أسئلة عديدة تزاحمت نهاية الأسبوع الفائت حول ما تضمنته عظة البطريرك الماروني بشارة الراعي حول مسألة التأخير الحاصل بتشكيل الحكومة، والتي تضمنت إنزعاجاً على ما تضمنته الكلمة التي ألقاها رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري يوم السبت، تعليقاً على رسالة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون إلى مجلس النواب لحثه على إتخاذ موقف من التأخير بإطلاق الحكومة المنتظرة.
وما لفت المراقبين هو التناقض الحاصل في مواقف الصرح البطريركي، حول العديد من القضايا التي ضجّت بها الساحة اللبنانية في السنوات الأخيرة. فلماذا، وما هي المعطيات أو الحيثيات التي فرضت ذلك؟
البطريرك الراعي هادن الرئيس عون بعد انتخابه، حتى أن بعض الأوساط قد انتقدته بأنه وقف إلى جانبه أكثر مما هو مطلوب، ثم تحولت مواقفه سيفاً مُسلطاً فوق رأس العهد، بدون أن يتوانى عن توجيه الإنتقادات للمسؤولين حتى أثناء مشاركة رئيس الجمهورية في بعض احتفالات بكركي، وكادت مواقفه تصل في بعض الظروف البالغة الحساسية إلى مطالبة الرئيس بالاستقالة أو ما يشابهها!
البطريرك الراعي وبُعيد وصوله إلى السدّة البطريركية أكمل التواصل مع حزب الله عبر لجان مشتركة، بهدف تعزيز العلاقات بين مختلف الشرائح الدينية للمجتمع اللبناني، ولكن جميع المراقبين أيقنوا بما لا يقبل الشك أن رفعه شعاري “الحياد والتدويل” والإصرار عليهما، كان المقصود بهما حزب الله وسلاحه، حتى أنه عمد إلى شن هجوم مباشر على أداء الحزب في إحدى إطلالاته الإعلامية!
البطريرك الراعي أتُهم، وفي مرحلة معينة بعد تكليف الرئيس الحريري بتشكيل الحكومة، أنه يقف إلى جانبه في وجه الأداء الذي يقدمه رئيس الجمهورية، فما هي الظروف التي فرضت عليه أن يدعوه الأحد الفائت للمبادرة إلى “اتخاذ الموقف المناسب لتشكيل الحكومة” وهو ما فسره المراقبون بأنه دعوة للإعتذار! بينما نقلت إحدى الصحف عنه أنه ابدى انزعاجه من كلمة الحريري ووصفها بـ “غير المسؤولة”. فهل بات متاحاً للبطريركية المارونية ان تعطي الارشادات المباشرة لـ “رئيس الحكومة السني” مع كل ما يمكن أن يرافق ذلك من تداعيات طائفية؟
أين ضاعت “بركات” البطريرك الراعي إلى “الثوار” و “المنتفضين” لحثهم على الاستمرار في نشاطهم لتخليص لبنان من الطبقة الفاسدة؟
بالتأكيد لا أحد يرغب بالتنظير على “غبطته” في ما يمكن أن يتخذه من مواقف تعبّر عن وجهة نظر الصرح، ولكن ألم يلفت نظره مستشاروه إلى أن هذا النمط من التعاطي قد يسيء إلى الصرح الذي “أُعطي له مجد لبنان” وما شابه من الألقاب الرفيعة؟