تصدّرت محادثات فيينا الخاصة بالاتفاق النووي الإيراني وسبل العودة الأميركية إليه، مقابل عودة إيران إلى التزاماتها بموجباته، أحداث العالم بما في ذلك الحدث الحكومي اللبناني، وشخصت الأنظار نحو فيينا باعتبار ما يجري هناك سيلقي بثقله على كل الملفات التي تتأثر بالعناصر الدولية والإقليمية تأزماً وانفراجاً، ولبنان في قلبها مهما قيل عن الأبعاد الداخلية الصرف للأزمة الحكوميّة.
لبنانياً، لا جديد على المسار الحكومي، الذي كشف النائب حسن فضل الله موقع حزب الله كشريك مع رئيس مجلس النواب نبيه بري في مبادرته، مشيراً الى أن الأمور تحتاج إلى مزيد من الوقت، ولكن المساعي لا تزال مستمرّة والاتجاه الإيجابيّ هو السائد ولو كان بطيئاً، بينما حل التحرك العربي مكان الحراك الفرنسي، حيث يصل وزير الخارجية المصري سامح شكري الى بيروت بعد زيارة خاطفة الى باريس التقى خلالها وزير الخارجية الفرنسية جان إيف لودريان، ويليه معاون الأمين العام للجامعة العربية حسام زكي، في محاولة عربيّة لملء الفراغ الناتج عن تراجع وهج الحراك الدولي، الذي يسجل زيارة للرئيس المكلف بتشكيل الحكومة سعد الحريري الى الفاتيكان في 22 من الشهر الحالي، بعدما وصل أمس إلى بيروت، ويمكن أن تسبق الزيارة لقاءات باريس، التي تنتظر تفاصيل تطال اللقاءات ومواعيدها، وما إذا كان بينها اللقاء المرتقب للرئيس الحريري مع رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، الذي لا يزال هدفاً فرنسياً، يشتغل لتحقيقه المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم.
فيما عاد الرئيس المكلف سعد الحريري مساء أمس الأول الى بيروت من دون أن يُسجّل أي تطوّر على الصعيد الحكومي، تترقب الأوساط المحلية نتائج الحراك الفرنسي الجديد وما سيحمله في جعبته وزير خارجية مصر سامح شكري الذي زار باريس والتقى نظيره الفرنسي جان ايف لو دريان قبل وصوله اليوم الى بيروت، على أن يزور لبنان أيضاً الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية حسام زكي يوم غدٍ.
وعلمت «البناء» أن الرئيس الحريري أسرّ لمقرّبين منه أن إذا لم يحصل على الضوء الأخضر من السعودية لتأليف الحكومة فلن تؤلف، لأن تأليف حكومة غير مغطاة سياسياً ومالياً من المملكة لن يكتب لها النجاح وستكون خياراً انتحاريّاً للحريري لن يُقدِم عليه. وأضافت المعلومات أن «الحريري وخلال زيارته الأخيرة الى الإمارات تمنى على الشيخ محمد بن زايد ترتيب لقاء مع الأمير محمد بن سلمان، لكن اللقاء لم يتمّ».
وفي سياق ذلك، يترقب مطّلعون على الوضع السياسي الداخلي تأثير الأحداث الأخيرة في الأردن على الموقف السعودي حيال الملف اللبناني تشدداً أو تسهيلاً، مشيرين لـ»البناء» الى أن «الحكم على الحراك الحكومي الحالي ستظهر نتائجه خلال 48 ساعة وربما تأتي رياح اقليمية – دولية مؤاتية للتأليف أو معاكسة فتعود الأمور الى نقطة الصفر». كما أشارت الى أن «الحريري وصل الى خيارات صعبة وضيقة، فهو يرفض خيار الاعتذار لأن ذلك سينهي حياته السياسية، خصوصاً إذا نجحت شخصيات سياسية سنية بتأليف حكومة تحظى بالدعم الدولي، لذلك يتشدد الحريري ويحتفظ بورقة التكليف للضغط على رئيس الجمهورية والنائب جبران باسيل من جهة ولقطع الطريق على منافسيه في نادي رؤساء الحكومات أو من الشخصيات السياسية المعارضة له أو من بيته الداخلي لا سيما شقيقه رجل الأعمال بهاء الحريري».
وعلمت «البناء» أيضاً أن الحديث عن لقاء بين الحريري وباسيل مجرد أفكار لا صدى لها في فرنسا إذ إن الفكرة ليست واردة في قصر الإليزيه.
وأشارت مصادر التيار الوطني الحر الى أن باسيل لم يطلب موعداً من باريس وفي الوقت نفسه لا يحتاج الى وساطة او وسيط لزيارة فرنسا.
وتبلغ الحريري من سفير الكرسي الرسولي في لبنان المونسينيور جوزيف سبيتيري أن قداسة البابا فرنسيس سيستقبل الرئيس الحريري في الفاتيكان في ٢٢ نيسان الحالي، وذلك بعدما تقدم الحريري بطلب اللقاء قبل حوالي أسبوعين.
