تشير مصادر على صلة بالملف الحكومي، أن الاتصالات تشمل الآن محاولة نيل إلتزام من الحريري، أولاً بالعدول عن فكرة الإعتذار نهائياً، ثم إعلان تأييده مبادرة جنبلاط، ما سيُمكن بري من إعادة العمل على تسويقها. في المقابل يشترط الحريري، أن يتم البحث في أي تشكيلة بينه وبين رئيس الجمهورية حصراً، بمعية الرئيس بري طبعاً، وأن ينال من باسيل بعدم التدخل أولاً، ثم السير في ما يوافقه عليه رئيس الجمهورية ثانياً، ما يعني أن الحريري يطلب إلتزاماً ألا يتجاوز باسيل قرار الرئيس وينفرط من عقد الإلتزام بأي تشكيلة فور عرضها على الثقة في مجلس النواب.
ولا تستبعد أوساط سياسية أن يتخذ الحريري قراراً بالإعتذار في وقت غير بعيد، لكنه يتريث الآن الى حين اتضاح
معالم الموقف السعودي نهائياً، خلال الزيارة المرتقبة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الى الرياض في 17 الجاري.
ووصفت مصادر متابعة المساعي الجارية حالياً بأنها محاولات "اللحظات الأخيرة قبل حصول الإنفجار"، فإما تُبرم
"تسوية داخلية"، وإما يتم الإقفال على أي إمكانية للحل الحكومي راهناً ويصبح البلد مفتوحاً على شتى الإحتمالات.
من ناحية أخرى دار نقاش داخل "التيار" حول "الحريري وطريقة التعاطي معه"
حيث تكشف مصادر مطلعة أن موضوع إعتذار الحريري الذي ُسرب وجرى تظهيره للإعلام في الأيام الأخيرة، أخذ حيّزاً من الإهتمام والبحث في دوائر وأوساط التيار الوطني الحر، وجرى التوقف عند تسريب موضوع الإعتذار اليوم بعد ٨
أشهر من الأزمة والتعطيل، لأن الحريري الذي يجد نفسه في موقف صعب بعد أن لمس مباشرة إنزعاج واستياء باريس من مواقفه الأخيرة، يحاول أن يستخدم هذه الورقة موحياً بأنه يملك زمام المبادرة وملوحاً بالذهاب الى أبعد من ذلك بقلب الطاولة في وجه الجميع والإقدام على استقالة كتلته من المجلس، وهو يدرك مخاطر الإقدام على مثل هذه المغامرة لأن نتائجها ستكون وخيمة.
وبرزت وجهتا نظر في التحليل والتعاطي مع رمي فكرة الإعتذار:
-الأولى: تقول إن التعايش مع الحريري أو الرهان على تعديل موقفه لتسهيل الحل أمر صعب جداً أو يكاد يكون مستحيلاً، وبالتالي من الأفضل حسم الموقف معه والتفتيش عن البديل.
- الثانية: إن الحديث عن الإعتذار اليوم مصدره بيت الوسط، وأن هدفه استخدام هذه الورقة لرمي الإتهامات على الطرف الآخر أي بعبدا والتيار، ومحاولة الضغط بالذهاب الى خطوات أخرى منها إستقالة كتلته من المجلس النيابي لشل الدولة والبلد.
وتقول المعلومات إن النقاش دار حول كيفية التعاطي مع هذا الموضوع ، فأبدى البعض حماسة للرد على هذه التسريبات بشكل مباشر وإعلان موقف منها، بينما رأى الآخرون وهم القسم الأكبر أن التعاطي معها يكون بتجاهلها كلياً، لأن المشكلة ليست عند بعبدا أو التيار بل عند بيت الوسط. وتضيف المعلومات أن الرئيس عون حسم الموقف بعد أن استمع الى تحليل بعض المعاونين والمقربين منه، مؤكداً على تجاهل هذا الأمر ما دام أنه مجرد تسريبات أو عملية جس نبض، ومشددا على الإستمرار في الموقف الذي طالما أكد عليه وهو أن الكرة في ملعب الحريري الذي يجب أن يبادر الى تقديم تشكيلة حكومية متكاملة وفق الأصول الدستورية.
وتشير أوساط بعبدا الى أنها ليست في وارد التراجع عن إلتزام الرئيس المكلف بالمعايير المطلوبة كي يحصل على توقيع الرئيس، وإلا فإن الفراغ يبقى أفضل من تشكيل حكومة على قياس الحريري وفريقه السياسي.