وصل فيليب كعادته حاملاً ومحملاً ولكن هذه المرة ليس بالهدايا والتذكارات من البلدان التي يجول فيها بحكم عمله، بل بأكياس الأدوية التي باتت غير متوفرة في لبنان.
حمل فيليب معه هذه المرة من باريس صيدلية متنقلة لأدوية مزمنة واخرى مقطوعة في لبنان لأهله وخاله وعمه وخالته ولوالد صديقه ولعدد من الاقارب والأصدقاء فأمضى الايام الأولى من إجازته في لبنان في توزيع الأدوية وايصالها الى اصحابها.
ومثل فيليب فعل ريمون ومحمد وسعيد وريتا ومنال وغيرهم من المغتربين الذين ضاقت حقائبهم بالأدوية الخاصة بالأمراض المزمنة وصولاً الى المسكنات وحليب الأطفال حيث يؤكد معظمهم ان مجيئهم الى لبنان سببه الأول تأمين الأدوية غير المتوفرة ورؤية الاهل بعد نحو سنتين من الغياب القسري بفعل فيروس كورونا.
يشير موريس الى انه لم يحمل ثيابه بل حقائب مليئة بالادوية وبعض الأجبان والشوكولا لأولاد شقيقته لافتاً الى ان المغترب اللبناني يحمل أزمة بلاده في قلبه وضميره وانه فوجىء بحجم اللبنانيين الذين حَمَّلوه أدوية وأموال لأهلهم عندما علموا بزيارته الى وطنه الام، كاشفاً انه نقل نحو خمسين كيلوغرام من الأدوية الى لبنان ومعظمها لأمراض مزمنة.
من جهتها تؤكد رانيا انها اختارت ان تجلب الادوية بدل الهدايا الا ان خوفها اليوم من ان تضطر او يضطر احد أولادها لدخول مستشفى في لبنان في ظل النقص الحاد بالمستلزمات الطبية، لافتة الى انها حملت معها نحو 20 كيلوغراما فائضا وكذلك سيفعل زوجها الواصل الى لبنان في غضون اسبوع.
بدوره يشدد بول على ان همه الاساسي قبل مغادرته باريس كان تأمين الوصفات الطبية لشراء الادوية ومعظمها للسرطان والأعصاب والأمراض المزمنة موضحاً انه فوجىء بالاتصالات التي وردته حول ادوية مقطوعة متمنية عليه حملها معه الى لبنان ومعظمها من اصدقاء ميسوري الحال لكنهم لا يجدون أدويتهم في الصيدليات ما يدفعهم الى الاستعانة بصديق في الخارج واحياناً بصديق الصديق، مبدياً اسفه للحالة التي وصل اليها وطنه الام الذي كان مستشفى الشرق فيما اهله اليوم لا يجدون حبة دواء لأمراضهم.
اكثر ما يؤلم رشيد منذ وصوله الى لبنان طوابير السيارات امام محطات الوقود بالاضافة الى تعسر ايجاد أدوية في الصيدليات وارتفاع اسعار المواد الغذائية يؤكد انه كمغترب يحمل معه عملة صعبة لكنه رغم ذلك شعر ان لبنان لم يعد لبنان الذي يعرفه حيث الغلاء بات فاحشاً جداً بالاضافة الى فقدان سلع عديدة من الأسواق.
“مقطوع” كلمة باتت على شفاه معظم صيادلة لبنان اذ يقتصر عمل الصيدليات هذه الأيام على بيع بعض الأدوية المتوفرة الى بعض المستلزمات الطبية من قفازات وكمامات ومعقمات الى بعض المواد التجميلية التي تراجع حتى الطلب عليها بفعل الأوضاع الراهنة ما دفع نقابة الصيادلة الى رفع الصوت والمطالبة بتزويد الصيدليات بالأدوية اللازمة وإلا الإتجاه الى الإفلاس أو الإقفال.
مغتربو لبنان لطالما كانوا الاساس في البحبوحة المالية واليوم هم العصب في تأمين الدواء واغلبيتهم من دون مقابل شعوراً منهم بوجع اهلهم المقيميين الذين يرددون: الا بوركت الايادي التي تعمل جاهدة في زمن شح الدواء وانقطاعه على تأمينه ولو من خلف سبع بحور بانتظار ان يستيقظ المسؤولون من سباتهم العميق.