فحوص المناعة بين الموضة والاضطرار الطبي: تلقَّحوا واحذروا الغش!
2021-04-26 16:25:56
مع بدء حملة التلقيح في لبنان بدأ المواطنون يتهافتون على إجراء فحوص المناعة، لسبب أو من دون سبب. الكثير من المواطنين أجروا هذا الفحص قبل أخذ اللقاح أو بعده، أو لمعرفة إذا كان لديهم مناعة ضد فيروس كورونا لتجنب اللقاح! أسباب متعددة
تتعدد الأسباب وفق بعض المختبرات، التي تواصلت معها "المدن"، في الجنوب وفي بيروت. فقد لاحظ أصحاب المختبرات ارتفاع الطلب على فحوص المناعة بشكل غير مسبوق، منذ نحو شهرين. حتى باتت كميات عينات الفحص التي يحصلون عليها من مستوردي الأدوية تنفد في غضون أيام. ويقول أحد أصحاب المختبرات في النبطية إن علبة الفحوص التي يوجد فيها خمسون عينة لم تعد تكفي لأيام معدودة، ويبقى بعدها المختبر لأكثر من أسبوع من دون قدرة على إجراء الفحوص، لأن الشركة التي توزع على المنطقة تأتي كل أسبوعين.
وإذا كان السبب الطبي أحد الدوافع لإجراء الفحص، إلا أنه، ووفق أصحاب المختبرات، هناك أسباب أخرى متعددة. فالبعض يريد الاطمئنان إذا كان قد أصيب بكورونا من دون علمه وحسب، أو بعد إصابة أحد أفراد الأسرة بكورونا، أو حتى مجرد موضة لإبراز شهادة المناعة للمحيطين به، أو لمعرفة مناعته بعد اللقاح.
ثمة أشخاص حجزوا موعد تلقي اللقاح، فدفعتهم الحشرية لمعرفة إذا كان عندهم مناعة قبل اللقاح لمعاودة الفحص بعد تلقي اللقاح، لمعرفة مستواها لاحقاً. وهناك أشخاص دفعتهم الحشرية الشخصية لمعرفة إذا كانوا قد أصيبوا سابقاً بكورونا من دون علمهم. وتبين أن الكثير من الأشخاص لم يصابوا بأي عارض أو أصيبوا بعارض اقتصر على ألم بالرأس ليس أكثر، وأظهر فحص المناعة أنهم كانوا مصابين بكورونا من دون علمهم. بغرض التوفيرلكن الأمر لا يخلو من الجهل في الإقدام على إجراء هذا الفحص. فكثر أتوا لإجراء فحص المناعة بعد إصابة أحد أفراد الأسرة بكورونا، عوضاً عن إجراء فحوص البي سي آر في هذه الحالة.أما البعض الآخر فأكثر حنكة. يلجأ بعد مدة من إصابة أحد أفراد أسرته بكورونا لإجراء فحص المناعة بغرض التوفير. ففحص المناعة أرخص من فحوص البي سي آر. فسعر الأخير يتراوح بين مئة ومئة وخمسين ألف ليرة، بينما أسعار فحص المناعة بين 50 ومئة ألف ليرة. أسعار الفحوصيختلف سعر فحص المناعة بين منطقة وأخرى، وحسب نوعية الفحص. فالفحص الكمي، أي معرفة عدد المضادات الحيوية التفصيلي يترواح في بيروت بين 80 ومئة ألف ليرة أو أكثر بقليل، بينما في الجنوب فيصل إلى نحو 60 ألف ليرة. أما الفحص النوعي، أي معرفة إذا كانت مناعة الشخص موجبة أو سالبة بشكل عام، ومن دون مؤشرات عددية للمضادات، فسعره نحو خمسين ألف ليرة. ومثل كل شيء في لبنان، لا يخلو الأمر من وجود تجارة وغش في الفحوص. ففحص مناعة اللقاح مختلف عن فحص المناعة بعد الإصابة. ويوضح أحد المختبرات أن فحص اللقاح هو "أنتي سبايك" ومخصص لفحص المناعة بعد تلقي اللقاح ومتوفر في بعض المختبرات. لكن مختبرات عدة لا توضح هذا الأمر للمواطن، وتجري له الفحص العادي، فيضطر إلى إعادة الفحص في مختبر آخر. خوفاً من مخاطر اللقاحبيد أن الدافع الأبرز لإجراء الفحص والطلب المتزايد عليه منذ ما قبل بدء حملة التلقيح، وجود قرار صادر عن وزارة الصحة بعدم إعطاء اللقاح لأي شخص إصيب بكورونا إلا بعد مرور ثلاثة أشهر على تعافيه، كما أكد أحد أصحاب المختبرات. لذا، الخوف من أن يكونوا قد أصيبوا حديثاً بكورونا من دون علمهم، وظناً منهم أن اللقاح قد يؤثر عليهم سلباً، دفعهم لإجراء فحص المناعة قبل وصول موعدهم لتلقي اللقاح. حتى أن أشخاصاً بدأوا بإجراء الفحص منذ دخول اللقاحات إلى لبنان لتجنب أخذ اللقاحات، خوفاً من أعراضها الجانبية.
فهل تلقي اللقاح بعد الإصابة يؤثر سلباً وله مخاطر على الصحة؟ وهل يوجد مستوى معين من المناعة كي لا يأخذ الشخص اللقاح والانتظار لمدة أطول؟
يشرح رئيس مركز أبحاث الأمراض الجرثومية في الجامعة الأميركية في بيروت، البروفسور غسان دبيبو، أنهم يتلقون عشرات الاتصالات للاستفسار عن هذه المواضيع منذ بدء حملة التلقيح. وأكد أن تلقي اللقاح بعد الإصابة لا يؤدي إلى أي أعراض خطرة. بل يقتصر الأمر على أعراض جانبية أقوى من المعتادة لمن يتلقى اللقاح من دون وجود إصابة. أعراض اللقاح بعد الإصابةوأوضح دبيبو، أنهم لاحظوا أن الأشخاص الذين تلقوا اللقاح بعد وقت قصير من الإصابة تكون أعراضهم قوية ومشابهة لتلك التي تحصل خلال الأيام الأولى للإصابة بكورونا. فقد يصاب الشخص بارتفاع الحرارة وألم في الرأس وتعب شديد وموجات برد، تستمر لنحو ثلاثة أيام لا أكثر. وهي أعراض عادية ولا تستدعي أي نوع من القلق، ومرتبطة برد فعل مناعة الجسم. لأن الإنسان لديه مناعة على كورونا قوية بعد الإصابة، ويتجاوب الجسم مع اللقاح كما لو أن هناك التهاباً جديداً أُصيب به.عدم مقارنة الفحوصووفق دبيبو، لا يوجد مستوى مناعي معين كي يقول الشخص أنه يستطيع التخلي عن اللقاح. فبعد الإصابة يستطيع الشخص أخذ اللقاح في أي وقت كان. لكن ينصح عادة بعدم تلقي اللقاح قبل ثلاثة أشهر، كي يتجنب الشخص الأعراض القوية، وكي لا يأخذ اللقاحات من طريق المواطنين الآخرين، لأن المصاب حديثاً لديه مناعة قد تستمر لستة أشهر. أما أرقام الفحوص التي يتداولها المواطنون فيجب عدم مقارنتها ببعضها البعض، لأن كل مختبر يعتمد وحدة قياس مختلفة عن الأخرى، حسب نوعية الفحص. فالبعض يستعمل وحدات قياس ألفية والبعض الآخر عشرية.
وكالات