تتزايد المخاوف بين من يقطنون على الأرض التي رسم خريطتها جنرال فرنسي قبل مئة عام، مما سيؤول إليه مستقبل هذا الذي أطلق عليه إسم وطن، وتحوّل اليوم إلى ما يشبه أكوام من الفساد والموبقات وكل شيء الاّ الوطن الذي من المفترض أن يفدوه بدمائهم، فإذ بهم يبحثون عن أرض تأويهم وتؤمن لهم لقمة عيشهم بعد أن “نجح” السياسيون والمسؤولون في تدمير كل مقوماته حتى بات مضرباً للمثل السيء في كل أرجاء المعمورة.
بدل ان يكون لبنان مقراً لالتقاء الأديان، فها هم مسؤولوه وسياسيوه يختلفون على تقاسم للدولة اليهودية التي بُنيت على الفصل الطائفي وتعمل على جرّ الدول العربية الى إعتماد نفس الأسلوب ليصبح وجودها شرعياً لا بل نموذجاً يُحتذى به في هذا الشرق الذي فُطِر على الإنصهار بين جميع أبنائه.
وبدل أن يكون سويسرا الشرق كما تم الترويج له في القرن الماضي ليكون المصرف النموذج لكل محيطه العربي، لا بل أوسع إقليمياً ودولياً، دفعه أرباب السلطة والمصارف الى الإنزلق إلى وضع مالي غير مسبوق حتى في دول العالم الثالث بعد المئة.
وبدل أن يستمر في موقعه كمقصد سياحي وجغرافي وتراثي، غني بمياهه وجباله وثلوجه ومناظره الطبيعية، حولوه إلى بؤر من النفايات والخرائب والركام نتيجة لحجم الفساد الذي أغرقوا به مختلف الإدارات والمؤسسات وكل ما يمت بصلة إلى الدولة.
وبدل أن ينعم أبناؤه بالعيش الرغيد والبحبوحة ومضرب المثل في الكرم والترحيب بالضيف، تحولوا إلى مجموعات مقهورة تفتش عن مواد استهلاكية ضرورية بـ “السراج والفتيلة” وتنتظر الفقر والجوع اللذين يقفان خارج الأبواب بإنتظار “الضربة القاضية” التي يتوقعها ذاك في آيار وآخر في الصيف وثالث في الخريف.
والأنكى من كل ذلك، أن هناك بعض الأصوات تراهن، وبعض الأوساط تسعى بجد، على استعادة استيلاد الوطن من خلال أعادة تكليف من هدموا الوطن للعمل على إعادة بنائه. فهل من أسهب في تدمير كل مقومات البلد يمكن الركون إليه لإعادة البناء؟