في الأيام الماضية عُقدت ثلاثة إجتماعات مهمة على الصعيد الأمني و الإنفجار الإقتصادي والمعيشي و تداعياته :
1-إجتماع مجلس الدفاع الأعلى في قصر بعبدا الذي ناقش الوضع الأمني المتدحرج، في ضوء إنعكاسات أزمة المحروقات على الأمن الإجتماعي، وانطالقاً من تداعيات إنفجار "التليل" في عكار.
2-إجتماع اليرزة في مقر قيادة الجيش، حيث عقد قائد الجيش العماد جوزف عون إجتماعاََََ حضره المديرون العامون للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، لأمن الدولة اللواء طوني صليبا، ولقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان، مدير المخابرات في الجيش العميد أنطوان القهوجي، مساعد المدير العام للأمن العام العميد الركن سمير سنان، رئيس فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي العقيد خالد حمود ورئيس مكتب شؤون المعلومات العميد يوسف مدور، وتداول المجتمعون تداعيات الأزمة الإقتصادية والتحركات الشعبية إحتجاجاً على فقدان مادتي البنزين والمازوت وما يترتب عنه.
واتفقوا على مواصلة التنسيق في ما بينهم واتخاذ خطوات عملانية للحؤول دون تكرار الحوادث الأمنية التي حصلت في أكثر من منطقة.
وفي هذا السياق، حذرت مصادر أمنية رفيعة المستوى من الفوضى الشاملة، وأشارت الى أن تحرك الجيش اللبناني في كافة المناطق اللبنانية جاء على خلفية التحلل السياسي والأمني، وقد اتخذ القرار في اجتماع اليرزة الأخير والذي ضم كافة قادة القوى الأمنية "بالضرب من يد من حديد"، بعدما تقاطعت التقارير الأمنية الداخلية والخارجية على نقطة
محورية تفيد بأن الأمور تجاوزت الخط الأحمر بعدما تحولت البلاد الى "حارة كل من إيدو إلو"، وسط تقديرات بأن الإنفلات الأمني الشامل بات قاب قوسين أو أدنى.. كما حذرت من إستمرار الفراغ السياسي ًوعدم تشكيل حكومة قريبا جدا، لأن القوى العسكرية لن تكون قادرة على الإستمرار طويلاً في حالة الإستنفار القصوى على مختلف الأراضي
اللبنانية، وستتعرض للإنهاك إذا لم تبدأ عملية جدية للإنقاذ الإقتصادي تريح الجو العام في البلد، وهذا يعني حكما أن التدهور المرتقب سيكون خطيراً للغاية ومن دون كوابح، وقد وضعت هذه التحذيرات على طاولة مجلس الدفاع الأعلى وكل من يعنيهم الأمر وبيدهم الحل والربط.
وأعرب مصدر أمني مسؤول عن قلق شديد من الوضع المستجد، وقال: "نشعر أننا أمام إنفجار إجتماعي كبير جدا، والمواطنون غاية في التوتر، وما نخشاه هو أن تنفلت الأمور وتؤدي الى خلق وقائع غير محسوبة لا تُحمد عقباها، ومع الأسف أقول إن كل الإحتمالات السلبية واردة. وكشف عن توجه لحضور أمني على الأرض أكثر كثافة وفعالية.
3-إجتماع مطار بيروت الذي عقده مدير وكالة الإستخبارات الأميركية المركزية "سي أي إيه" ويليام بيرنز مع قائد الجيش العماد جوزف عون وعدد من قادة الأجهزة الأمنية بعيدا عن الأضواء عقب انتهاء زيارته الى إسرائيل وهو في طريقه إلى القاهرة.. وحمل بيرنز في لقاءاته التي عقدها على إنفراد مع قادة الأجهزة العسكرية والأمنية رسالة دعم أميركية للدور المميّز الذي تقوم به القوى الأمنية، للحفاظ على الأمن والإستقرار، وهو تطرق على هامش لقاءاته إلى
تصاعد الأزمة السياسية، في ظل الفراغ المترتب على تعذر تشكيل الحكومة الجديدة، واستمع إلى وجهات نظرهم حول هشاشة الوضع الأمني ومدى قدرة القوى الأمنية على الصمود في مواجهة المخاطر المحدقة.
إجتماعات بيرنز في المطار ترافقت مع حركة دبلوماسية سياسية للسفيرة الأميركية دوروثي شيا في اتجاه الرئيس ميشال عون والرئيس المكلف نجيب ميقاتي، هدفت الى الحث على تشكيل حكومة والإطلاع على الجهود الآيلة الى تشكيلها، وقالت في هذا الصدد بعد لقاء عون "إن الشعب يعاني والإقتصاد والخدمات الأساسية وصلا إلى حافة الإنهيار".
وأضافت: "كل يوم يمر من دون وجود حكومة تتمتع بالصلاحيات وملتزمة وقادرة على تنفيذ إصلاحات عاجلة هو يوم ينزلق فيه الوضع المتردي أصلاً أكثر فأكثر إلى كارثة إنسانية".
وطالبت السفيرة الأميركية بتفسيرات حيال البطء في عملية الولادة الحكومية. أما الأمر الأكثر إلحاحاً في زيارتها، فكان الإستفسار عن جدية التعاون مع إيران في مجال المحروقات، محذرة من مخاطر التعاون مع بلد تفرض عليه بلادها عقوبات صارمة، ما قد ينعكس سلباً على الإقتصاد اللبناني المنهك الذي لن يكون خارج دائرة هذه العقوبات. في المقابل
سمعت شيا كلاماً واضحاً في القصر الجمهوري عن عدم وجود أي ترتيبات رسمية من الدولة حيال هذا الملف، مع التحذير في المقابل من ترك لبنان يغرق في أزماته، ما سيفتح الأبواب أمام جهود غير رسمية لإيجاد الحلول في قطاع حيوي يضع إنهيار البلد أمام الفوضى الشاملة. أما الرئيس ميقاتي فنفى علمه بوجود نية لدى الدولة اللبنانية في استيراد المحروقات من إيران.