في ظل الأزمات المالية والمعيشية والصحية التي تلف لبنان وتدفعه إلى التخلف عن معالم الرخاء والبحبوحة، نتيجة السياسات العوجاء التي رسمها له السياسيون والمسؤولون منذ ثلاثة عقود، بعد أن كان قبلة أنظار العديد من الشعوب الشقيقة والصديقة. ما زالوا يصرّون على محاولة إقناع المواطنين أنهم حريصون على سعادتهم التي باتت من الماضي البعيد، ورفاهيتهم التي تناثرت أثراً بعد عين. اللهم فيما يتعلق بحفنة من أثرياء الفساد ونهب أموال الدولة.
بعض أولئك الذين نصّبوا أنفسهم قادة ومدبرون، يتحفون اللبنانيين يومياً بالمواقف والتصريحات التي تتحدث عن كيفية رؤيتهم للمستقبل، وينظّرون ويطرحون الفرضيات بدل أن يُسمعوا اللبنانيين نتائج افعالهم والحلول التي اوجدوها للأزمات والمشاكل:
فبدل أن يملأون أوقات فراغهم باجتماع هذه اللجنة أو تلك الأدارة منذ ثلاثين سنة ليعالجوا مشكلة النفايات مثلاً، اتحفوا اللبنانيين بالمواعظ، وأغدقوا عليهم الوعود بقرب الفرج. فيا ليتهم صمتوا ويصمتون لحين التوصل إلى نتائج ملموسة وفعالة في هذا المجال، وليتهم يشمّرون عن سواعدهم لإفراغ الشوارع والساحات من نفاياتهم النتنة!
وبدل مؤتمراتهم الصحفية التي غطت الصفحات والشاشات، ليخبروا عن مخططاتهم في إبتداع الحلول لمشاكل الكهرباء والمياه، وما يتصل بها من نفط وغاز وسواها، ليتهم صمتوا ويصمتون لحين تأمين التيار الكهربائي للمواطنين وكذلك المياه النظيفة أطول فترة ممكنة. وعندها فليتبجحوا أنهم “شالوا الزير من البير”!
وبدل سياساتهم “الخنفشارية” التي أطاحت بكل المنظومة المالية في لبنان، والتي كانت محط انظار العديد من المستثمرين العرب والأجانب إلى جانب اللبنانيين ومغتربيهم، وما رافقها من وعود طنّانة رنّانة بثبات النقد والليرة. ليتهم طمروا رؤوسهم في رمال الخجل والحياء، ولم يتحفوا اللبنانيين بقلة الضمير والأحساس التي إعتمدوها للقضاء على جنى الأعمار، ودفع اللبنانيين إلى العَوَز والضيق في الطريق إلى الفقر والجوع، فمنذ سنة ونصف يتحدثون عن “الكابيتال كونترول” وإستعادة الأموال المنهوبة، ولم يظهر سوى صدى أصوات في أودية عميقة!
وبدل تنظيرهم بالحفاظ على تقديم كل ما يلزم من مشاريع إجتماعية تحافظ على نمط عيش رغيد للبنانيين، دفعوا الشريحة الأكبر من المواطنين التي كانت تُسمى بالطبقة الوسطى إلى السقوط في دوامة البحث عن أموال ضائعة ولقمة غير متوفرة الاّ بشق النفس!
الواضح أن اللبنانيين يعضّون على الجرح، وعساهم لا ينامون على ضيم، ليستفيقوا يوماً على محاسبة من كانت لهم اليد الطولى في تهديم هيكل الوطن لحسابات شخصية و مصلحية، على أمل أن ينجحوا يوماً في إختيار الصالح القادر على إعادة بناء الوطن الذي يطمح إليه أبناؤه الذين فُطِروا على الريادة والطموح.