2025- 01 - 11   |   بحث في الموقع  
logo ماذا قالت مصادر ميقاتي عن “إستشارات تشكيل الحكومة”؟ logo ماكرون سيزور لبنان.. وهذا ما قيل عن الجيش logo بعد حادثة إنقلاب ملالة في الجنوب.. بيانٌ من الجيش logo ماذا حصل داخل نفق المطار؟ خبرٌ عاجل للسائقين logo منيمنة: أعلن استعدادي لتولي المسؤولية في موقع رئاسة الحكومة logo سقطت من الطابق الخامس وتُوفيت على الفور! logo انفجارات في مناطق جنوبيّة.. ماذا يجري؟ logo أُوقف بالجرم المشهود في الضاحية.. وهذا ما كان يفعله! (صورة)
زوبعة بيانو الشيخ المعمم... سماجة "الترند" والجمال المحرّم
2022-02-09 12:26:05

في زمانه، كان السيد هاني فحص، يسمع فيروز، حسبما تروي ابنته، وهو الذي عرف بتمرده على "طوق العمامة"، نفى في حديث صحافي أن تكون الأغاني من "الأعمال الحرام"، وقال: "كلّ ما هو مفيد أو جميل حلال"، و"حديثاً اشتريتُ 60 أغنية لمحمد عبد الوهاب. الأغاني تُشعرني بروحانية عالية، وأنا أبحث عن الرّوح في الطرب، لا أخالف الشرع لكن رأيي أن بعض الأصوات الطربية أحنّ وأكثر روحانية من أصوات بعض المنشدين وقارئي الأدعية، بطريقة تُبعثر ما فيها من رقّة وروح وجاذبية. هذه أمور خلافية عند الجميع، ما يُحرّمها هي اللحظة والمزاج والثقافة، كما تتحكّم فيها مزاجية فقهية كبيرة"...قبله كان عبد الباسط عبد الصمد، الشيخ الشهير في تجويد القرآن وترتيله، و"صوته لحن سماوي ترق له القلوب"، يجذب بصوته المتدينين وغير المتدينين. يقول إن القرآن موسيقى الروح، وقراءته تحتاج إلى التلوّن النغميّ. لهذا درس الموسيقى، وكان من هواياته العزف على العود، كما لو أنه يتهيأ لإحياء أمسيات طربية. ربما كان يطرب نفسه في بيته، خصوصاً أن آلة العود وجدت لتستخدم في الأمسيات العائلية قبل أن تستخدم في الحفلات. "نعم أسمع الأغاني، وأعشق كلّ صوت جميل"، هكذا علق الشيخ عبد الباسط على سؤال وُجّه إليه حول سماعه للأغاني في حواره مع التلفزيون الكويتي العام 1976. وأوضح أن صوت أم كلثوم هو "الأقرب إلى قلبه"، كما قال إنّه "يُفضل الاستماع إلى محمد عبد الوهاب"، وإنّ الدين لا يُحرّم الغناء لكن الغناء لا يتناسب مع قيمة قارئ القرآن...
