرين والامارات وربما السعودية، ويتحدثون عن امكانية ان
يكون هذا التحالف في مواجهة ايران، والحديث اصبح جديا في عملية اقامة هذا التحالف
والمناورات التي تجري بهذه الحالة هل ترون التهديد الاسرائيلي سيبقى تهديدا فقط ؟
السيد نصرالله: ان الدول عندما تطبع
مع كيان الاحتلال الاسرائيلي، ممكن هذا التطبيع ينفع "اسرائيل" مالياً عبر
استثمارات بعض الدول الخليجية في فلسطين المحتلة، بمعنى منفعة اقتصادية من خلال العلاقات
الاقتصادية، من الممكن ان ينفعها اعلامياً وسياسياً، وكسر الحواجز النفسية، ينفعها
بالجيوش الالكترونية على مواقع التواصل الاجتماعي، لكن عسكرياً هذه الدول لا يمكن
ان تقدم نفعاً لـ"اسرائيل"، بل ستتحول الى عبء على اسرائيل، مثال النموذج
الاخير، ففي التطور الاخير الذي حصل بين انصار الله والامارات العربية المتحدة بمعزل
عن الظروف، لكن الغريب ان مثلا دولة الامارات منذ تأسيسها الى اليوم باعتبار انها
دولة حديثة، اشترت بعشرات مليارات الدولارات صواريخ وطائرات واسلحة وتكنولوجيا عسكرية
والخ، وامام اول مواجهة مباشرة مع انصار الله، علا الصراخ في دولة الامارات، وبدأوا
بمطالبة الامريكان في ارسال السفن والصواريخ والطائرات من اجل حماية دولة الامارات،
وايضاً بريطانيا وفرنسا من اجل حماية دولة الامارات، وطلبوا ايضاً المساعدة الاسرائيلية.
دولة الامارات في مقابل انصار الله، وفي مواجهة اولى، لجأت الى القوى العظمى في العالم،
والى "اسرائيل" من اجل ان تساعد في حمايتها، ماذا يمكن ان تقدم دولة الامارات
مثلا او البحرين على المستوى العسكرية للاسرائيلي في منطقة الخليج الفارسي او غيرها.
* العالم: يأملون
بحماية اسرائيلية لهم؟
السيد نصرالله: هم يبنون آمالاً من
رمال وفي احسن الاحوال من زجاج.
* العالم : نبقى
مع التهديدات الاسرائيلية ، ولكن هذه المرة مع حزب الله ، الامن القومي الصهيوني صوب
على زنار النار المحيط بالكيان ، وعلى الصواريخ الدقيقة لحزب الله ، موصيا باعداد
الخيار العسكري لضرب حزب الله وضرب هذه الصواريخ ، اولا هل هذا التقييم منطقي وما
ردكم عليه ؟ خاصة وان هذا التهديد واضح، هو خيار عسكري ضد حزب الله ؟
السيد نصرالله: هم دائماً يتحدثون
عن تهديد بشكل دائم، فلبنان منذ 1948، قبل حزب الله، قبل ما نخلق انا وانت ايضاً،
كان لبنان دائماً في دائرة التهديد، حيث كان العدو الاسرائيلي يهدد لبنان، وان هذا
التهديد موجود وقائم وسيبقى مستمر، في موضوع المقاومة يصبح التهديد محدد، ونحن نتعاطى
مع هذه التهديدات بشكل جدي، لا نتصرف فقط انها حرب نفسية، ما لاشك هي جزء من الحرب
النفسية، ولكن ايضاً نتعاطى معها على انها تهديدات جدية، لكن هل هو قادر على ان ينفذ
هذه التهديدات؟ يعي مثلاً عندما يقول الاسرائيلي انا اريد ان اقضي على الصواريخ الدقيقة
الموجودة لدى حزب الله، فهل هو يعرف اعدادها؟ وهل يعرف اماكنها المنتشرة والموزعة؟
هي ليست موجودة في مكان واحد او اثنين او ثلاثة، او اربعة، كي يأتي ويغير عليها وينتهي
الموضوع. حجم انتشار القدرة الصاروخية للمقاومة، وعدد الصواريخ، والاجراءات الامنية
المتخذة، كلها لا تتيح له ان يقوم بشيء من هذا النوع، ويبالغ عندما يتحدث عن مسألة
بهذا المستوى، فعندما يقول انا اريد ان اقضي على الصواريخ الدقيقة لدى المقاومة في
