من الطبيعي جداً ألا أختلف مع المواقف والتوجّهات السياسية للنائب جبران باسيل رئيس التيار الوطني الحر الذي أنتمي إليه.
ولكن بكلمته الأخيرة أحسست أنّ الطروحات التي أطلقها، هي الأكثر قرباً من وجداني وما يسكنني من شعور غريب في هذه المرحلة الصعبة على كل الأصعدة التي نعيشها في هذا الوطن.
لكي أشرح باختصار، نحن كتيار وطني حر نتعرّض لحملة إعلامية شعواء منذ دخول التيار إلى السُلطة، لا بل قبل دخولنا!
منذ توقيع ورقة التفاهم بين التيار الوطني الحر وحزب الله في كنيسة مار مخايل، تعرّضنا لكل أنواع الإشاعات السياسية والشخصية وصلت لحدّ محاولات الإغتيال المعنوي والجسدي، إن كان بحقّ فخامة الرئيس قبل وبعد تسلّمه موقع الرئاسة الأولى، وبحقّ رئيس التيار الوطني الحرّ.
كنت أتساءل دائماً كحال الكثير من التيّاريين والمسؤولين في التيار، لماذا نحن دائماً في حالة دفاع نتلقّى ضربات لا يجب السكوت عنها من هنا وهناك !
أتت كلمة الوزير باسيل لتجيب على أغلب أسئلتنا فوضعت الجميع أمام واجباتهم الوطنية. الرسائل كانت واضحة وغير مبطنة مثل ما تعوّدنا من الإعلام الذي يستقي أخباره دائماً من "مصادر".
وجّه رئيس التيار الوطني الحر رسائله بالمباشر لكل شخصٍ باسمه، إن كان على الصعيد المسيحي أو على الصعيد الوطني من حلفاء وحلفائهم.
اولاً الى سمير جعجع الساكت عن إهانة موقع الرئاسة الأولى والساكت عن التعدّي على ما تبقّى من صلاحيات رئاسة الجمهورية اللبنانية لغاية في نفس يعقوب كما يقال.
هنا أتوجّه بسؤال لجمهور القوات اللبنانية، إذا لا سمح الله في يومٍ من الأيّام، جعجع أصبح رئيساً، هل تقبلون أن يتمّ التعدّي على صلاحيات الرئاسة كما يتمّ التعدّي اليوم من قبل بعض الأطراف عبر فرض معايير منافية للدستور والأعراف المعتمدة ناهيكم عن الممارسات الأخرى التي لا تمتّ للميثاق الوطني بصِلَة ! تعقّلوا وانتبهوا!
وبما يخصّ التشكيل الحكومي والمبادرة المطروحة، أتصوّر بأنّ الوزير باسيل كان واضحاً عندما خاطب سماحة السيد وقال له "ما ترضاه لنفسك، نرضى به" .
أقول هذا للتأكيد أنّ الثقة موجودة بين التيار الوطني الحر وحزب الله، والثقة بين الوزير جبران باسيل وسماحته تشبه تلك التي كانت وما زالت بين فخامة الرئيس وسماحته، فهي نتاج عمل تراكميّ مدته ستة عشر سنة استمر خلالها التفاهم، وعلّنا سنلمس تطوير هذا التفاهم قريباً من أجل بناء الدولة التي نحلم بها جميعاً.
وورقة التفاهم هذه حاول جميع الأطراف حتى حلفاء الحلفاء نسفها الا انهم لم يستطيعوا زعزعتها نتيجة الثقة الموجودة والعلاقة المتينة والثابتة بين طرفي التفاهم.
في النهاية أسمح لنفسي بالقول، نحن لسنا مواطنين درجة ثانية في هذا الوطن، لا نطلب أي زيادة على ما يسمح لنا الدستور والميثاق.
فترة الحُكم السوري انتهت، ومن لم يستطع بعد ستة عشرة سنة الخروج من ذهنية تلك المرحلة فهذه مشكلته، والزمن الذي كان يعيّن فيه "باش كاتب" كوزير أو نائب أو مدير انتهى !
في النهاية، نحنُ لا نتعدّى على صلاحيات او حقوق أحد لكن بالمقابل لن نقبل لأحد أن يتعدّى على صلاحياتنا وتمثيلنا الذي ليس منّة او هدية من احد انما حصلنا عليه من الشعب.
نحن نعرف حجمنا كما نعرف حجم الآخرين !