أثبت سمير جعجع يوماً بعد يوم أنه رجل "عناوين" الانجازات بإمتياز، فبرغم وجود القوات اللبنانية في البرلمان اللبناني منذ سنوات وخوضها المستمرّ لمعارك تعطيل واشتراطات لحجز حقائبها الوزارية، لم تسجّل ورئيسها أي انجاز للبنان واللبنانيين، بل مارسوا سياسة المسرحيات الاستعراضية وبيع الكلام وتسويق عناوين انجازات لم تبصر النور.
عناوين وعناوين انهالت على اللبنانين في المقابلات واللقاءات والمؤتمرات والاعلام ومواقع التواصل، ولم نجد نهايات لها...
تباهوا بإنجاز البطاقة الصحية والواقع سجّل "عنوان" انجاز، فلم نر لا بطاقة ولا صحة بل صفقات تجارية في أدوية السرطان، ومستشفيات حكومية مهملة وتلاعب بعدد الأسرّة...
تباهوا بإستعراض كميل أبو سليمان في إطلاق خطة لتنظيم عمل الفلسطينيين في لبنان، والواقع سجّل بعد اسبوعين، عرقلة من القوات اللبنانية نفسها برفض إقرار مرسوم تطبيقي لقانون العمل بشأن تنظيم العمالة الفلسطينية والضغط على الوزير للتراجع عن قراره.
تباهوا بعرض مسرحية ملحم رياشي على قناة المرّ وخطابه المدمِع عن كفاءات اللبنانيين المدفونة تحت أنقاض المحصاصات الطائفية وكيف ان القوات تشدّد على دور المسيحي في الدولة وليس العدد المسيحي في الدولة "مسلم كفوء أفضل من ١٠٠ مسيحي ما معن خبر.."، والواقع سجّل مسيرة من التوظيفات العشوائية والتنفعات الوظيفية على حساب الدولة والكفاءة، اذ صرف الرياشي للدور المسيحي "الاستشاري" الخاص به ١٦٠٠٠٠٠٠ ليرة لبنانية لمدة ٣ شهور ونقل زميله الحاصباني كفاءة اليسا العريجي من مستشفى رفيق الحريري الجامعي الى مصلحة سكك الحديد والنقل المشترك.
تباهوا بمحاربة الفساد وتسويق مقولة "أنضف وزراء، وزراء القوات" أمّا في الواقع، وزارة الشؤون الإجتماعية لم تقفل جمعية وهمية واحدة لا بل تمّت تغذية خزنة الجمعيات بنقل قسم من اموال الاسكان إليها، ووزارة إعلام مرّت من خلالها أنجح صفقات الهدر. فبينما كنا نستمع لوزير الاعلام يصرّح بأن "نقل بطولة العالم لكرة القدم" لم تكلّف فلساً، إلا أن الحقيقة كانت ان هذة الخدمة كانت مدفوعة الثمن ومن المال العام عبر "ألفا" و "تاتش".
تباهوا بتمثيلية بيار أبو عاصي ومشروع دعم الأسر الأكثر فقراً ونتيجة العمل كان مسرحية بعنوان "لوائح وشوائب" اذ صدرت لوائح ملغومة بأسماء أشخاص متوفين ومطلوبين ومسافرين ومقتدرين.
وأخيرا وليس آخراً، نذكر ملحمة مي شدياق في وزارة التنمية الادارية، الحقيبة التي تعنى في غالبية عملها بمكافحة الفساد، فلا مكافحة ولا حتى عنوان انجاز، اذ انّ الوزيرة الطموحة حوّلتها من حقيبة ثقيلة الى حقيبة فارغة، لا بل جاهدت لتحويلها الى مركز خدمات للقوات اللبنانية، فتقدّمت بطلب بأوائل جلسات مجلس الوزراء لتوظيف أشخاص في الوزارة، رغم وجود قانون يمنع التوظيف في القطاع العام في تلك الفترة، بحجّة العمل على خطة مجهولة دون ذكر تفاصيلها ولا عملها ولا طبيعة عملهم ولم تجب على أيّ سؤال طُرِحَ عليها على تلك الطاولة وعندما طُلِب منها إعادة تقديمها مع تفاصيل المشروع، غابت ميّ الطموحة وغابت الخطة المجهولة..
على مدى ثلاثين عاماً، الوزراء في لبنان تمايزوا بمختلف الصفات، فالبعض عمل وأفسد والبعض لم يعمل ولم يفسد ومنهم من عمل وواجه وحارب ومنهم من لم يعمل وحتى في خموله أفسد وأنتم، القوات اللبنانية، منهم!