2024- 11 - 05   |   بحث في الموقع  
logo لبنان يطالب دول مجلس الامن بالضغط على إسرائيل لوقف مسارها التدميري للقطاعات اللبنانية logo الراعي يترأس الاجتماع الشهري لمجلس المطارنة logo سحب ألوية من الجنوب.. الجيش الإسرائيلي يقلص عملياته البرية؟ logo حقيبة قرب مدرسة أثارت بلبلة… وهذا ما تبيّن بعد الكشف عليها logo خبر عن البترون… هذه حقيقته logo جمشيد شارمهد توفي قبل إعدامه... إعلام إيراني يكشف! logo إيران مصممة على الثأر لسليماني... تقاريرٌ استخبارية تكشف logo "التبس عليه الأمر"... محفوض يردّ على طرابلسي!
بعد عامٍ على الانفجار… ماذا يقول أصحاب المصالح عن التداعيات المستمرة؟
2021-08-01 11:25:16




عامٌ مرَّ على نكبة 4 آب، وما يزال الألم حاضراً في نفوس أبناء مار مخايل، سواء أكانوا من السكّان أم من أصحاب الأعمال. إنّ كلمة واحدة ردّدها أصحاب الأعمال والسكّان في مار مخايل: “وكأنّ الانفجار وقع أمس”، لأنّ المنطقة لم تتخلّص حتى الآن من وجعها، حيث الأعمال لم تُرمّم أماكنها، والأهالي لم تُنجز ترميم مساكنها بعد.


“جميع الأحداث الأمنية الماضية لم تؤثّر فينا كما فعل انفجار 4 آب، فالإحساس كان مرعباً جداً للمرة الأولى في حياتي”، هكذا عبّر جورج مسلّم، صاحب محلّ حلاقة للرجال في منطقة مار مخايل. محلّه الكائن بوجه كنيسة “مار مخايل”، أي على بُعد أمتار من المرفأ، تضرّر بشكل كبير، من واجهة وسقف وبعض الأغراض والمعدّات. وكلَّفت إعادة تصليح جميع هذه الأضرار حوالي 4500 دولار fresh.


ويوضح جورج أنّ العمل تأثّر كثيراً من جراء الانفجار والأزمة الاقتصادية، بالرغم من أن المبلغ المذكور ليس كبيراً، لكن “مشكلة الدولار هي التي أهلكتنا”. وقد نزل إلى محلّه في اليوم الرابع على الانفجار، ويقول: “تأثّرت كثيراً لدى رؤيته مدمَّراً، فهذا باب رزقي، وليس لديّ أيّ مصدر دخل آخر، لكن صلّبت يدي على وجهي، وشرعت في التصليح، لأنّه كان لديّ إصرار كبير جداً على معاودة عملي. فأنا أحبّ لبنان، ولا يمكنني أن أستغني عنه”. ويروي أنّه خلال ورشة التصليح، كان يُمارس عمله بشكل طبيعيّ، إذ جلس الزبائن على دلوٍ ليقصّوا شعرهم، ولديّ أمل في أن أستمرّ في لبنان بالتأكيد، وهذا ما دفعني لمباشرة التصليح بقوة”.


ويستذكر جورج كيف كان يقصّ شعر زبونٍ عندما وقع الانفجار، إذ أُصيب بشكل طفيف و”نجا بأعجوبة”. كذلك يستذكر لحظة رؤيته الجرحى والمصابين على الأرض بالقول: “توقّف تفكيري، لكنّني شعرت بفزع مريع، ولم أنم لثلاث ليالٍ بعد الانفجار، وما زلت أخاف من أيّ صوت قويّ أسمعه. ما يزال بداخلي، ولا يشعر به إلّا من شهده”. لكن جورج لم يعُد إلى منزله الكائن فوق محلّه، كما لم تعد عائلته أيضاً؛ فأولاده بحالة خوف، وامتلكهم هاجس الانفجار. ويقول:” لا أشعر أنّه مرّ عام على الانفجار، وكأنّه وقع أمس، فنحن لم نتخلّص من تأثيره ومخلّفاته فينا”. ويحتفظ بساعة حائط توقّفت عقاربها على توقيت وقوع الانفجار، الذي يقول: “سترافقني مدى الحياة فهي ساعة إهمال المسؤولين لدينا وما فعلوه بنا”.


أمّا بالنسبة إلى المعلّم جورج عساف، صاحب مرأب لتصليح السيارات في المدوّر، فالانفعال سمة حديثه معنا بسبب تذمّره من الحال التي وصل إليها، إذ يقول: “بعد 4 آب لم أعد أنا، استُبدِلت بشخصٍ آخر”. فمن “بعد الانفجار، لم يعد هناك أيّ أفق لمستقبل أولادنا ولا لأعمالنا، ولا أمل لدينا في أيّ شيء بعد الآن، إذ أصبح عمري ستين عاماً، وأكدح من الفجر، ولا أستطيع العيش كما يجب”.


تفتح أسئلتنا مواجع المعلم جورج، ويبدأ بالتململ من تردّي وضع عمله بعد الانفجار، بسبب الأضرار الكبيرة التي حلّت بمرأبه، إلى جانب مشكلة الدولار؛ لذلك يتحدّث بلوعة، ويرفع صرخته بسبب الواقع الذي تأزّم بعد 4 آب، إذ بعد عامٍ من الانفجار، لا يزال وضع جورج “مذرياً”، لأن بيته ومرأبه تضرّرا، وحتى الآن هو غير قادر على إصلاح عقاره، ولم تصدق أيّ جمعية في تصليح أضراره.


