بعد سنوات حرب طويلة خيمت بظلالها على درة مدينة حلب النفيسة، تقرع اليوم الأجراس والطبول من كنيسة رقاد السيدة العذراء للروم الأرثوذكس، معلنة إقامة أول صلاة فيها منذ ما يقارب العقد من الزمن.
النوافذ السقفية الملونة تعود من جديد لتنشر النور في قاعة الكنيسة وفي أرواح أبنائها بعد عمليات الترميم المتعاقبة، إثر الدمار الذي تعرضت له، حيث يقصر القائمون على عمليات التأهيل وقتهم على إعادة الألق لهذه الكنيسة.
الكنيسة التي تناهز الـ 500 عام، تعرضت لنكبات تاريخية مريرة، كان آخرها ما لحق بها خلال سيطرة المجموعات الإرهابية المسلحة على أجزاء من المدينة، إذ كانت خط تماس ساخن للمعارك والاشتباكات، اختزل ما تعرضت له حلب طوال سنوات طويلة من الحرب التي أنهكت أهلها ونسفت بنيتها التحتية، فمنذ الصلاة الأخيرة التي أقيمت فيها أواخر عام 2011، ودعت الكنيسة أبناءها بصلواتهم ودعواتهم، وتحولت إلى شاهد عيان بعد وقوعها فريسة إرهاب أعمى طال البشر والحجر.
تحدث كاهن الكنيسة، الخوري غسان ورد، عن كون كنيسة رقاد السيدة العذراء من أبرز علامات تراث حلب الإنساني والحضاري والروحي، حيث تنتمي لطائفة الروم الأرثوذكس، وتم بناؤها خلال النصف الأول من القرن الخامس عشر.
وقال لـ”سبوتنيك”: “الكنيسة التي أصابها الخراب خلال سنوات الحرب، تعود لتقف اليوم بصورة بهية بفضل أبنائها الذين استطاعوا أن ينفضوا عنها غبار الحرب، وما تعرضت له هذه الكنيسة التي كانت مسرحاً شاهداً على معارك وحشية”.
وتابع: “من هذه الكنيسة وفي هذا اليوم بالذات ومن أول صلاة تقام فيها بعد سنوات الحرب، أشكر كل من ساهم في عمليات الترميم”، مؤكداً أن “الكنيسة الآن في وضع آمن ومستقر، كما أن أعمال الترميم مستمرة حتى نرى قريباً الكنيسة تتعاظم في حجرها وبشرها”.
وتمنى الكاهن أن “يختتم الدمار الذي حل بالكنيسة مؤخراً النكبات التي تعرضت لها على مر العصور”، وهي نكبات كثيرة، آملاً بأن “تنتشر المحبة والسلام في العالم بدلاً من الكره والبغض والدمار”.
إذاً، أعمال الترميم مستمرة، لن يتوقف صوت الأجراس وأنغام التراتيل، ستوقد الشموع باستمرار لتؤكد أن الحياة عادت لكنيسة رقاد السيدة العذراء كما عادت لمدنية حلب وأبنائها.