تصورها وسائل الإعلام على أنها جبال قاسية تؤوي مقاتلين، وأراض قاحلة وساحة حرب، لكن قبل الغزو الأميركي وقبل الحرب الروسية والتجربة الشيوعية للبلاد كانت أفغانستان مكاناً مختلفاً تماماً.
في ستينيات القرن الماضي شهدت أفغانستان تحديثاً انعكس على حياة المواطنين قلباً وقالباً، فذهب الرجال والنساء على حدٍ سواء إلى الجامعات، وكانت الطرق المُعبَّدة حديثاً مزدحمة بالسيارات.
لكن في الوقت نفسه، حافظ الأفغان على الكثير من جوانب الثقافة التقليدية، ولم يمانعوا استيراد بعض الظواهر الحديثة.
الوجه الذي لا تعرفه عن أفغانستان
وكشفت مجموعة مذهلة من الصور شكل الحياة في أفغانستان خلال ذلك الوقت الفريد من تاريخها.
إذ أخذ المصور الهاوي والأستاذ الجامعي الدكتور ويليام بودليش إجازة من وظيفته في جامعة ولاية أريزونا العامين 1967 و1968، للعمل مع اليونسكو في العاصمة الأفغانية كابول، وأحضر معه طفليه جان وبيغ وزوجته مارغريت.
أراد بودليش بعدما خدم في الحرب العالمية الثانية تعزيز جهود السلام، فتعاون مع اليونسكو للعمل لمدة عامين في كلية المعلمين العليا في كابول، وفق ما نشره موقع Insider.
وبعدما كانت هذه الصورة منسية في أدراج الأستاذ الجامعي عثر صهره كلايتون إسترسون عليها في عام 2013، ونشرها على شبكة الإنترنت، ليقدم لمحة حقيقية عن الوجه الآخر لأفغانستان ما قبل الحروب والصراعات.
وقال إسترسون لصحيفة دنفر بوست وقتها: “كتب العديد من الأفغان تعليقات تُظهر تقديرهم للصور التي تُظهر ما كانت عليه بلادهم قبل 33 عاماً من الحرب”.
وحسب ما توضحه الصور، تظهر الأزياء المتنوعة التي كان يرتديها المواطنون بين العباءة التقليدية والسروال والجاكيت العادي.
أما الفتيات فتكشف إحدى الصور لحظة خروجهن من المدرسة وهن يرتدين تنانير تصل إلى الركبة، ويضعن منديلاً أبيض لا يُغطي كل الشعر، بينما كانت طالبات الجامعة يرتدين أزياء غربية بامتياز.
آثار ومعالم تاريخية
وتعتبر أفغانستان موطناً للعديد من المواقع الأثرية التاريخية الجميلة، نذكر منها:
قلعة الإسكندر
يعود تاريخها إلى عام 330 قبل الميلاد في قلب هرات أفغانستان، شيد الإسكندر قلعة هرات عندما وصل مع جيشه إلى أفغانستان بعد معركة غوغاميلا.
استخدمتها إمبراطوريات أخرى مختلفة كمقر لها على مدى ألفي عام، شهدت خلالها الكثير من الدمار وإعادة البناء لاحقاً من قبل السلالات الحاكمة.
في عام 1976 قامت منظمة اليونسكو بالتنقيب عن القلعة وترميمها، وفي السنوات الأخيرة قررت عدة منظمات دولية إعادة بنائها بالكامل، لتضم أيضاً المتحف الوطني في هرات.
تماثيل بوذا باميان
تقع تماثيل بوذا في مدينة باميان التي تعود للقرن السادس في منطقة هزارجات بوسط أفغانستان، وتقع أيضاً على طريق الحرير التجاري الشهير.
وتم نحت التماثيل في منحدرات متجانسة في وادي باميان على ارتفاع 2500 متر داخل منحدرات من الحجر الرملي. ومثل الآثار الأخرى شهد الموقع دماراً ثم تجديداً جزئياً، لكنه لم يفقد أهميته الثقافية والسياحية.
مئذنة جام
في مقاطعة، تتمركز مئذنة جام التي صُنفت كموقع تراث عالمي من قبل اليونسكو.
كان المؤذن يدعو للصلاة من أعلى هذا البرج العريق، وزينت جدران المئذنة بشرائط متناوبة من الخط الكوفي والنسخ وأنماط هندسية وآيات من القرآن.
ترتكز المئذنة الدائرية على قاعدة مثمنة الشكل، بها شرفتان خشبيتان ومصباح، وتعد من المواقع السياحية الشهيرة.
ورغم الصراعات السياسية والقوى المتحاربة لفرض سيطرتها في قلب آسيا، فإن جمال أفغانستان وتراثها الغني ينعكس في هذه المعالم التاريخية، التي تم إنشاؤها بعد أن قرر حكام في السابق تحويلها إلى موطنهم.
متاحف ومراكز ثقافية
من بين المرافق الثقافية الرئيسية في كابول المتحف الوطني لأفغانستان، الذي أعيد افتتاحه في عام 2004، بعد تعرضه للنهب والتدمير أثناء القتال بين الفصائل في 1993-1994.
كما يحتوي الأرشيف الوطني على مجموعة ممتازة من المخطوطات النادرة، إلى جانب اللوحات الفنية ومركز ثقافي فرنسي ومعهد جوته الثقافي الألماني.
وفي العام 2008، أعيد افتتاح حديقة تسمى باغي بابور، وهي واحدة من الحدائق العديدة التي بناها الإمبراطور المغولي بابور في القرن السادس عشر، إذ كانت كابول العاصمة الأولية لسلالة المغول الذين حكموا الهند عام 1504، عندما ضمّها الإمبراطور بابور لمملكته، الذي استثمر في المباني العامة والحدائق.
وبحسب روايته الخاصة، فإن سبب وقوعه في حب المدينة كان مناخها وثمارها اللذيذة.
واليوم، تستخدم الحديقة لتنظيم الفعاليات الثقافية بما في ذلك المعارض والحفلات الموسيقية.
وتشتهر أفغانستان بمجموعة كبيرة من الفواكه المجففة عالية الجودة والعضوية مثل الزبيب والمشمش والتين والكرز والخوخ والتمر والتوت.
ويعد رمان قندهار من أشهر منتجاتها الزراعية، حسب ما نشره موقع Taste Atlas.
تعددية عرقية ودينية
كانت كابول تاريخياً بوتقة انصهار الجماعات العرقية المتنوعة التي تعيش في أفغانستان.
وبالإضافة إلى مجتمعات البشتون والطاجيك، الذين يشكلون غالبية الأفغان، يوجد عدد كبير من سكان الأزارا إلى جانب الأوزبك والتركمان ومجموعات أخرى.
وفي حين أن غالبية السكان من المسلمين، هناك أيضاً مجتمعات السيخ والهندوس، والتي نتجت نحو الأرياف نتيجة الصراعات والحروب الأخيرة.
أما هذه التعددية فتنبثق من موقعه الجغرافي كمدينة رئيسة على طريق الحرير التجاري، الذي ربط جنوب وشرق آسيا بأوروبا والشرق الأوسط، ما جعلها جائزة يسعى إليها بناة الإمبراطوريات، تاركين آثاراً ومعالم على أنهم مروا يوماً من هنا.