وكان الشيخ النقشبندي يعترف في كل لقاءاته الإعلامية بأن أم كلثوم من أحب المطربات إلى قلبه – حسب وصفه، مؤكدًا للإعلامي طاهر أبو زيد أنه غنى لكوكب الشرق جزءًا من قصيدة "سلوا قلبي" لأحمد شوقي. وأكد المقربون من الشيخ النقشبندي أنه كانت لديه مكتبة لأسطوانات بيتهوفن.عدا ذلك، لنتذكر أنه مع نهاية القرن التاسع عشر، ومطلع القرن العشرين، حدثت نقلة موسيقية في مصر، كان معظم روادها من الشيوخ أو المعممين أو الذي مروا عبر الأزهر: عبده الحامولي، سلامه حجازي، سيد الصفتي، المنيلاوي، سيد مكاوي، محمد القصبجي، زكريا أحمد، حامد مرسي، صالح عبدالحي، وسيد درويش.. هؤلاء أرسلهم أهلهم ليتعلموا القراءة عند مشايخ، لا يجيدون سوى قراءة القرآن وتجويده، ومن كان محظوظاً منهم، كان ينتقل إلى القاهرة، ليتعلم في "الأزهر" ويتخرج شيخاً معمماً. هؤلاء كانوا قبل أن يتحولوا إلى الغناء العاطفي، من خيرة المؤدين لقصائد المديح النبوي والإنشاد الصوفي وكبار المؤذنين في المساجد. وغنّى كثير من المشايخ؛ قرأ المطربون القرآن الكريم مرتلاّ، مثل: أم كلثوم، وعبد الوهاب، وسيد مكاوي؛ بل وفكّر بعضهم في تلحين القرآن الكريم؛ ففي عدد مجلة "المصور" العام 1961، كتب الشاعر صالح جودت مقالاً عنوانه "مات شيخ الملحنين زكريا أحمد، أراد أن يعيد تلحين القرآن!"، ولعلّه قصد هنا "الترجيع" الذي هو تحسين الصوت والتغنّي بالقرآن الكريم عند الإتيان بالمدود، وفق التعريف الشرعي. وسئل المطرب والملحن سيد مكاوي، عن ظاهرة المشايخ الذين غنوا، فقال: "حفظ القرآن الكريم وتجويده كان له أكبر الأثر في تنقية أحاسيس ومشاعر من تطلق عليهم تسمية مشايخ الطرب، إلى جانب الارتباط بالكلمة العربية الأصيلة والمعنى السليم".ولطالما كانت مسألة الغناء والموسيقى من الأمور التي أخذت حيّزاً واسعاً من النقاش والرأي بين العلماء قديماً وحديثاً، وهي وأن كانت موضع التباس في التفسير، والكثير من المشايخ تجاوزوا النصوص القديمة والكلام الملتبس، سواء حول تفسير معنى كلمة "معازف"، أو ما اذ كان المزمار "بوق الشيطان"، أو ما قاله الشيخ ابن تيميه بأن "المعازف هي خمر النفوس تفعل أعظم مما تفعله الكؤوس" أو ما فسره الإمام الصادق، وتعاملوا مع واقع ما تعنيه الموسيقى من قيم، ومساهمتها في إغناء الحياة وتنقية الروح، وهناك فرق دينية روحها الموسيقى...في الطبعات الجديدة من رجال الدين وحتى المجتمع، يحدث ما هو متماهٍ مع ابن تيمية، اذ أحدث الشيخ إيهاب يونس أزمة عندما وقف فى أحد البرامج التلفزيونية مرتدياً الزى الأزهري، منشدا أغنية "لسه فاكر" لأم كلثوم، وهو ما كان سبباً في إحداث ضجة داخل المجتمع المصري عامة وبين رجال الدين خاصة تدخلت على إثرها وزارة الأوقاف وأعلنت منع يونس من الخطابة والإمامة وإلقاء الدروس الدينية، وإلحاقه كباحث دعوة بالإدارة التابع لها لحين انتهاء التحقيقات معه بمعرفة النيابة الإدارية، قبل أن يتقدّم بالتماس إلى وزير الأوقاف محمد مختار جمعة الذي قبل التماسه وقرر عودته للخطابة مرة أخرى...