لذلك، قام بالتصليحات من ماله قدر المستطاع؛ فالخسائر كانت كبيرة، وضمنها جميع أدوات العمل، في ظل الأوضاع المادية الصعبة. لقد كان التصليح صعباً لأنّ الدولار أزّم الوضع أكثر. حتى نفسياً، لم يتخطَّ المعلم جورج الانفجار ويفكّر في الانتقال للسكن في قريته.


“الانفجار وقع أمس لأنّ وضع المنطقة كلّها على حاله، والمنازل من حولنا هجرها أهلها، ومنها ما لم يُصلَّح بعد”، هكذا يشعر المعلم. ولا ينسى لحظات وقوع الانفجار، التي لا تُمحى من ذاكرته، ويقول بغضب: “ما حدث غير طبيعيّ، ولا شعورياً أنفعل دائماً كلّما تذكّرت الانفجار وما حلّ بنا. أين كرامة الإنسان في هذا البلد؟”.


في دكانٍ صغير عند أوّل شارع مار مخايل، تجلس سيّدة مسنّة، نسمع صوت تذمّرها وتأفّفها لدى حديثها مع أحد الزبائن عن وضع البلد، لدى دخولنا من باب الدكان. سهام تكيان، سيدة عايشت الحرب في لبنان وجميع الويلات السابقة، “إلّا أّن المرحلة الأصعب التي نمرّ بها هي منذ ما بعد 4 آب حتى اليوم، وكأنّ الانفجار وقع أمس”.


أُصيبت سهام إصابات بالغة، ونجت بأعجوبة. حتى الآن، لا تزال تعاني من تبعات إصابة رجلها، إذ “لا يمكنني المشي أكثر من بضعة خطوات، فكيف عساني أنسى ما جرى؟”.


دُمّر منزلها بشكلٍ كبير، لكنّ الضرر الأكبر حلّ بدكانها ومخزنها، اللذين دُمّرا نهائياً. جميع البضاعة أُتلفت، وشركة التأمين لم تغطِّ أضرار الانفجار، وتكبّدت سهام خسائر كبيرة من جراء تلف البضاعة كلّها وعدم اعتراف الشركات المورّدة بهذا الحادث للتعويض عليها.

ويصعب على سهام ملء جميع رفوف دكانها بسبب الأزمة والدمار الذي حلّ بدكانها، وتوضح أنّ العمل تأثّر بشكلٍ سلبيّ بعد 4 آب، وتضيف: “فلا يمكننا استرجاع أموالنا لملء الرفوف، وبالتالي البضاعة ضئيلة والإيرادات كذلك، إلى جانب ارتفاع سعر صرف الدولار”.


وتسرد سهام “ليس هناك أيّ كلام يمكن أن يعبّر عن هول ما رأيت في الشارع لدى توجّهي إلى المستشفى لمعالجة إصاباتي. المشهد مأساوي جداً”. جالت لأكثر من ثلاث ساعات حتى وصلت أخيراً إلى المستشفى حيث طُبِّبت. ولدى روايتها ما جرى، بكت، وقالت: “أشعر بالوجع والانحطاط عندما أتذكّر كلّ المشاهد التي رأيتها في طريقي إلى المستشفى، وأشعر إلى أي مدى لا قيمة لنا في هذا البلد، وإلى أيّ مدى الشعب اللبناني رخيص. أين قيمة الإنسان؟”.


وبالرغم من أّنّ شارع مار مخايل يعود إلى الحياة، لا سيما مع الحياة الليلية في الحانات المجاورة لدكان سهام، فإنّ مشهد الانفجار لم يغِب عن ذهنها. وصحيح أنّ المنطقة تعود إلى الحياة، لكنّها عودة ليست كسابقتها، حيث قسم من الحانات لا يزال مغلقاً، وأمّا القسم الآخر الساعي إلى الانطلاق مجدّداً فيؤثّر سلباً في نفس السيدة تكيان التي يستفزّها صوت الموسيقى، “فلدى سماعي موسيقى عالية تخرج من هذه الحانات أو من سيارات مارّة، أتوتّر وأبكي، فما زالت هذه المنطقة منكوبة، وجرح الانفجار لا يزال مفتوحاً، وسماع الأغاني في الشارع يزعجني جداً”.




Damo Finianos



ملاحظة : نرجو ممن يرغب بإضافة تعليق، صياغته بلغة لائقة بعيدة عن القدح والذم والتحريض المختلف أو المسّ بالكرامات. إن كل ما ينشر من مقالات وأخبار ونشاطات وتعليقات، لا تعبر بأي شكل من الأشكال عن رأي الموقع الذي لا يتحمّل أي أعباء معنويّة أو ماديّة من جرّائها.


التعليقات

لارسال تعليق يرجى تعبئة الحقول الإلزامية التالية

الاسم الكامل: اختياري *الرسالة : مطلوب

 البريد الالكتروني : اختياري

 الدولة : اختياري

 عنوان الرسالة : اختياري

 



INN LEBANON

اشترك و أضف بريدك لتلقي الأخبار

تابعونا على مواقع التواصل الاجتماعية
INN LEBANON ALL RIGHTS RESERVED 2024
top