وسط الأزمات المتراكمة التي تحيطنا من كل حدب وصوب جلّ ما يطمئن قلوبنا ويبرّدها أن لبنان لا يزال نجمه مشرقاً أقلّه بمهارات شبابه وانجازاتهم في الداخل وبلاد الانتشار مهما عصفت طرقهم ومساراتهم بالمطبات ومهما ضاقت بهم السُبل ومهما تمنّعت دولتهم الكريمة عن توفير الفرص اللائقة بكفاءاتهم.
فكما تتناقل وسائل الاعلام ومنصات التواصل الاجتماعي يومياً الأخبار والأنباء السيئة الا أن للأخبار الجيدة والايجابية مساحة أيضاً فما أضيق العيش لولا فسحة الأمل!
في الأيام القليلة الماضية سطع اسم رامي يمين الشاب اللبناني الزغرتاوي الذي يتحدّر من بيت ثقافي بامتياز فهو نجل الشاعر الراحل جورج يمين والاعلامية المقدامة ماريا يمين فقد نال شهادة الدكتوراه في الرياضيات البحتة من جامعة “تامبل” في الولايات المتحدة الأميركية، بإشراف البروفيسور الإلماني – الأميركي مارتن لورنز الذي أثنى خلال المناقشة على جهود يمّين، مشيداً بطريقته “العبقرية والعلمية في التعاطي مع المعلومات لكونه أثبت نظرية ستحمل اسمه من خلال الحقائق والتسلسل المنطقي تحت عنوان:
Representations and actions of Hopf algebras.
ودامت مسيرة يمين العلمية والبحثية ست سنوات، تكللت بنشر ثلاثة أبحاث في مجلات علمية دولية، أحدثها في (Proceedings) الصادرة عن الجمعية الأميركية للرياضيات (AMS)، وقد جاء في رسالة قبول النشر “أثبت المؤلف بعض الحقائق المهمة جدا حول الجبر”.
كما منحته جامعة تامبل هذا العام جائزة “التميّز في التعليم” عن كلية العلوم والتكنولوجيا، تقديرا لمسيرته في المجال الأكاديمي. وهو الحائز على بكالوريوس في هندسة الكهرباء والكومبيوتر من الجامعة الأميركية في بيروت عام 2015.
في هذا الاطار، تواصل “موقع المرده” مع يمين الذي قال: “سبق وأهديت أطروحتي إلى أمي ماريا وأخي ماهر. كان ذلك لأنني شعرت أن أعمالي تعطى قيمتها من فرحهما بها. على هذا الأساس نفسه يمكن أن أهدي هذه الشهادة لكل من فرح معي بها”.
ورداً على سؤال حول رسالته الى الشباب اللبناني الذي يتخبط بالأزمات، أشار يمين الى أن “هذا الجيل من الأجيال الأقل حظاً على ما اعتقد خصوصاً من لم يحظَ بالوقت الكافي بعد لتمكين نفسه علمياً أو مادياً.
من يستطيع أن يجد حلولاً فرديّة سوف يقوم بذلك، لكن لا حلول للمجتمع ككل الّا عبر المؤسسات. إن كانت الدولة غائبة، فعلينا أن نخلق مؤسسات بديلة لمجتمعنا عبر التعاضض والتشارك. هكذا فقط نمنعه من التفكك ونحافظ عليه لنا ولأولادنا”.
هل ستعود الى لبنان لتوظف كفاءتك وعلمك فيه ام برأيك ان الفرص شبه معدومة؟ حول ذلك لفت يمين الى أن “العودة إلى لبنان لا مفرّ منها بالنسبة لي، فأنا أشعر أنني ولدت لأحيا في إهدن. لكنني أعي اليوم أن وجودي في الخارج هو نقطة قوة لي ولمجتمعي”.
ما الذي دفعك لاختيارك مجال هندسة الكهرباء والكومبيوتر؟ في هذا الاطار ختم يمين قائلاً: “في الجامعة الأميركية في بيروت درست هندسة الكمبيوتر بالإضافة إلى الرياضيات البحتة، ومن ثم اخترت التعمّق بمجال الرياضيات بمرحلة الدكتوراه.
هذا التكامل بين الهندسة والرياضيات كان جميلاً ومفيداً جداً بالنسبة لي، فكانت لي الفرصة أن أتعمّق بالشق النظري، وأن أغامر أيضاً بالشق التطبيقي.
علماً أن مجالات الدراسة هي أمر شخصيّ، أريد أن أنصح من يحبّ الرياضيّات أن يتعمّق بها أكثر وأكثر، فالكثير من الجمال يمكن بها”.
ان موقع المرده يتقدّم بأحرّ التهاني من يمين وعائلته متمنياً له دوام الصحة والنجاح وتحقيق كل ما يصبو اليه وأن تبقى عائلته السند القوي له.