يتردد العديد من المراقبين في توصيف الوضع الحالي لحقيقة العلاقة القائمة بين تيار المستقبل وحزب القوات اللبنانية. ولكنهم يجمعون على إنها باتت بأسلوب أغنية المطربة العملاقة السيدة فيروز: ″تعا ولا تجي وكذوب عليي″.
الطرفان يتشاطران ويكتمان غيظهما في توصيف الحال، بانتظار ″نقلة ما″ تكون حداً فاصلاً بين الإفتراق النهائي أو التحاور لحين حدوث لحظة إنتخابية مثلاً تدفعهما إلى العناق من جديد!
ففي حين يراوغ محاورو تيار المستقبل في وصف الوضع القائم للعلاقة بين الطرفين، الاّ أنهما لا يغفلان الحديث في لقاءاتهم الداخلية عن الخيانة (في حادثة الاحتجاز في السعودية)، والطعن بالظهر (في عدم تسمية رئيس التيار كرئيس مكلف لتشكيل الحكومة العام الفائت) من جانب القوات اللبنانية. في حين أنهما لا يستبعدان إعادة التواصل والتعاون في مراحل لاحقة، كالانتخابات النيابية مثلاً، أو التصويت على مشروع قانون في مجلس النواب او مجلس الوزراء إذا ما إقتضت مصلحتهما ذلك.
من جهتهم متصدرو الكلام في حزب القوات اللبنانية لا يمرران محطة كلام من دون التذكير “بأنه لا يمر يوم من دون إجراء “تواصل ما” مع تيار المستقبل، كما أشار نائب رئيس الحزب النائب جورج عدوان في أحدث إطلالة له. في حين أطل النائب جورج عقيص ليقول: “معارضتنا للحريري ابعد ما تكون عن معارضة التيار الوطني الحر له”.
العارفون ببواطن الأمور يؤكدون ان المسافة بين الطرفين لا يمكن تقصيرها بموقف من هنا، أو تخفيف وطأة من هناك، ففي ظروف غير متوقعة تصدر تغريدات من مواقع عليا من هذا الطرف أو ذاك، تخلط بين الموقف السياسي والاستهداف الشخصي، فتعيد الأمور الى دائرة خريف العام 2017 حيث كانت الصدمة النووية بين مفاعلين كان يعتقد كلاً منهما أن الآخر مدين له بكم من التضحيات لا تقدّر بثمن، الى أن بان مرج التأزم الذي لا يمكن إلتآمه بتمنٍ من هنا أو موقف عابر من هناك.
صحيح ان “المستقبل والقوات” يلتقيان في هذه اللحظة على العداء للتيار البرتقالي، ولكن ظروف نسيان أخطاء الماضي لم تسمح لهما بعد، بردم الهوّة التي فصلتهما، لبلورة صورة أي تعاون جدي في المراحل المقبلة. حيث يؤكد المتابعون أنه مهما تطورت الامور إيجابا بينهما، فسيبقى كتم الغيظ سيد الموقف، نظراً للمطبات الحادّة التي فصلت بينهما في يوم ما. وبخاصة أن التيار الأزرق الذي لم يستطع بعد نسيان أخطاء الماضي، يُدرك تماماً حاجة رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع له، وهو الذي يُعد العدّة للفوز بالأكثرية النيابية المسيحية تمهيداً لترشحه للأنتخابات الرئاسية المقبلة!