لبنان، يعني هو يحتاج الى حرب، لا تكفيه العملية العسكرية، وفي كل الاحوال فان العملية
العسكرية سيكون لها ردود الافعال المتناسبة والقوية والرادعة من قبل المقاومة في لبنان،
وهذا التزام علني، في آخر حادث قصف الاسرائيلي الفلوات، ولم نسكت عن قصف الفلوات،
فكيف اذا قصف اهدافاً حقيقية وليست فلوات، لكن انا اقول لك انه ليتمكن وهو لن يتمكن
ولكننا نتكلم نظرياً ، اذا كان يريد ان يواجه القدرة الصاروخية ويقضي عليها الموجودة
لدى المقاومه فهو يحتاج إلى حرب. هل هو جائز أن يذهب إلى حرب؟ إلى حرب حقيقية؟ حرب
كاملة؟
* العالم: سماحة
السيد هناك وجهة نظر في داخل الكيان الإسرائيلي حول قوة حزب الله.. أنها إذا تركت
ستتطور مع الوقت وسوف تكون قوة متعاظمة أكبر وأكبر، وعندها سيصعب ضربها أو تصفيتها
أو مقاومتها..إذا نحن نتحدث عن عامل الوقت.. هناك وجهه نظر داخل الكيان الإسرائيلي
تقول لا ويجب أن تكون هناك حرب ضد حزب الله حتى لو كلفت، حتى نتخلص من إمكانية أن
يتطورا هذا الحزب إلى قدرات عسكرية أكبر؟
السيد حسن نصرالله: لاحظ.. نحن والحمد لله عز و جل قطعنا هذه المرحلة، مرحلة أن يستطيع العدو الإسرائيلي
أن يشحن حربا ليقضي على قدرات المقاومة.. قدرات حزب الله في لبنان.. هذه قطعناها..
والدليل أن حجم القدرات الموجودة كمّا ونوعا والقدرة البشرية المتوفرة أيضا، وهي لا
سابق لها في تاريخ لبنان وفي تاريخ حركات المقاومة في مواجهة العدو الصهيوني.. هذا
قطعناه.. فهم لا يستطيعون أن يفعلوا شيئا من هذا القبيل، حتى لو ذهبوا إلى حرب فهي
لن تستطيع أن تحقق هذا الهدف، لذلك خيارهم الحقيقي في السنوات الأخيرة ليس خيار الحرب،
أنا طبعا لا أنفيه بشكل قاطع.. ولكن نتحدث عن ترجيحات.. لو كان العدو الإسرائيلي ،
القيادات السياسية والجنرالات العسكرية لديهم 50% وليس 51%.. لو كان لديهم 50% أن
شن حرب اليوم أو أمس أو أول أمس أو غدا على لبنان يمكن أن ينهي قدرة المقاومة.. التي
ينظرون إليها كتهديد أو كمدافع حقيقي -حسب التوصيف الدقيق- لفعلوا ذلك، ولكن لأنهم
ليسوا واثقين من النتائج وخائفين من حجم ردة الفعل.. خائفون جدا من الإخفاق.. خائفون
جدا من الهزيمة وما هو أكبر من الهزيمة.. هم لا يلجأون إلى خطوة بهذا الحجم.. رهاناتهم
هي في مكان آخر، وهي نفس التي تحدثنا عنها خلال السنوات الماضية، وما زالت قائمة،
الضغط الاقتصادي، الحصار الاقتصادي، دفع لبنان كدولة ووطن وشعب إلى انهيار اقتصادي..
إلى انهيار أمني إلى ما يسمونها ثورة شعبية على المقاومة.. أي الضغط و وسائل الضغط
الدولية والإقليمية واستخدام الموضوع المعيشي والمالي والاقتصادي.. عسى و لعل أن
يتمكنوا من الوصول إلى نتيجه تقول "خذوا هذا السلاح"، إذا تذكر قبل كم شهر
ذهب وزير حرب العدو غانتس إلى فرنسا و كان هناك كلام أن الفرنسيين يريدون مساعدة
لبنان ويريدون أن يقدموا مساعدات ويريدون أن يقيموا مؤتمرا دوليا وما شاكل.. ذهب
إلى فرنسا والتقى مع الرئيس ماكرون.. وهذا ما قيل في الإعلام وليست معلومات خاصة..
وطلب وأعلن أني أتيت إلى فرنسا وطلبت من المسؤولين الفرنسيين ألا يقدموا أي مساعدات
اقتصادية أو مالية للبنان إلا في مقابل نتيجة ما.. في الحد الأدنى "حلوا لنا
مشكله الصواريخ الدقيقة".. لو كان لديه طريق أن يحل مشكلة الصواريخ الدقيقة.
