القراءة السياسية الإقليمية لحزب الله وردت في خطاب أمينه العام السيد حسن نصرالله (لمناسبة يوم القدس العالمي) وأبرز ما جاء فيها:
كل الرهانات الأميركية والإسرائيلية، وخصوصاً رهانات نتنياهو في ما يتعلق بإيران، سقطت في هذه الأيام، وخيارات أميركا وإسرائيل بتخلي إيران عن برنامجها النووي إنتهت. ويحرص العالم على أن يتفاوض مع إيران ويتحاور معها ويصل معها الى حلول، هذا يعزز مكانتها الإقليمية والدولية.
أولويات إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن مختلفة، ولا يوجد تهديد فعلي بالحرب
صراع بايدن السياسي متعلق بموضوع الصين وروسيا والخيار الذي تعلن إدارته عنه هو موضوع الإحتواء والدبلوماسية والعودة للإتفاق النووي.
كل حوار إيراني إقليمي أو عربي يقوي محور المقاومة، ونحن مطمئنون جدا الى إيران. من يجب أن يقلقوا من الحوار السعودي ـ الإيراني هم حلفاء الرياض وليس حلفاء إيران، وقد بدأوا يقلقون.
سوريا تجاوزت الحرب وهي في مسار التعافي، والإستحقاق الأخطر هو الإستحقاق الاقتصادي، والعديد من الدول العربية على إتصال مع الدولة السورية، والسعودية لا تستطيع فرض الشروط على سوريا بشأن علاقاتها مع إيران، وهي تفاوض طهران".
الإسرائيلي الذي كان يتحدث عن بيئة استراتيجية وكان يعتبر أن المحور يتدّمر، اليوم هو قلق جدا، وأكثر جيش يقوم بمناورات في المنطقة منذ سنوات هو الجيش الإسرائيلي، ولو كان على هذا المستوى من القوة والإقتدار كما يقول، لما كان بحاجة إلى كل هذه المناورات. هناك تصدّع في جدار كيان العدو، وهو كيان مأزوم ويعاني من أزمة قيادة في داخله، وهذه من علامات الوهن والضعف.
في العراق، محاولة إحياء "داعش" من جديد. هذا الأمر لن ينجح، العراقيون يواجهونه بقوة. إستهداف الحشد حتى
الآن فشل، إستهداف قوى المقاومة في العراق حتى الآن فشل.
في اليمن، اليمنيون (الحوثيون) صامدون، أقوياء، منتصرون، متقدمون، متطورون، زاحفون، والعالم يتحدث عن إنهاء الحرب ولكنه لا يقدم على خطوات حقيقية وجدية.
أما القراءة اللبنانية، فإنها تنطلق من المفاوضات السورية ـ السعودية التي أوحت قبيل ثلاثة اسابيع من موعد الانتخابات الرئاسية في سوريا بمنح شرعية سنيّة إقليمية للرئيس السوري بشار الأسد، فلم يعد هدفها الحد من التمدد الإيراني في سوريا ولا تشكيل تحالف من دول المنطقة في مواجهة تمدد الإخوان المسلمين، بل بهدف تأمين عودة سوريا الى جامعة الدول العربية وإعادة العلاقات السورية ـ السعودية.
في سياق قراءته لا يلحظ حزب الله رعاية دولية لهذا التحول الذي يريحه بقدر ما يعزز أوراقه، ويرى أن المفاوضات السعودية ـ الإيرانية هي إنعكاس طبيعي لمفاوضات فيينا التي ترسل رياحاً باردة باتجاه المنطقة، سيكون لها إنعكاسها على المصري والتركي، بدليل طي الأخير صفحتي مقتل الخاشقجي والإخوان المسلمين في المنطقة وهو ما يريح الجانب المصري. وهذا التقارب سببه أن جو بايدن متفرّغ أكثر لملفات روسيا والصين ويبحث عن حل النزاعات في المنطقة.
في خضم كل ما سلف، ورغم أهميته، لا يبدو أن الملف اللبناني، أقله حتى اليوم، موجود على طاولة مفاوضات الدول الكبرى. في فيينا يقتصر البحث على الملف النووي، وفي بغداد تحضر العلاقات والملف اليمني، وفي دمشق عودة العلاقات الثنائية.
يعتبر حزب الله وغيره أن لبنان لم يعد أولوية سعودية وكذلك حكومة يرأسها الحريري، ويعني هذا الكلام أن الرئيس المكلف لم يعد له سند إقليمي يحميه، بينما يدعمه داخلياً رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط. ويدرك الحريري أن خروجه من رئاسة الحكومة سيضعفه إن لم ينهِ مسيرته السياسية، وأنه في حال خرج فجلّ ما باستطاعته أن يتوافق وجنبلاط والقوات اللبنانية على الإستقالة من مجلس النواب، لتأمين انتخابات نيابية مبكرة ليس جاهزاً لخوضها بعد، ولذا فأمر اعتذاره صار مستبعداً لا سيما تجاه اللامبالاة التي قوبل بها الأمر ولذا فهو عاد واستدرك الأمر، باعثاً إشارات الى الثنائي الشيعي بالتمسك بتكليفه. ولذا، فإن الحل الوحيد الإستمرار في مساعي تشكيل الحكومة إستناداً الى جهود حزب الله الذي، وتماشياً مع الرياح الباردة إقليمياً والتي سيتأثر بها لبنان، يعتبر ان امكانية تحركه مجددا ممكنة. لكن شرط أن تحسن القوى السياسية مقاربتها للأوضاع والتعاطي بواقعية.