وكرر حزب الله موقفه الداعي لتأليف حكومة بأسرع وقت ممكن، وجاء ذلك على لسان عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب حسن فضل الله الذي اعتبر أن «المدخل للمعالجات هو تشكيل حكومة، ونحن أول حكومة كنا ضد استقالتها وكذلك حكومة حسان دياب، والمفتاح هو الحكومة لكن هذه الحكومة أمامها مسار، والإيجابية اليوم أن النقاش مفتوح بين الجميع الذين يقدمون الأفكار والاقتراحات وتجاوزنا بعض العقد والحواجز الكبيرة وقطعنا جزءاً أساسياً منها»، مشيراً الى «الدور الوطني والمحوري والأساسي لحزب الله وحركة امل في هذا الامر، وهناك بارقة أمل في ملف تشكيل الحكومة، ولكن الأمور تحتاج بعض الوقت، وعندما تحل الأمور داخلياً لا يستطيع الخارج أن يعرقل».
وبحسب مراقبين لا يمكن التقليل من تأثير موضوع التدقيق الجنائي على الثقة والتوافق بين القوى السياسيّة لا سيما بين رئيس الجمهورية والرئيس الحريري، وبالتالي على تأليف الحكومة.
وفيما ذكّرت مصادر التيار الوطني الحر بخطاب رئيس التيار جبران باسيل حول استعداد التيار للتنازل عن الحكومة مقابل إقرار التدقيق الجنائي وقوانين الإصلاح المالي والاقتصادي والإداري لا سيما «الكابيتال كونترول»، خطى ملف التدقيق الجنائي خطوة متقدمة، حيث عقدت وزارة المالية أمس اجتماعاً افتراضياً جمع ممثلين عن وزارة المالية وعن مصرف لبنان وعن شركة التدقيق الجنائي Alvarez & Marsal إضافة إلى مفوض الحكومة لدى المصرف المركزي، وقد تمّ خلال الاجتماع التأكيد على التزام المجلس المركزي في مصرف لبنان بعملية التدقيق وعلى القيام بمجموعة خطوات بدءاً من يوم الجمعة المقبل وحتى نهاية الشهر تتعلق بتأمين المستندات والمعلومات المطلوبة لشركة A&M لا سيما بعد إقرار قانون رفع السرية المصرفية.
وأبرز ما تم الاتفاق عليه:
– يزوّد المصرف المركزي مفوض الحكومة قائمة محدثة للمعلومات في مدة أقصاها نهار الجمعة الواقع في 9/04/2021 ويُحدّد المستندات التي يتطلّب تحضيرها وقتاً أطول من نهاية شهر نيسان الحالي.
– يباشر المصرف المركزيّ بتجميع المستندات المطلوبة لكي تكون متاحة لمفوّض الحكومة على أن يتمّ تسليمها إلى شركة A&M عند إعادة تفعيل العقد معها.
وقد تمّ التوافق على استمرار التواصل من أجل إعادة تفعيل ملف التدقيق الجنائي وتقييم التطور الحاصل تباعاً.
على صعيد آخر، ينفذ اتحاد ونقابات قطاع النقل البري اليوم اضراباً في مختلف الأراضي اللبنانية. وأكد الاتحاد بعد اجتماعه برئاسة رئيس الاتحاد بسام طليس وحضور رؤساء الاتحادات والنقابات، «تنفيذ الإضراب والتظاهر اعتباراً من الساعة السادسة حتّى العاشرة صباحًا». وتمّ تحديد المناطق والطرق التي سيشملها الإضراب.
وفي اليوم الأول لإعادة فتح البلد بعد إقفال شامل خلال عطلة عيد الفصح، سجل عداد الإصابات بكورونا ارتفاعاً ملحوظاً، وأعلنت وزارة الصحة العامة 2296 إصابة جديدة ليرتفع العدد التراكمي للإصابات منذ بدء انتشار الوباء إلى 482798.
كما وسجل لبنان 36 حالة وفاة ليرتفع العدد التراكميّ للوفيات إلى 6479.
ويعيش لبنان سباقاً بين ارتفاع الإصابات وبين عملية التلقيح، ويسعى وزير الصحة حمد حسن الى تسريع عملية استيراد اللقاحات من دول عدة. وأمس تسلّم وزير الصحة هبة من لقاح «سينوفارم» الصيني (90 الف جرعة)، وأشار السفير الصيني في لبنان، وانغ كيجيان، إلى أن «الشعبين اللبناني والصيني يتبادلان الدعم في وجه كورونا ويحاربانها. وعلى الرغم من شحّ العرض للقاحات الصينية، نقدم دفعتين من اللقاحات للحكومة والجيش اللبنانيين متمثلة بـ 90 ألف جرعة، الأمر الذي يعكس الصداقة العميقة بين جيشي وشعبي البلدين ودعم الجانب الصيني للجانب اللبناني في مكافحة الجائحة».
من جهته، أكد حسن أن «الصين تقدّم هذه الهبة لعدة دول نامية من ضمنها لبنان، لرفع إمكانية مواجهة الوباء الذي أضرّ باقتصاد الكثير من الدول، والذي أصاب الكثير من المواطنين بالمرض او أدى للوفاة».