* العالم: لما
ذهب إلى فرنسا ..
السيد حسن نصرالله: لفعل ذلك منذ
وقت طويل، بأشكال عسكرية أو بأشكال أمنية، تعرف أن الإسرائيلي عنده خيارات من هذا
النوع، ولكنه يدرك جيدا أنه لن يصل إلى نتيجة، ما زال رهانهم على الوضع الداخلي اللبناني،
رهانهم على الوضع الاقتصادي.. على الوضع الشعبي.. وحتى الآن هم أصيبوا بخيبة أمل كبيره
جدا، حتى رهانهم على الانتخابات النيابية والتي سوف نتكلم عنها إذا صارت فرصة، أنا
أقول لهم من آخرها ، هذه أوهام.. يعني المقاومة اليوم حضورها والاحتضان الشعبي الكبير
لها وقوتها المجتمعية وقوتها الشعبية وبيئتها وانسجامها و وحدتها وصلابتها و ثقتها
و معنوياتها.. الأمر أنا برأيي الشخصي إننا تجاوزنا مسالة الخطر على المقاومة، لكن
هذا لا يعني أن أذهب وأنام، سنبقى حذرين وحاضرين.
* العالم: في
المقابل سماحة السيد، بعد الصواريخ الدقيقة والدخول إلى الجليل والمئة ألف مقاتل هل
من مفاجئات للاحتلال الإسرائيلي في هذا الوقت؟
السيد حسن نصرالله: المفاجآت دائما موجودة، طبعا الذي أكشفه لك سوف لن يكون مفاجأة {يضحك}.. في نهايه الأمر في زمن الحرب -إذا حصلت لا سمح الله- دائما كما كنا نقول كلنا في حزب الله نقول لا نسعى إلى الحرب، لا نهواها.. الله سبحانه وتعالى يتحدث عن الطبيعة البشرية "كتب عليكم القتال وهو كره لكم".. نحن نفهم المحاذير والتداعيات وآثار الحرب، ولكن لا نخشاها، لا نهابها، لا نستسلم أمام التهديد بها، لا نتخلى عن بلدنا و عن مصالحنا الوطنية مقابل التهديد بالحرب.. على كل حال.. هناك بالتأكيد أمور مخبأة لمفاجأة العدو، لكن طبعا خلال سنوات التطورات تحصل، مثلا أهم تطور وبدأ الإسرائيليون يتحدثون عنه.. أنا كنت أفكر منذ مدة أن نقدم تقريرا تفصيليا ، لكن لم تتاح الفرصة لحد الآن.. هو الموضوع الذي بدأناه أي الدفاع الجوي، بعد حادثة المحلقات التي أتت على الضاحية الجنوبية وأعلنا أننا سنواجه ذلك بمسيرات، ولأول مرة نحن نفعل سلاح الدفاع الجوي في المقاومة الإسلامية، ذهبنا إلى هذا التفعيل، وحتى الآن أعطى نتائج ممتازه جدا، لأنه طبعا إذا تسقط المسيرات يكون أفضل ولكن الهدف ليس فقط إسقاط المسيرات وإنما إبعاد خطرها وتهديدها، وأهم خطر لها في زمن السلم هو الجانب المعلوماتي، المسيرات كانت تأتي وتغطي وتنزل وتأخذ تفاصيل يومية على مدار اليوم، خلال السنتين الماضيتين أي منذ أن بدأنا هذا الإجراء أستطيع أن أقول لك وللمشاهدين الكرام أن هذه الحركة الإسرائيلية تراجعت بشكل كبير جدا جدا جدا، طبعا يمكن للإخوة أن يعدوا تقريراً إن شاء الله وينشروه بالأرقام والتفاصيل، مثلا على سبيل المثال في منطقه البقاع التي كانت يوميا المسيرات تأتي إليها وضمن مديات متفاوتة.. إحيانا يمر شهر.. شهران.. ثلاثه أشهر ولا تأتي حتى مسيرة واحدة، وهذا طبعا لا سابقة له منذ أن بدأ العدو الإسرائيلي بإرسال مسيرات إلى سماء لبنان، في الجنوب كذلك تراجعت بشكل كبير جدا، طبعا في الجنوب لا أستطيع أن أدعى أنه خلال أسبوع أو أسبوعين أنه لم تأ