سمير مسره
يعتقد المتسلطون على رقاب اللبنانيين منذ اربعين عاما"، والمنتفضون الجدد الزائفون، ان اليوم الاخير من عمر العهد، اي نهار الاثنين 31 تشرين الاول 2022، سيكون تاريخ اعلان انتصار الحرب التي شنها البعض علنا" على الرئيس ميشال عون، مباشرة" بعد ساعات قليلة على انتخابه. هم يتصورون ان الاحتفالات ستعم آنذاك العباد والبلاد مبتهجة" بهزيمة الرئيس والغاء تياره السياسي من المعادلة اللبنانية. سيخرج في ذلك الحين اعلامهم المأجور والمعروف جيدا" من الجميع، ليقول لللبنانيين ان يرتاحوا اخيرا" من هذا الحكم الذي يجب ان يتحمل وحده خراب لبنان. وستتطل علينا كذلك وجوه بعض القادة الروحيين لتعبر عن سرورها لخسارة تيار يعتبرونه مزعجا" في غالب الاحيان.
انها حقا" رواية سوريالية خيالية عجيبة غريبة، جديرة ان تضاف الى قصص الف ليلة وليلة، تتمنى منظومة اوائل تسعينيات القرن الماضي ان تتحقق. ولكن هذه الامنية ستفشل حتما"، وسيصاب ابطالها بخيبة امل كبيرة. فبالرغم من قانون "عفى الله عما مضى"، لم يتعلموا شيئا" من دروس الماضي. فمنهم من كان مصيره السجن لمدة احد عشر سنة بعد ان خدعه رفاقه فور انتهائه من طعن اخيه بالظهر، ومنهم من راهن سابقا" ومؤخرا" على ركوب امواج عواصف الصراع الاقليمي، فاذا به يكتشف الآن ان خياره كان في غير محله، وحان وقت دفع ثمنه الى جاره القريب والبعيد.
اصحاب الرهانات الخاطئة هؤلاء يختلفون عن المناضلين الحقيقيين بموقعين اساسيين: الاول هو تبعيتهم لاوصياء خارجيين مهما كانت الظروف ومهما كانت هوية الوصي، والثاني هو كثرة كلامهم وقلة افعالهم ما عدا تلك التي تغذي جيوبهم او تعرقل المشاريع الاصلاحية.
يكفي ان نسألهم مثلا"، لماذا لم يسارعوا الى اعادة بناء معامل الكهرباء والنفايات عندما كان المال يتدفق بغزارة من سنة 1992 الى سنة 2005؟ ما كان يمنعهم من القيام بهذا العمل الانقاذي آنذاك بدل ان يأتوا الينا اليوم لابسين ثياب العفة ومتحمسين لادانة الاوآدم؟ لماذا سمحوا للدولة طيلة هذه المدة والتي تلتها، ان تتحول الى متسول عالمي يستدين المال، وينفقه بطريقة عشوائية ومشبوهة، ويبني اقتصاد بلد باكمله على اسس ريعية هشة؟ الا يستأهلون منا اذا" ان نسميهم بلصوص مغارة علي بابا خاصة" انهم يريدون بكل وقاحة تلبيسنا مبيقاتهم؟
نعم، هم سيفشلون حتما" رغم كذبهم، وسبابهم، واصرارهم على تشويه صورة الاحرار. لقد فضحتهم الايام عندما اصبح اللبنانيون يعرفون ان ما يسمى بالثورة لم تكن للآسف سوى حصان طروادة جديد استعملته منظومة اوائل التسعينيات كاداة عرقلة اخيرة لاسقاط خيار التغيير والاصلاح، مع استبدال السلاح الميكانيكي، بآخر اقتصاديي، تجويعي.
نهار الاثنين 31 تشرين الاول 2022، لن يكون يوم نصركم، بل يوم عودة تسونامي الحق وسقوط الباطل. ولان الحق سلطان، سوف يصمد اللبنانيون ويتخطون محنتهم، وسوف يشاركون بكثافة في انتخابات ايار البرلمانية المقبلة، ويؤكدوا من جديد ارادتهم في التحرر. ستكون هذه المرحلة مفصلية وستتجذر في الضمير الوطني اللبناني، ليقول التاريخ فيما بعد ان عهدا" شجاعا" قاده رئيسا" استثنائيا" اسمه ميشال عون، كان الوحيد بين كل العهود الذي نادى بالتدقيق الجنائي، وتجرأ على فتح ملفات الفساد، وواجه حاميها، لتكون هذه الخطوات باكورة" لغيرها قد تقوم في اي عهد آخر.
عندئذ سيصح ما قاله "تشي كيفارا" للمناضلين في يوم من الايام:
"القوة الحقيقية هي ان تكون في قمة صمودك عندما يعتقد الكثيرين انك سقطت"