فيما تجزم مصادر مسيحية معارضة للعهد أن إجراء الإنتخابات النيابية اليوم "سينيفّ " الحالة الباسيلية والعونية بسبب التراجع الملحوظ في شعبية التيار، تعكس الأرقام واقعا يشير إلى أن الأحزاب جميعها ستتهيّب لحظة فتح صناديق الإقتراع، إن في انتخابات مبكرة أم فرعية أم في موعدها في أيار 2022.
يقول الباحث والخبير الانتخابي محمد شمس الدين: "حصل التيار الوطني الحر في انتخابات 2018 على 180 ألف
صوت، بينما نالت القوات 150 ألف صوت، والكتائب حازت 32 ألف صوت، وتيار "المردة" 27 ألف صوت. والكلام الآن عن تراجع قوة التيار صحيح، لكن لا يقتصر الأمر على التيار فقط، بل ينطبق على كل الأحزاب، ولا سيما المسيحية
منها. لكن التيار سيواجه تحدياً كبيراً في كسروان وجبيل تحديدا".
ويضيف شمس الدين: "وحده حزب الله تمكن من الحفاظ على شعبيته، إذ نال 330 ألف صوت، ولا مؤشرات ملموسة
إلى تراجع في رصيد أصوات قاعدته أو قاعدة الثنائي الشيعي. أما تيار المستقبل فقد سجل تراجعا في انتخابات 2018 ،
ولا يزال يحتفظ بقدرته الانتخابية مع عدم تبلور شخصية أو حزب سياسي يحل محله"، مشيرا إلى أن "الناس الذين تخلوا
عن الأحزاب لم ينتقلوا إلى أحزاب أخرى، بل هم في حالة رفض ومقاطعة سيؤديان إلى تراجع في نسبة الإقتراع من
7,49 %في الانتخابات الماضية إلى أقل من 40 .%ويبقى أن صناديق الإقتراع هي التي ستحسم الأحجام".
وللمرة الأولى منذ التسعينيات، قد تقود الانتخابات العامة إلى مشهد مختلف عما كانت تفرزه كل الإنتخابات السابقة،
قبل الوصاية السورية وبعدها. فلا يقف الأمر عند "الحالة الإنتقالية" التي قد تشهدها بعض الأحزاب بفعل تحولات ستطول رأس هرمها لاعتبارات متفاوتة، ولا حراك الشارع الذي قد يجد كتلة ممثلة
له في مجلس النواب الجديد
يقول خبراء إنها قد تزداد بمعدل خمسة نواب من خارج الإطار التابع أو الحزبي، بل قد تحدث تطورات حاسمة سياسية وأمنية قبل موعد
الانتخابات في أيار 2022 ،تجعل البلد مفتوحا على كل الإحتمالات.
َو فيما تقرّ الأحزاب أن الانتخابات المقبلة لن يتوافر فيها المال الانتخابي الذي وسم كل الاستحقاقات السابقة، بدا واضحا إستثمار هذه الإحزاب، حتى بعض الشخصيات المستقلة، في "المتوافر" من عّدة الشغل لاستمالة
الناخبين الناقمين بسبب الأزمة المالية وشح الدولار الطازج، وعلى رأس اللائحة الإستثمار السياسي والطائفي والحزبي والمناطقي في لقاحات كورونا، وفي تقديم كراتين المساعدات الغذائية، وصولاً إلى العمل على إيجاد الأسرة في
المستشفيات لضحايا كورونا أو توفير خط عسكري لخدمات "إكسترا" في المصارف في ظل الـ"هيركات" على الودائع...
لكن ماذا لو قاد مسار الأحداث إلى الفوضى الكاملة مقدماً خيار الانتخابات المبكرة على غيره من الخيارات بضغط من المجتمع الدولي؟ وواقع الفوضى هذه بات من السهل تلمّسه، إن في الصياغات الضعيفة والهزيلة للحلول، أو في
مشاهد الذل والفوضى أمام محطات البنزين والأفران والمصارف والسوبرماركت، وفي انكسار هيبة الدولة، وعبر تحول مرافق عامة إلى ما يشبه سوق خضر، كذلك في بروز الأمن الذاتي، والتوجه نحو فلتان مجتمعي، وفي فقدان الثقة التام بمؤسسات الدولة، وتحول المصارف إلى "وحش" ابتلع أموال اللبنانيين، وليس أخيرا إرتفاع منسوب الجرائم في كل المناطق...
تجزم مرجعية بارزة معنيّة بتطورات الأزمة أن "الفوضى لا تؤدي إلى الديمقراطية، بل إلى العسكريتاريا، وتجعل الانتخابات المبكرة أصعب بكثير. حتى الانتخابات العامة في أيار العام المقبل قد تصبح غير مضمونة".