بعد عتب أميركي، حسمت فرنسا عبر وزير خارجيتها جان إيف لودريان أمرها الأسبوع الفائت وإتجهت لإتخاذ الإجراءت المناسبة لمعاقبة معرقلي تشكيل الحكومة العتيدة في لبنان. فأجرى ناظر خارجية ″الأم الحنون″ سلسلة من الإتصالات مع نظرائه الاوروبيين لحثّهم على الإستعجال في دراسة خيار فرض عقوبات اوروبية فاعلة على اللبنانيين الذين يعرقلون تشكيل الحكومة المنتظِرة منذ خمسة اشهر في الجيب الداخلي لسترة الرئيس سعد الحريري المكلف باخراجها إلى النور.
من هم المسؤولون والسياسيون في لبنان الذين يعرقلون تشكيل الحكومة التي يعوّل عليها إنتشال البلد من الهوة التي دفعه إليها أصحاب الحل والربط، والذين يتوجب فرض العقوبات الأوروبية عليهم؟
هل يجوز إعتماد شعار: ″كلّن يعني كلّن″ الذي رفعه ″أساطنة″ الحراك، أم أن هناك رموزاً إذا تم استهدافها بالعقوبات يمكن تحقيق المرتجى؟
في الشق الأول من السؤال ليس الكل معرقلون لأن ليس كل سياسي في لبنان قادر على أن يكون مؤثراً في عملية التشكيل، بل هناك رموزاً معنية أكثر من سواها في عملية التأليف!
رئيس الجمهورية المتاح له وفق الدستور موازنة توزيع الوزراء والحقائب وفق ما تقتضيه المصلحة الوطنية، قبل مهر توقيعه على التشكيلة، متمسك بمقولة ان الرئيس الحريري عندما سلمه التوزيع الذي رآه مناسباً قد استمزج اكثر من طرف رأيه باسماء من يمثله ومنهم على سبيل المثال الثنائي الشيعي والحزب التقدمي الاشتراكي.. فلماذا يُمنع الأمر على رئيس الدولة؟ وبالتالي لديه المبررات التي تساعده على حماية موقفه!
رئيس الحكومة المكلف منحه الدستور حق توليف التشكيلة وفق ما يراه مناسباً لنيل ثقة المجلس النيابي، وبالتالي لا يستطيع أحد ان يجبره على إعتماد ما لا يقتنع به. وهو من هذا المنطلق لديه مبررات محددة للتمسك بما يراه مناسباً!
رؤساء الأحزاب والكتل النيابية لديهم كامل الحرية في المشاركة في الحكومة او عدمها وإعطاء الثقة أو حجبها، ولا يجوز لأحد أن يجبرهم على فعل أمر لا يقتنعون به. وعليه لديهم مبرراتهم في رفض ما لا يرونه مناسباً لإحزابهم او كتلهم!
ربما يكونون جميعاً مسؤولون عن تأخير التشكيل، ولكن من هي الجهة القادرة على فرز الزؤان عن القمح؟، وعلى أية قاعدة ستقرر تحميل المسؤولية لهذا الشخص او تلك الجهة لتحمله تبعات العرقلة، ولتفرض عليه ما يستأهله من عقوبات؟!
العديد من المتابعين يرون أن مسألة التهويل بالعقوبات لا تعدو كونها اسلوب ضغط لن يقدم أو يؤخر في عملية التشكيل، وها هي الإدارة الأميركية السابقة فرضت عقوبات على رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل منذ بضعة أشهر ولم يحفزه ذلك عل تبديل موقفه قيد أنملة. فهل سيتعظ الفرنسيون؟ أم يبدلون أساليب مبادرتهم لتجد طريقها للتنفيذ والوصول إلى “عقوبات قاسية” كما يؤكد متابعون؟.