ليس من السهل أن يجد مريض القلب من يتبرع له بقلب سليم. غير أن الفرنسية جولي دوكليرك حصلت على هذه الفرصة مرتين. وهي قد غادرت المستشفى في 14 من فبراير (شباط) الماضي، يوم عيد الحب، وتستعد للاحتفال مع زوجها بعيد ميلادها الثلاثين.
تقيم جولي في مدينة نانت، غربي فرنسا، كانت مولعة في طفولتها برياضة كرة المضرب التي لطالما تمنت أن تصبح معلمة لها. ولكن عندما أرادت التسجيل في نادٍ رياضي طلب منها إحضار شهادة صحية. لكن سماعة الطبيب كشفت عن وجود صوت غريب في قلبها. وخلال سنوات من المراجعات والفحوص كانت صحة جولي تتراجع، إلى أن استدعى فريق من أطباء القلب والديها لإخبارهم أنها تحتاج إلى عملية زراعة قلب. وبالنسبة لمراهقة تبلغ من العمر 15 عاماً وقع الخبر على الأسرة وقوع الصاعقة، خصوصاً أن المتبرعين قلائل وقائمة الانتظار تزدحم بالأسماء. وبعد 4 أشهر فوجئت جولي بأبيها يقتحم عليها قاعة الصف في المدرسة وهو يصيح «لدينا قلب».
وفي خريف 2008 خضعت جولي لعملية زراعة قلب استفاقت منها وهي تتنفس جيداً، وجلست تكتب رسالة شكر طويلة إلى عائلة المتبرع. وقد سارت الأمور بشكل طبيعي لثلاث سنوات. ومع سن البلوغ راح جسمها يعلن عن رفضه العضو المزروع وتعرضت لأزمات عدة. كانت تتحرك ببطء وتشعر بالإرهاق وكأنها عجوز في الثمانين. ومرة ثانية وجدت الأطباء يتحدثون عن عملية استبدال القلب. وجاءها الخبر السعيد، هذه المرة، بينما كانت تتعشى مع صديقاتها، عندها رنّ هاتفها لإبلاغها أن هناك قلباً ينتظرها.
كانت الجراحة أشد خطورة من الأولى وتمت في الشهر الأول من العام الماضي، قبل ظهور «كورونا» بأيام. الأمر الذي استدعى بقاء المريضة في المستشفى لأشهر عدة. واليوم، تبدو فرص النجاح كبيرة، لا سيما أن جولي حافظت على تفاؤلها وقالت للصحافيين بعد مغادرتها المستشفى إنها راهنت على حسن طالعها.
أضافت «أريد كل شيء في الحال ورأسي مليء بالخطط النافعة»؛ ذلك أنها تدرك قيمة الفرص التي أتيحت لها وتخطط للعودة إلى عملها في رعاية ذوي الاحتياجات الخاصة. وفي انتظار تمام التعافي، وتقوم بجولات طويلة في مزارع الكروم القريبة من مكان سكناها برفقة كلبها الوفي، بل تتجرأ وتضرب الكرة الصفراء الصغيرة بمضربها، أحياناً.
من الجدير بالذكر، أن الأوساط الطبية أحيت أمس، اليوم العالمي للتوعية بعمليات التبرع بالأعضاء. حيث يؤكد الدكتور بنوا أفيرلان، المدير المساعد للوكالة الفرنسية للطب العضوي، أن ما مرت به جولي يعتبر حالة نادرة في مجال جراحات القلب، وهو دليل على فاعلية زرع ال-أعضاء، وضرورة أن يتمسك المريض بالأمل. لكنه يعترف بأن العام الماضي شهد انخفاضاً كبيراً في عمليات زراعة الأعضاء بسبب وباء «كورونا». وقد عادت الأرقام للتحسن، لكنها لم تبلغ بعد ما كانت عليه قبل الجائحة.
جولي تدرك تماماً أنها تدين بحياتها الجديدة إلى شخص متوفى مجهول بالنسبة لها. لهذا؛ وشمت على صدرها بالقرب من ندوب العملية الجراحية عبارة «قلبك لي»، ولكنها تقول، إن العبارة غير صحيحة والصحيح «قلباكما لي».