أكدت أوساط سياسية أن رسائل متقاطعة تلقاها الرئيس سعد الحريري لحثه على عدم الإقدام على خطوة الإعتذار باعتبار أن بري ومعه حزب الله وجنبلاط وتيار "المردة" و"الطاشناق" وأغلبية مجلس النواب متمسكون بتكليفه، والرغبة ذاتها عبر عنها رؤساء الحكومات السابقون. وأضافت: "حتى البطريرك الماروني بشارة الراعي لا يبدي حماسة لاستبدال الحريري والمخاطرة بالعودة إلى مربع التكليف الأول"، مشيرة إلى أن الراعي كان صريحاً ومباشراً في الإعراب أمام رئيس الحكومة السابق تمام سلام حين زاره في بكركي، عن أهمية الإسراع بتشكيل حكومة يرأسها الحريري للنهوض بالبلد والإتيان بالمساعدات المطلوبة"، وأن تواصلاً حصل بين بري وقيادة حزب الله أكد في خلاله رئيس المجلس وجوب عدم التخلي عن دعم التكليف للحريري باعتباره الخيار الأمثل لتجاوز الأزمة، فكان توافق بينه وبين الحزب على الموضوع.
من جهة أخرى بدأ التداول بأسماء شخصيات للتكليف على رغم تأكيدها المعلن أنها في غير هذا الوارد، ولم يعرف ما إذا كان التداول بهذه الأسماء هدفه المناورة السياسية والرسائل الموجهة من بعبدا إلى بيت الوسط، أم أن الهدف منها جس النبض
والنيات في أكثر من اتجاه، خصوصاً في ظل ترسُّخ الإنطباع أن إحتمالات التعاون بين الرئيسين عون والحريري باتت مستحيلة، وأن الفراغ سيبقى سيد الموقف حتى نهاية العهد، في حال أصر الحريري على رفض الإعتذار وربطه باستقالة عون. ومن أبرز الأسماء المتداولة إسم الرئيس نجيب ميقاتي، علماً أن النائبين في كتلة ميقاتي النيابية، نقولا نحاس
وعلي درويش، حسما الجدل حول ترشيح ميقاتي لتكليفه بديلاً من الرئيس سعد الحريري، وأكدا أنه ليس بوارد الترشح لمنصب رئاسة الحكومة، وأنه مصر على خياره ودعمه الرئيس المكلف للحكومة هو وكامل أعضاء نادي رؤساء الحكومات السابقين.
وتؤكد مصادر متابعة أن الرئيس ميقاتي لا يقبل التكليف إلا إذا كان من ضمن سياق الحصول على موافقة الحريري وتأييده أولاً، على أن تكون حكومة من أجل إنقاذ البلد، ولا سيما بعد كل هذا المسلسل المفتوح من الإنهيارات المالية الاقتصادية والمعيشية. ولن يكتفي ميقاتي في حال اتخاذه قراره النهائي القبول بالتكليف بموافقة الأفرقاء في الداخل فقط، بل يريد الحصول على تأييد ودعم من الجهات الخارجية المعنية. وبالتالي، فإن ميقاتي لن يدخل من باب تحدي الحريري أولاً ولا السنّة، وهو يعرف سلفاً خطورة الإقدام على القبول بالتكليف من دون مباركة محيطه، مع حرصه أولاً على عدم حصول أي خرق داخل طائفته واستفزازها، ولا يقبل بأي شرخ في صفوفها. ويُفهم هنا بأنه لا يقبل أن يكون رجل خلاف ويرفض أن يتم تصوير هذا المخرج في حال حصوله كأداة قهر للحريري، وخروجه من سباق التأليف مظلوماً أو خاسراً.
وأشارت مصادر الى أن الإتفاق على إسم ميقاتي ليس محسوماً بعد داخلياً، إلا أن هناك موافقة مبدئية عليه من الخارج، وخاصة من الرياض. لكن التطور الداخلي الوحيد يكمن في أن الرئيس المكلف سعد الحريري لا يمانع هذا الأمر، وربما اقتنع باستحالة نجاحه في المهمة نظراً الى الفيتو السعودي عليه أولاً، وصعوبة الإتفاق مع عون وباسيل ثانياً. وبالتالي، فإن الحريري سيغطي تكليف ميقاتي إرضاء للمملكة ولنفي تهم التعطيل عنه وتوريط باسيل بهذا التكليف، على اعتبار أن ميقاتي لن يكون أقل تشدداً بالشروط.