ومع كل ما ورد، فجأة تطل زوبعة فايسبوكية "ترنديّة" (نسبة الى الترند، مع ما تحمله هذه الكلمة من غلاظة وسماجة وقلة ذوق)، فيشعر المرء أنه ما زال في زمن الكهف، أو أنه يعيش في خضم داعشية مقنّعة، سواء في مصر أو لبنان أو سائر المجتمعات التي تعيد إحياء نصوص ميتة. والحال أن المرء لا يسعه إلا أن يقف متأملاً مستهجناً البلبلة الفايسبوكية التي رافقتْ ظهور الشيخ المعمم علي الحسيني، في برنامج تلفزيوني، وهو يعزف على آلة البيانو، وأتحفنا في إطلالته قائلاً بأن صوت المرأة أو فيروز "ليس عورة"... والاستهجان أيضاً من بيان هيئة التبليغ في المجلس الشيعي الاسلامي الأعلى التي افتعلت "قضية" من لا شيء أو من برنامج يبحثُ عن "الترند". فالشيخ أو السيّد الشاب المعمّم وكاتب الشعر ومردده، بحسب بيان الهيئة، "خرج عن النظام الإسلامي العام بطريقة التهتك الفاضح، محاولاً إلصاق ثقافة منافية للإسلام بدين الاسلام، والاسلام منه براء". وأن البرنامج الذي ظهر فيه، "أُعِدّ للنَّيل" ليس من القيم "الدينية" بل "الإنسانية" أيضاً، ونسبتْ الهيئة البرنامج إلى "الثقافات الهدامة"، واعتبرتْ الشيخ "هاتكاً لأحكام الشريعة الغراء، ومن المتهتكين بإرتدائه للزي المحترم"، ووصفته بأنه "من المنتحلين لصفة عالم دين". وواجهت الهيئة المدافعين عن الشيخ، فاتهمت المحامي حسن بزي بأنه "محامي الشيطان"... واستفز كلام المجلس الشيعي، الكاتب وصاحب الروايات عباس جعفر الحسيني، فاعتبر في فايسبوكه أن بيان المجلس الشيعي "لا يمتّ للفكر الشيعي بصلة. هو بيان نصف سياسي نصف رجعي يماشي الواقع بل يجاري، وعلى القول المصري ، الجمهور عايز كده". وقال إن "المجلس الشيعي لا يطبق الكثير الكثير من تشريعات الفكر الشيعي"، ونسب الروائي لنفسه بأنه يشربها "مع الحليب" كونه "من بيت ديني من السياد"... وتطرق الحسيني إلى سلسلة عناوين من هنا وهناك وزعم بأن "هناك ليبرالية جنسية عند بيوتات رجال الدين قاطبة غير متوافرة عند أي من البيوت الشيعية الأخرى المتدينة، كما أن للمراة الحق في املاء ما تريده في عقد الزواج من العصمة إلى الحضانة إلى أي شيء تريده"... و"أن فتوى المرجع الخوئي واضحة لجهة اننا لا نتهم أحداً بالارتداد أو الكفر حتى لو أعلن ذلك جهراً، لأننا لا نعلم ما في قلبه ولا يعلم ذلك إلا الله... كذلك فتوى الإمام الخميني بجواز الموسيقى(ّ!؟)". ويتأسف لأن "العلمانيين الشيعة" أمثاله تحولوا إلى حراس للفكر الشيعي الاصلي في حين أن دعاة حمايته وتطبيقه يمعنون فيه تخريباً وتشويها وتضليلاً.ونشر الزميل محمود الزيباوي في "فايسبوك" صورة للشيخ مصطفى اسماعيل، وكتب: "الشيخ مصفطى اسماعيل من أبرز شيوخ التلاوة، ولا يحتاج إلى تعريف.. مع زوجته وهي تعزف على البيانو".وليست هذه المرة الأولى التي تدخل المؤسسات الدينية الاسلامية اللبنانية، في جدل على الموسيقى. فسبق أن رفعت دار الفتوى دعوى على الفنان مارسيل خليفة حين قدم بصوته قصيدة لمحمود درويش تتضمن آية قرآنية. وتقول كلمات الأغنية التي صدرت في شريط كاسيت حمل عنوان "ركوة عرب" العام 1995: "أنا يوسف يا أبي اخوتي لا يحبونني لا يريدونني بينهم. يريدونني أن اموت"، وتضيف كلمات الاغنية المأخوذة عن ديوان للشاعر الفلسطيني محمود درويش ويؤديها خليفة مترافقة مع عزف منفرد على العود "هل جنيت على احد عندما قلت إني رايت أحد عشر كوكباً والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين". وقد أثار طلب قاضي التحقيق انقساما حاداً في الرأي، ففي حين حرّمتْ دار الفتوى الأغنية، لم ير فيها الشيخ محمد حسين فضل الله ما يسيء للقران والدين. هذا غيض من فيض، من مشهد بات مملاً...



وكالات



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2025
top