حبيب البستاني*
يصر معظم دول العالم الشقيقة منها والصديقة على إعلان رغبتهم في مساعدة لبنان، جميعهم بدون استثناء متفقون على تشخيص المرض الذي نعاني منه والأزمة الاقتصادية الخانقة التي تضغط على كاهل المواطنين وكلهم وبدون استثناء يذرفون "الدموع" على الناس الذين تحولوا بين ليلة وضحاها من أناس طبيعيين يعملون ويتقاضون أجورهم ويصرفون كل على هواه، هؤلاء تحولوا إلى قوم يعاني من الذل أمام محطات المحروقات والصيدليات والمصارف ناهيك عن المستشفيات التي توقف القسم الأكبر منها عن استقبال مرضى بعض الصناديق الضامنة.
كل هذه الدول عالمة بأحوالنا وحالنا ولكنها تضع شرطاً وحيداً لمساعدتنا، وهي مستعدة وبكبسة زر إلى إغداق الأموال علينا بواسطة صندوق النقد لدولي ومكتسبات مؤتمر CEDRE وغيرها من أموال الدول المانحة، هذا الشرط البسيط في الشكل اتفق اللبنانيون كل اللبنانيين على تنفيذه وهو تشكيل حكومة "مهمة" من الاختصاصيين، ومنذ اجتماع قصر الصنوبر بين الرئيس ماكرون وكل الزعماء اللبنانيين في 6 أب 2020 وبرغم التأييد العلني للمبادرة الفرنسية، لم يستطع الرئيس المكلف ومنذ تكليفه في تشرين الأول 2020 من تشكيل حكومته.
والسؤال المطروح هل المبادرة الفرنسية هي مطروحة للتطبيق فعلاً؟
غريب أمر ولادة هذه الحكومة التي بلغت شهرها التاسع، ففي الزمن السوري كانت إشارة واحدة من غازي كنعان أو رستم غزالة كافية لتذليل كل العقبات وتشكيل الحكومات، فوكلاء سوريا كانوا يستدعون الكل إلى عنجر حيث تتلى عليهم الحقوق والواجبات التي ينصاع إليها كل أهل السياسة فوراً وبدون قيد أو شرط أو حتى مراجعة، في الزمن السوري كان الجميع يؤدي التحية للوكيل أما اليوم فهل يريدوننا أن نصدق أنهم لا ينصاعون لمبادرة الرئيس الفرنسي؟ هل نحن بتنا سذج لنصدق أن الفرنسيين والسعوديين باتوا لا يمونوا على سعد الحريري لتشكيل الحكومة وتسهيل تعيين هذا الوزير أوذاك؟
يحق لنا أن نسأل هل المبادرة الفرنسية هي للتطبيق أم ماذا؟
نعم يحق لنا أن نسال فكل التبريرات والحجج لم تعد كافية للإجابة عن تساؤلاتنا، فطارة يتحدثون عن سؤ العلاقة بين الرئيس المكلف والمملكة العربية السعودية، وأن الحريري يضع شرطاً سابقا للتشكيل وهو ضرورة حيازته المسبقة على التاييد السعودي كضمانة لنجاح حكومته العتيدة، فالحريري يهاب تشكيل حكومة عليها اتخاذ قرارات غير شعبوية، وذلك بدون أن يضمن تدفق الأموال لإ نجاز خطة النهوض الاقتصادي، وطوراً يطالعنا الرئيس المكلف ب "مبكية" شعرية نثرية تندب حقوق الطائفة والحقوق المشروعة لرئيس الحكومة "السني" ليختم بالعبارة الشهيرة "يا غيرة الدين"، وكان اتفاق الطائف والصلاحيات اللامحدودة للحكومة التي تحولت مع الوقت لصلاحات لرئيس الحكومة، هذه الصلاحيات التي انتزعت من صلاحيات رئاسة الجمهورية لم تعد كافية لرئيس السلطة الثالثة في الدولة.
كل ذلك يدفعنا إلى التفتيش عن أسباب التعطيل أو التاخير في تشكيل الحكومة لا فرق.
فهل من في يدهم الربط والحل هم بانتظار الحلول الخارجية التي سترخي حتما بظلالها على المشهد السياسي اللبناني؟
1- من نافل القول أن هنالك هموماً أخرى للراعي الأميركي تتخطى لبنان والإقليم لتصل إلى المحادثات الإيرانية الأميركية، مع إبقاء العين الأميركية على العملاق الصيني الذ ي يتحرك في اكثر من اتجاه وأكثر من منطقة.
2- استنكاف سعودي واضح من الدخول في المستنقع اللبناني، فالسعوديون المهتمون بلبنان ولهم فيه ما لهم لا يريدون الدخول في الوحل اللبناني بمعزل عن الأميركيين وبمعزل عن وجود شخص يمثل المصالح السعودية في لبنان، وهذا غير متوفر في الوقت الحالي.
3- دخول روسيا إلى الإقليم لا سيما إلى سوريا يجعلها تتطلع إلى لبنان كالجار القريب المليء يالثروات الغازية والنفطية. من هنا فإن الدب الروسي يتحرك بقوة ولكن ببطء في الملف اللبناني.
4- الإيراني يتطلع إلى نجاح المفاوضات مع الأميركي وهو يملك ورقة ضغط كبيرة متمثلة بحزب الله.
5- من هنا فإن الدور الفرنسي هو الدور الوحيد ولكن تاثيره ليس بكبير إذ إنه ناتج عن غياب معظم الأدوار عن الساحة اللبنانية وهو بانتظار الدعم الروسي.
الدور الداخلي
يبقى الدور الداخلي ومفاوضات البياضة - بيت الوسط هو الشيء الممكن في الوقت الحالي وتبقى مبادرة بكركي – عين التينة هي المبادرة الوحيدة والقادرة على إنتاج حل، إلا إذا قامت تصاريح همايونية من قبل تيار المستقبل لإعادة عقارب الساعة إلى الصفر من طريق إثارة موضوع صلاحية التاليف وما شابه.
*كاتب سياسي