قلب رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي صفحة سلف الخزينة لصالح الكهرباء، وفتح صفحة جديدة تهدف الى إنجاز مشروع متكامل لانقاذ قطاع الطاقة الكهربائية الذي أسس على مدار السنوات الماضية للانهيار المالي الذي يتخبط فيه لبنان اليوم، والى إستعادة مصداقية هذا القطاع وإمكاناته وإستقلاليته المالية.
أكثر من 25 مليار دولار سلف خزينة لوزارة الطاقة، والكهرباء الى مزيد من التقنين وصولا الى ساعتين في الـ 24 ساعة منذ نحو ستة أشهر، وذلك بعدما تبخرت كل الوعود التي أطلقها وزراء الطاقة المتعاقبين من جبران باسيل الى مستشاريه من أصحاب المعالي بتأمين التيار الكهربائي على مدار الساعة، وربط هذه الوعود بطلب الحصول على سلف خزينة لمنع وصول لبنان الى العتمة الشاملة قبل أن يصار الى تحقيق هذا الانجاز.
لم يخش الرئيس ميقاتي من العتمة، التي طُرحت مجددا كبديل عن سلفة الخزينة، بل رفض كرئيس للحكومة مؤتمن على المال العام، إعطاءها أو إدخالها في مشروع الموازنة العامة، كما رفض الاستمرار في هذا النزف المالي، قبل أن يكون هناك نظرة إستراتيجية لمستقبل قطاع الكهرباء الذي أفرغ خزينة الدولة، من شأنها أن تؤسس لإعادة بنائه من جديد ومواجهة كل الأخطاء التي إرتكبت بحق اللبنانيين من خلاله.
في هذا الاطار، يقول النائب نقولا نحاس لسفير الشمال: لن يعطي الرئيس ميقاتي سلفا جديدة من دون أن يكون هناك قانون يحدد معالم مستقبل قطاع الكهرباء وينقذه من الهوة السحيقة القابع فيها، ويأخذه الى مكان آخر مع قانون عصري يساهم في إيجاد حل متكامل يترجم الاستراتيجية أو الرؤية التي من المفترض أن تُدرس في مجلس الوزراء وتُحال الى مجلس النواب، عندها تكون المسؤولية مشتركة في إنقاذ قطاع الكهرباء في لبنان وإخراجه من النفق المظلم، لأن التغذية الكهربائية بساعتين بعد 30 سنة من الحصول على السلف والأموال الطائلة التي صرفت على الكهرباء هو جريمة موصوفة بحق لبنان واللبنانيين على حد سواء.
وأكد نحاس أن الرئيس ميقاتي غير مستعد لتحمل أوزار الأخطاء التي إرتكبت في قطاع الكهرباء أو أن يستمر بها، وبالتالي إما أن نتفق في الحكومة وفي مجلس النواب على كيفية الخروج من هذا النفق، أو فليحتمل الجميع المسؤولية، لأنه لا يمكن إستمرار السير بالخطأ القائم.
وردا على سؤال عن البديل الحالي، يؤكد نحاس أن الفيول العراقي يؤمن تغذية كهربائية جزئية، ونحن ننتظر إنتهاء آليات إيصال الكهرباء الأردنية والغاز المصري في لبنان حيث سيصار الى إرتفاع ساعات التغذية.
ويرى نحاس أن الموقف الذي إتخذه الرئيس ميقاتي وضع من خلاله خطا على كل المسار القديم في التعاطي مع قطاع الكهرباء، وفتح المجال للدخول الى مسار جديد يخرجنا من الأزمة، وهو أكد أنه ليس مستعدا أن يتحمل مسؤولية إستمرار الخطأ القديم، وأنه سيعمل على رسم مسار جديد، بتوافق حكومي وموافقة مجلس النواب، لكي ينقل لبنان من ضفة الهدر في الكهرباء الى ضفة الانتاج الحقيقي وهذا أحد أبرز مهام حكومة “معا للانقاذ”.
ويختم نحاس مؤكدا أن حل أزمة الكهرباء سيكون صعبا إذا لم ترفع السلطة السياسية يدها عن قطاعها، وهي سهلة جدا في حال تم إتخاذ الخيار الاستراتيجي الذي يهدف الى وضع القطار على السكة الصحيحة بتوافق الجميع.