بين الجدل والسخرية، تداول ناشطون ومستخدمون فلسطينيون في فايسبوك، صورتين لمضمون إعلاني واحد على طريقة "بيلبورد" لماركة الأرزّ "شقحة"، إحداهما لامرأتين محجبتين في الخليل جنوبي الضفة الغربية، وهما نفسهما من دون حجاب في إعلان في مدينة رام الله.
وتساءل روّاد فايسبوك عن سبب التمييز، رغم ان المحتوى نفسه، متهمّين شركة "شقحة" ومن خلفها شركة الدعاية والإعلان التي تولت مهمة تصميم الإعلان، بالعنصرية وتكريس تمييز بين المحافظات ومعها الصورة النمطية بين مدينة الخليل "كمحافِظة ومتدينة" جنوباً، ورام الله كمدينة أكثر تحرراً!وعلّق الصحافي زيد عطايا بطريقة ساخرة لا تخلو من النقد: "الخليل المحتشمة، ورام الله الدايرة ع حل شعرها.. حتى الرزّ عنصري!"
ورصدت "المدن" تعليقات أخرى قللت من شأن التباين، مثل منشور "بحجاب ولا بدون، المهم جودة الأرز"، أو "قد تكون مساحة العرض هي السبب في التمايز".
وتحدث مصدر في الشركة المنفذة للحملة الإعلانية لأرز "صنوايت"، عن سرّ التباين بين الإعلانين في الخليل ورام الله، موضحاً لـ"المدن" أنها عادة ما تقوم بالتقاط صورتين خاصتين لإعلان "البيلبورد"؛ وذلك لإتاحة المجال للتفضيل بينهما من ناحية التصميم والجودة، من أجل اختيار الأفضل بينهما إيذاناً بنشرها في مختلف محافظات الضفة الغربية. وأضاف المصدر أن التباين حدث عن طريق الصدفة وليس له علاقة بأي تمييز أو تنميط بين المحافظات، مشيراً إلى أنهم قاموا بأخذ صورتين، إحداهما بالحجاب والأخرى بدونه، وبعد طباعتهما للمفاضلة، وجدوا أن الألوان والتصميم في صورة الحجاب، كانت أفضل لعين المشاهد من الناحية التصميمية لا أكثر.
وكشف المصدر في الحملة الاعلانية أن "إعلان رام الله" تم وضعه قبل عشرة ايام من "اعلان الخليل"، قبل أن يحسموا قرارهم بالتركيز على طباعة الصورة التي تظهر فيها الفتاتان المحجبتان؛ لغاية متعلقة بجمالية التصميم والألوان للفت عين المتلقي أكثر. وقال لـ"المدن" إن صورة "الإعلان بالحجاب" وضعت أيضاً في مدينة نابلس وكذلك في مواقع في مدينة رام الله، خصوصاً خلال شهر رمضان، بدليل إضافة كلمات "مبارك عليكم الشهر الكريم" في "إعلان الأرز بالمحجبتين".
لكنّ هذا التبرير من المعلنين لم يوقف سيل النقد في السوشال ميديا لماركة "شقحة" والقائمين على الاعلان، عبر القول إن هناك تنميطاً مقصوداً أسوة بما تدأب عليه شركات وبنوك أخرى، بدليل أنه منذ العام 2000، كانت تتقصد هذه الشركات والبنوك في حملاتها الاعلانية بين الفينة والأخرى أن تضع اعلاناً بمحجبات في مدينة الخليل أو قطاع غزة، والإعلان نفسه بفتيات غير محجبات في محافظات أخرى.
والواقع، أن الصورة ذات الشكلين، جددت ضمناً "نعرة" باتت تقليدية في السنوات الاخيرة يثيرها البعض تجاه رام الله، بينما عمقها سياسي أكثر من كونه بُعداً مناطقياً واجتماعياً أو أيديولوجياً.. فتركز وجود الطبقة السياسية للسلطة الفلسطينية وأيضاً مؤسسات المجتمع المدني بعد اتفاق اوسلو 1993، في هذه المدينة، وطبيعة خطاباتها الاعلامية في أزمات مثل كورونا، عزز أصواتاً ناقدة من محافظات أخرى موجهة إلى "رام الله السلطة"، أكثر من أن يكون القصد رام الله كمحافظة فلسطينية لا تقل تضحية ومقاومة للاحتلال الاسرائيلي عن بقية المحافظات.