أحسن وزير الخارجية السابق في حكومة تصريف الأعمال شربل وهبه تصرفاً، عندما تقدّم بطلب إعفائه من مهامه إلى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون إثر المقابلة التلفزيونية ″الفضيحة″ لمسؤول لبناني كان بامكانه التصرف بعقلانية ووعي.
تقول العبرة: ″الضرب في الميت حرام″! ولكن كان بمقدور الوزير “المحدود الأفق السياسي والدبلوماسي” أن ينسحب من المقابلة إحتجاجاً على ما تفوّه به شريكه في الإطلالة الإعلامية، بدل قول عبارته الممجوجة:” انا لبناني ولن أسمح لـ “بدوي” أن يوجّه اليّ إهانة”.
في التعريف العام للتنمر أنه شكل من أشكال الإساءة والإيذاء موجّه من قبل فرد أو مجموعة، نحو فرد أو مجموعة تكون أضعف. وهو مضايقات، يرتكبها المسيء الذي يمتلك قوة بدنية أو اجتماعية وهيمنة أكثر من الضحية! وقد سجّل اللبنانيون على مدى تاريخهم السقطات العديدة في هذا المجال:
محلياً، يتنمّر اللبنانيون على بعضهم في القرية والمدينة والقضاء والمحافظة. ولعل عبارة “غْريب ومَنْ تطلب هَبرة”؟ من أكثر العبارات وضاعة وتداولاً في هذا السياق، ناهيك عن التنمر المدرسي والجامعي والإجتماعي واللائحة تطول!
إقليمياً، يتبجح اللبنانيون بأنهم من الشعوب العربية الطليعية التي حصلت على إستقلالها، وإنها تعيش في ظل ديمقراطية وحرية رأي مميزة عن سواها، فإذا بهم يكادون يخسرون وطنهم بخلافاتهم (السخيفة جداً أحياناً كثيرة) التي لا تنتهي. فيما الأشقاء العرب يتشبثون بأوطانهم وبأنظمتهم ويعملون على تسخير التطور العمراني والعلمي إلى أقصى الحدود!
دولياً، عاش اللبنانيون على مقولة أنهم أبناء الفينيقيين الذين نقلوا الحرف إلى العالم، متجاهلين ماذا فعل ذاك الحرف في الوصول إلى المريخ وغيره من الكواكب. فيما هم لم يستطيعوا التفاهم على دستور منطقي وقوانين متحركة. بل حصروا أنفسهم في شرانق الطائفية والمذهبية التي تشد الخناق على رقابهم يوماً بعد آخر!
المتعارف عليه بين المتابعين والباحثين في الشأن الإجتماعي، أن اللبنانيين من الشعوب المريضة بالتنمر الأمر الذي إنعكس عليهم تراجعاً ملحوظاً في العديد من مناحي الحياة مستندين إلى التاريخ والجغرافيا، من دون ان يستطيعوا تحقيق أية قفزة نوعية بين الشعوب التي استطاعت تحويل بعض الصحارى الى واحات سياحية باتت مقصداً لمختلف الجنسيات في العالم، في حين حوّل اللبنانيون بلدهم السياحي بامتياز الى صحراء مقفرة بدون كهرباء او مياه نقية تغطيها النفايات، وينهشها الفساد والنهب المنظم!..