بعد تأخير دام نحو عشرين يوماً، تقاضى أخيراً نحو مئتي موظف يعملون في بعض الأقسام التابعة لـ«كاريتاس» رواتبهم المحدّدة بالليرة اللبنانية. يؤكّد هؤلاء، كما الإدارة، عدم وجود مشاكل مالية تُبرّر التأخير «المُستجدّ» في دفع المُستحقات الذي ظهر في «عهد» رئيس الرابطة الأب ميشال عبود. وفيما يعزو الأخير السبب إلى «المصارف» التي تتأخر في صرف الأموال للموظفين، تقول مصادر إدارية في الرابطة إن السبب ليس إلّا استخفافاً بعشرات الموظفين الذين لا يحظون بدعم من الرئيس «وإلا لما كان الموظفون المُقرّبون منه من إداريين ورؤساء أقسام يقبضون رواتبهم على الوقت».
هذا الكلام يتقاطع وما تقوله شهادات عشرات الموظفين ممن شكوا «الاستنسابية» في صرف الرواتب متّهمين الرئيس «الذي جلب طاقمه معه» بالتمييز، «إذ حدّد رواتب المحظيين لديه من مدراء وموظفين يعزّون عليه بالفريش دولار التي قد يصل بعضها إلى ثلاثة آلاف دولار فيما يتقاضى الآخرون رواتبهم التي لا يتجاوز بعضها المليونَي ليرة لبنانية بالتنقيط».
اللافت أن الفارق في الرواتب لا يخضع لمعايير واضحة تتناسب وحجم الأعمال، وبالتالي «التفريق» الحاصل بين الموظفين، على حدّ تعبير الموظفين المتضرّرين، سببه «أهواء» الأب عبود فقط، «وإلا كيف للعاملة المنزلية الموظفة في كاريتاس التي يستعين بها للقيام بأعمال التنظيف الخاصة بمنزله أن تتقاضى 800 دولار فيما لا تتعدّى رواتب غالبية الموظفين في الأقسام الصحّية، التي تُعد عصب الرابطة وواجهتها المليونَي ليرة لبنانية؟».
عزا رئيس الرابطة الفوارق في رواتب الموظفين إلى «الغيرة» و«الحسد»!
تقول رواية المتضررين إن الرئيس أقدم تدريجياً مذ توليه رئاسة الرابطة على توظيف عشرات الموظفين المقرّبين منه مُشيّداً ما يُشبه «إمبراطورية» تابعة له، بدءاً من موظفي الأمن وصولاً إلى المدراء الذين يعملون في مبنى الإدارة في سنّ الفيل، مُشيرةً إلى أن البعض تلقّى زيادة في الراتب على أساس الدولار «فيما تلقّى عشرات الموظفين الغاضبين من التأخير في الرواتب والمطالبين بتصحيح الواقع تهديدات بالاستقالة والإجبار على إمضاء إنذارات».
في اتصال مع «الأخبار»، يقول الأب عبود إن الاختلاف في صرف الرواتب يعود إلى اختلاف الجهات المموّلة للمشاريع التي تتولاها «كاريتاس»، «فإذا كانت الجهة المموّلة تخصص أموالها بالدولار نقوم بصرف رواتب الموظفين في المشروع بالدولار، أما إذا كانت بالليرة اللبنانية فليس لدينا خيار إلا بدفع الرواتب بالليرة اللبنانية». وإذ يُشير عبود إلى أن الوضع المالي في «كاريتاس» أفضل من أي قطاع في لبنان، يعزو الحديث عن الفوارق والتمييز بين الموظفين إلى «الغيرة» و«الحسد»، معتبراً أن معظم الموظفين في مختلف الأقسام «يتقاضون رواتبهم أفضل من أيّ قطاع في لبنان في ظل الوضع الراهن».
إلّا أن كلام الأب عبود يتناقض والمعطيات التي تُفيد مثلاً بأن العاملين في المستوصفات التي تحظى بتمويل أجنبي بالدولار، يتقاضون رواتبهم بالليرة اللبنانية فيما يتقاضى بعض الإداريين «ممن يتولون مهامَّ إدارية شكلية وتم توظيفهم نتيجة محسوبيات» بالدولار الفريش. ووفق المصادر الإدارية نفسها، فإنّ نحو مئتي موظّف مُقرّب من الأب تمّ توظيفهم بهذا الشكل، فيما يقول أحد الموظفين المتضررين إن المطلوب هو إرساء معايير عادلة في أقسام الرابطة بهدف المزيد من الشفافية وتحقيق العدالة بين الموظفين، لافتاً إلى أن جزءاً كبيراً من الموظفين «المغبونين» شكوا إلى عدد مختلف من المطارنة والمعنيين «إلا أن شكوانا لم تلقَ آذاناً صاغية».