بعد ظهر يوم الاثنين وصل إلى الأمانة العامة لمجلس الوزراء مرسوم تعيين أربعة قضاة اقترحتهم وزيرة العدل ماري كلود نجم لعضوية مجلس القضاء الأعلى، الذي يدخل غداً نفق الشلل التام في حال لم يسلك المرسوم طريقه إلى التوقيع من قبل رئيس حكومة تصريف الأعمال ورئيس الجمهورية.
المرسوم عادي ولا يحتاج إلى انعقاد مجلس الوزراء، وكان يُفترض أن يحظى بالتوقيعين المطلوبين، لئلا يفقد مجلس القضاء الأعلى نصابه.
لكن عقبتين حالتا دون ذلك:
الأولى: رفض الرئيس حسان دياب التوقيع من ضمن سياسته باعتماد المفهوم الضيّق لتصريف الأعمال. و ُعلم أن الأمانة
العامة لمجلس الوزراء أعادت أمس إلى وزيرة العدل مشروع المرسوم بناء على توجيهات وطلب دياب، الذي أكد، بموجب هذا الكتاب، عدم جواز التعيين في ظل حكومة تصريف الأعمال، إضافة إلى سلسلة ملاحظات وأسئلة حول قانونية "وضع" مجلس القضاء الأعلى راهناً. وأبعد من هذا المعطى القانوني والدستوري، رأت مصادر مطلعة أن المرسوم هو محاولة مبطّنة خياراته، وأقرب إلى رئيس التعيين لتطويق القاضي سهيل عبود من خلال تعيين قضاة من خارج قماشة الجمهورية.
الثانية: هي علامات الإستفهام والإعتراض التي أثيرت حول الأسماء المقترحة من نجم، والتي لم يحظَ بعضهابرضى مجلس القضاء الأعلى ولا برضى مرجعيات سياسية.
و ُعلم أن بيان الأمانة العامة لمجلس الوزراء تضمن الملاحظات الآتية:
- وجود عدة سوابق لم يُصر فيها إلى تعيين أعضاء مجلس القضاء الأعلى في ظل حكومة تصريف أعمال. حتى في ظل حكومات فاعلة كما في 1996 ،وبين 2005 و2006 ،لم يُعيّن أعضاء المجلس.
- الإشارة إلى مواقف رئيس مجلس الوزراء في كل ما من شأنه أن يحفظ السلطة القضائية واستقلاليّتها، ويسمح لها بإدارة شؤونها من دون تدخل أو عرقلة. يتوقّع إعطائها لوزيرة العدل، وليس آخرها موقفه من التشكيلات القضائية التي تجلىمن خلال المواقف والتوجيهات التي كان يحرص دائماً على إعطائها لوزيرة العدل، وليس آخرها موقفه من التشكيلات القضائية التي وقّع مرسومها من دون ترّدد.
- السؤال عن مدى دستورية وقانونية تشكيل مجلس القضاء الأعلى غير المكتمل الأعضاء: "وحين يكون خطأ بالتشكيل إلى مدى تكون اجتماعاته قانونيّة بصرف النظر عن تأمين النصاب؟".
- لماذا لم يتضمن مشروع المرسوم قاضياً ممثلاً عن محكمة التمييز؟ وما هو المعيار الذي على أساسه اختارت وزيرة
العدل القضاة، بما يوفّر الميثاقية الوطنية، في ضوء عدم اكتمال عملية انتخاب أحد رؤساء غرف محكمة التمييز؟
- هل عدم توقيع مرسوم التشكيلات القضائية هو الذي حال دون إجراء عملية انتخاب رئيس غرفة محكمة التمييز؟
و ُعلم أن إختيار القاضي سامر يونس (ماروني) اعتُبر "لغم" المرسوم. فهو مرفوض بالكامل من رئيس مجلس القضاء الأعلى سهيل عبود ومّدعي عام التمييز القاضي غسان عويدات. وسبق للمجلس أن رفض مرتين اقتراح وزيرة العدل اسمه محققاً عدليّا في جريمة المرفأ. و ُعلم أن إختيار الوزيرة نجم للقاضية رولا الحسيني (شيعية)، من دون "الوقوف على رأي" الرئيس نبيه بري، شكل عامل توتر مع عين التينة، مما جعل الرئيس بري يتصل برئاسة مجلس الوزراء ويطلب عدم توقيع المرسوم. ويُفترض أن يُختار العضو الشيعي الثاني في مجلس القضاء الأعلى من ضمن رؤساء غرف التمييز بالأصالة.