أكدت أوساط مطلعة على جو ما كان يُحضر لزيارة باريس، بأن موعدا كان حدد فعلاً لباسيل أبلغ به يوم السبت الماضي، وهو أبلغ من كان يتواصل معه من الفرنسيين والمرجح ( باتريك دوريل ) على مدى شهر ونصف أنه مستعد لتلبية أي دعوة، لكن مقابل الإصرار على أن ترتبط الزيارة بتشكيل الحكومة، كان جواب باسيل دوما أنه لا يستطيع أن يضمن النتائج لأنه لا يحل محل رئيس الجمهورية بل دوره يقتصر على شرح الموقف وطرح الحلول.
المعلومات تفيد أيضاً بأنه بعدما وجهت الدعوة له في البداية لزيارة باريس كان يفترض أن يسافر باسيل الثلاثاء وهو لم يكن في جو أي لقاء أو موعد مع الحريري في باريس. لكن عندما سئل من قبل الفرنسيين ما إذا كان يمانع بلقاء الحريري، رد بالنفي مع التشديد في الوقت نفسه على أنه لا يطلب ذلك وعلى أن أزمة البلاد وملف الحكومة تُحل بلا لقاء وإقترح على مسمع الفرنسيين في حال تعّذر اللقاء بينه وبين الحريري "لن يوقف البلد بسبب لقاء شخصي". و أيضاً طرحت فكرة و هي أن يسافر معه الى باريس ومع الحريري نائبان من كتلتيهما فيجتمع كل طرف على حدة مع الفرنسيين ثم يجتمع النائبان باسيل والحريري مع الفرنسيين . إلا أن الفكرة أيضا رفضت من الحريري، كما أن فكرة عقد لقاء موسع أيضاً طرحت إلا أنها سقطت بعدما فرملها الحريري الذي أبلغ الفرنسيين أن موعدا يحضر له بموسكو وكذلك بالفاتيكان.
مصادر أخرى في 8 آذار تروي أنه قبل نحو 10 أيام، جاء الإتصال من باريس يحّدد موعد الزيارة في السابع من الشهر الحالي (أمس) . وفوتح باسيل بإمكان أن يلتقي الحريري في العاصمة الفرنسية. وعندما سأل عما إذا كان الحريري موافقاً على اللقاء، جاء الجواب بأنه "لا يمكن أن يرفض". بقي الأمر بعيدا عن التداول الى أن انفجر وخرج الى العلن الأحد الماضي في وسائل إعلام قريبة من 14 آذار، مرفقاً بحملة لنواب المستقبل عن إستدعاء باسيل الى قصر الإليزيه. ترافق ذلك مع ترويج جدول حافل للرئيس المكلف يتضمن زيارات ولقاءات في الفاتيكان وموسكو وبيروت. ولكن كان واضحاً أن الحريري يتفادى اللقاء ويتذّرع بمواعيد مسبقة لعدم حضور اللقاء. أبلغ الفرنسيون باسيل بإرجاء اللقاء الى الخميس (اليوم) ، مع إمكان إستدعاء كل أطراف "طاولة قصر الصنوبر" الذين التقاهم ماكرون في بيروت لـ"مباركة التوافق"... وفجأة توقف كل شيء. ورغم انحياز باريس الواضح الى وجهة نظر الرئيس المكلف في الخلاف مع رئيس الجمهورية، إلا أن هناك إستياء فرنسياً من موقف الحريري الذي ضيّع فرصة.
ولكن مصادر سياسية تُعرب عن إعتقادها أن أسباباً عدة خلف عدول الوزير السابق جبران باسيل عن زيارة فرنسا وهي: موقف الرئيس سعد الحريري برفضه صراحة لقاء باسيل / رفض الإدارة الفرنسية لقاء شخصية غير معنية دستورياً بتشكيل الحكومة، إضافة لمواقفها السابقة من الزعماء اللبنانيين غير المتعاونين معها لتشكيل الحكومة / العقوبات الأميركية المفروضة العام الماضي على باسيل والتي تعرضه لإجراءات ميدانية قد تصل الى التوقيف كونها معممة على الدول المتعاونة مع الولايات المتحدة في تنفيذ قانون ماغنيتسكي / إكتشاف فريق باسيل عدم فائدة من أي مباحثات قد يجريها في فرنسا بعد وصولهم إشارات تشي بتصلب لافت لدى الرئيس المكلف وعدم تجاوب الأخير مع تشكيل حكومة تضم ممثلين للقوى السياسية في لبنان.
النائب جبران باسيل كشف في تغريدة له أمس سبقت كلام عون من بعبدا وتلت "المرافعة الأخيرة" أنه "كان ولا يزال يتجاوب مع أي رغبة فرنسية بزيارة باريس، أو بلقاء وزير الخارجية الفرنسي في أي مكان ومع من كان بلا أي عقد أو حجج". ويقول مطلعون على موقف باسيل أن الأخير لم يكن يمانع بداية بلقاء الحريري في بيت الوسط. وحين برزت الرغبة الفرنسية بحصول هذا اللقاء في باريس بعد تفاقم التوترات بين الجانبين رحب بهذا الأمر لكن باسيل يتهم الحريري صراحة ليس فقط بنسف لقاء باريس إنما بالوقوف ضد كل مساعي تأليف الحكومة لتسديد الضربة القاضية للعهد. وقد تنصل الرئيس المكلف رسميا من هذا الموعد بعد التبلغ من الفرنسيين بموعده. لكن مع ذلك أبقى باسيل باب الحوار مفتوحا مع الحريري ربطاً بوجود هاجس حقيقي من العقوبات الأوروبية التي كان يفترض أن تُشطب من الخياراتالمحتملة لصالح عقد طاولة لبنانية جامعة في باريس من ضمن أركانها باسيل، أما المقربون من باسيل فيجزمون: "العقوبات تعني دفن المبادرة الفرنسية".