دمشق ـ هدى العبود
من المواقف التي لا ينساها الفنان بشار اسماعيل هذا الموقف، يقول: عندما كنا نصور حلقات «مرايا» مع الفنان القدير ياسر العظمة اتصل بي والدي وقال لي جدتك توفيت تعال ودعها قبل ان تدفن، تركت التصوير وأصبحت أبكي كالأطفال، فهي الجدة الحنونة التي ربتني وكبرتني واعتنت بي أكثر من والدتي، وعندما وصلت القرية كانت جموع الناس متجمهرة، فهي سيدة محترمة وحاجة وقورة وتحب الضيف وتكريم الفقير ولا تؤذي أحدا، فتحت الغرفة وإذا بالمغسلة ووالدتي والمقربون منها يبكونها بحرقة، قالت والدتي: ودع ستك يا أمي خلص العمر وما عدت رحى تشوفها، قسما بالله كانت دموعي تغسل وجهي، اقتربت منها وقلت لها: يا ستي سامحيني الله يغفر لك ويدخلك جناته لقد تيتمت يا ستي، وعندما اقتربت لأقبل يدها من فوق الكفن صرخت جدتي بي وقالت لي: روح جبلي كاسة مي ولا، عندها صعقت وكدت أقع أرضا ونهضت جدتي من موتها قبل ان يصلى عليها بجامع القرية بدقائق لأنهم كانوا بانتظار وصولي من دمشق، وبقيت على قيد الحياة خمسة أعوام أخرى إلى أن توفاها الله بعد عمر مائة وعشرة أعوام، ومنذ لحظة مناداتي جبلي كأس ماء أصابني السكر ومازال يلازمني هذا المرض اللعين حتى يومنا هذا، والسبب من حبي لجدتي وحب جدتي لي فهي لم تناد أحدا يعطيها كأس ماء قبل وصولي ولو بثوان إلا أنا.
اما الموقف الثاني فيقول: كنت اهرب من المدرسة وأدخل متأخرا من نافذة حديدية ضيقة بالمدرسة، إلا ان الرياح جرت على غير العادة في ذلك اليوم الشتوي الصعب عندما أدخلت رأسي من الطاقة الصغيرة لأقفز للداخل كالعادة، علق رأسي وبدأت أتألم وأصرخ بأعلى صوتي، فما كان من مدير المدرسة بعد ان اكتشف الأمر إلا ان استدعى والدي ورأسي ما زال عالقا ولم يستطيعوا إخراجه من شباك الحديد، فاقترح والدي ان يأتوا له بمنشار ويقطع الحديد، ففهمت أنا أنه يريد ان ينشر رقبتي ورأسي العالق، عندها لا اعلم كيف استطعت ان اخرج رأسي والدماء تسيل منه قبل ان يحضروا المنشار اعتقادا مني بأن والدي سينشر رقبتي، فضحك المدير والكادر التدريسي وهربت خوفا من والدي.