الملف الحكومي لم يغادر الكواليس، ومازال يتحرك في مساحة المشاورات المستبقة للاستشارات، وهذا ما يفسر غياب رئيس مجلس النواب نبيه بري عن المشهد، وبمعزل عن التزام بري حيال الرئيس المكلف المعتذر سعد الحريري، فإن رئيس المجلس يرفض الدخول في مشاورات رئاسية غير ملزمة، تستبق الاستشارات النيابية الملزمة، فتسمية رئيس الحكومة المكلف شأن النواب، وليس خيار اي جهة دستورية أخرى.
أما على صعيد المشاورات الجارية في بعبدا، فلايزال المشهد غامضا، وغربال الرئاسة لم يتوقف عن الهز، فالأسماء الملائمة من وجهة نظر رئيس الجمهورية ميشال عون ومعاونه الرئاسي جبران باسيل، لا تحظى بالقبول لدى معظم الآخرين، والأسماء المقبولة من الآخرين، لا تصمد في غربال القصر، الباحث عن رئيس حكومة، وحكومة يحسنان وفادة العهد في سنته الدستورية الأخيرة.
وما يساعد في ضياع الوقت كما يقول المثل: الطبل في مكان والطبال في مكان آخر والإيقاع المرغوب، لا بأس به من اي وزن، عدا وزن الحريرية المشطوب من نوته القصر الرئاسي في بعبدا.
بمعنى آخر، ان على المرشح للتسمية رئيسا للحكومة ان لا يكون بمواصفات سعد الحريري، وهذا بالنسبة للرئيس المعتذر، بمنزلة الضارة النافعة.. بدليل تخبط مشاورات القصر في بحيرة الأسماء والاتجاهات، اضافة الى اكتشافه انه في اتجاه الوصول الى حكومة اللون الواحد، المرفوضة بالكلية من المجتمعين العربي والدولي.
وفي هذا الضوء، بات السؤال مبررا، حول ما اذا كانت الاستشارات ستحصل في موعدها الاثنين المقبل، او ستتأجل إفساحا في المجال للمزيد من المشاورات؟
مصادر التيار الحر، لا تتوقع التأجيل، بينما الأطراف الأخرى لا تستبعده، في ظل المقاطعات النيابية الممكن ان تحصل، وثمة فريقا ثالثا، لا يرى الفريق الرئاسي راغبا في تشكيل حكومة، مفضلا الاستمرار في سياسة التحكم الثنائي المباشر، مهما بلغ عمق الجحيم الذي آل لبنان اليه.
بدوره، رئيس تيار «المرده» سليمان فرنجيه قال بعد لقائه البطريك بشارة الراعي في الديمان: ماذا يمكن أن نقول أمام الظروف التي نعاني منها فلم يعد هناك طبقة وسطى في البلد.
وعن الحكومة اعتبر انه «لا يمكن إلا أن نسمي إما فيصل كرامي أو نجيب ميقاتي لرئاسة الحكومة اللذين تربطنا بهما علاقة شخصية ولا نريد أن نشارك في حكومة من فريق واحد ولا يمكن أن نشارك في حكومة لفريق العهد فيها أكثر من الثلث».
وآخر ما توقعته صحيفة «لو فيغارو» الفرنسية للبنان، هو وضعه تحت الوصاية الدولية، حيث كتب رينو جيرار تحت عنوان «التمرين الصعب لفرنسا في لبنان» وقال: ان كل الخيارات مفتوحة في هذا البلد، منها وضعه تحت الوصاية الدولية.
واعلن البيت الأبيض انه مدد الرئيس جو بايدن حالة الطوارئ الوطنية الخاصة بلبنان والتي يفترض ان تنتهي مدتها مطلع شهر آب/ أغسطس المقبل، بما يتيح للرئيس الاميركي التعامل مع الازمات الطارئة بسرعة وحسم، دون مراجعة الكونغرس.
وفي السياق عينه، طالب مساعد وزير الخارجية بالانابة لشؤون الشرق الأدنى جوي هود القادة السياسيين اللبنانيين بتشكيل حكومة قادرة وراغبة في تنفيذ الاصلاحات، وأكد ان الولايات المتحدة تعمل على جمع الجهود الدولية ضمن تحالف للضغط على الحكومة اللبنانية.
وأضاف لقناة «الحرة» الأميركية، ان واشنطن تعمل على توفير الحوافز، بالعمل مع الشركاء لدفع القادة السياسيين الى تشكيل الحكومة.
مؤكدا ان بلاده لا تدعم شخصا معينا لرئاسة الحكومة، ولا حكومة عسكرية، يتطلب تشكيلها تعديلا دستوريا.
وتتزامن هذه المواقف الأميركية مع زيارة وفد وزارة الخزانة الاميركية الى لبنان.
في مهمة مخصصة للبحث في التجاوزات المالية وحالات الفساد المرتبطة مباشرة بالتهريب، ويرتقب ان يصل الى بيروت، الاسبوع المقبل، وفد فرنسي يضم اعضاء في مجلس النواب والشيوخ للبحث في ملفات مستقبلية والتحضير للانتخابات المقبلة، والتنسيق حول المؤتمر الدولي الذي دعت اليه باريس في 4 آب/ أغسطس.
على صعيد طلب المحقق العدلي طارق بيطار رفع الحصانة عن نواب ووزراء لاستجوابهم بقضية المرفأ، وتوقيع 26 نائبا لائحة تطالب باحالة الملف الى مجلس محاكمة رؤساء ووزراء، غير الموجود إلا على الورق، غرد وزير العدل السابق اللواء أشرف ريفي عبر «تويتر» قائلا: إن «أي التفاف على طلب رفع الحصانة عبر اختراع المقاضاة أمام مجلس محاكمة الرؤساء والوزراء هو تعطيل متعمد لعمل المحقق العدلي».
وشدد على أن «كل من يشارك فيه إما يفتقر الى الشجاعة خوفا من متآمري النيترات، أو هو المتورط، وفي الحالتين لا يوصف الفعل إلا بالجريمة».