انتهت عطلة الفصح السياسية في لبنان، الرئيس المكلف سعد الحريري يعود الى بيروت، ورئيس التيار الحر جبران باسيل يستعد للسفر الى باريس، في أول رحلة خارجية منذ صدور العقوبات الأميركية بحقه، ولا جديد حكوميا.
آخر الوصفات العلاجية للحكومة العصية على التأليف، كانت حكومة الـ 24 وزيرا، المتحررة من الفيتوات الرئاسية، وأخطرها «الثلث المعطل» الذي بدا من تصريحات الرئيس ميشال عون في بكركي، انه عاد يتمسك به، وكأن كل، ما استبشر به اللبنانيون خيرا، بعد الحديث عن حكومة الـ 24، مجرد فقاعة او منتج من «مواليد» الأول من أبريل.
عودة الرئيس عون الى المفردات الاشتباكية مع الرئيس المكلف، جعلت نائب رئيس تيار المستقبل د.مصطفى علوش، يصرح قائلا: الرئيس عون يبحث عن حكومة التعطيل جازما بأنه لا حكومة في ظل رئيس يتمسك بالثلث المعطل داخلها، وبتسمية وزير الداخلية والعدل، ليتحكم بالحكم في حال تعذر انتخاب رئيس للجمهورية بعد سنة ونيف موعد انتهاء ولايته، في ضوء ما يبدو من استحالة، توريثه الرئاسة لصهره، جبران باسيل، الذي يستعد الآن، للسفر الى باريس، ساعيا لإعادة اعتباره فرنسيا، لخطوة باتجاه رد الاعتبار الأميركي له، على ما في مثل هذه الرحلة، حال حصولها، من تحد للعقوبات الأميركية.
مثل هذا الجانب الداخلي في أزمة تشكيل الحكومة لا جدال حوله، فالطبعة الأخيرة من المعرقلات، صوبت الضوء على العلاقة الإشكالية بين الرئيس المكلف و«رئيس الظل» كما بات يطلق على باسيل، الدائم التواجد في القصر الجمهوري، فالحريري يرفض حتى الآن الالتقاء بباسيل، لا في بعبدا ولا في خارجها.
وحجة الحريري المعروفة، ان باسيل لم يسمه في استشارات تكليفه بتشكيل الحكومة، وحتى انه يرفض أن يعد بمنح الحكومة الثقة حال تشكيلها.
في المقابل يبدو أنه لا شيء بلا ثمن لدى رئيس التيار الحر، وما طرح الثلث المعطل، والامتناع، أو التلويح بالامتناع، عن منح الثقة.
إلا عقبات يمكن ان تزول، بمجرد إشارة من الحريري، على قبوله «بتسوية رئاسية» مع باسيل، في وقت يرى الحريري، ان من يجرب المجرب يكون عقله مخربا.
المصادر السياسية المتابعة، ترى انه الى جانب التنافس الاستباقي على رئاسة الجمهورية ثمة عاملان هامان إضافيان يتناوبان على إحباط مساعي تشكيل الحكومة أو تفعيل سابقتها، عامل داخلي محض، يتمثل في حتمية إلغاء الدعم المالي للسلع الاستهلاكية الذي يسهم في هدر المال العام من خلال فتح أبواب الفساد السياسي على المصراعين، وهو ما يتحاشى رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب توقيع قراره، تجنبا لردات الفعل الشعبية، تاركا الوقوع بهذه الحفرة للحكومة المنتظرة.
لكن الرئيس المكلف يدرك المخاطر الشعبية على مثل هذه الخطوة، ويحاول بالتالي السعي ما أمكن، أن تأتي عن طريق حكومة تصريف الأعمال.
وعامل آخر، مرتبط بصميم جوهر التنافس الدولي على شرق المتوسط، وهو الغاز والنفط، وتحديدا ترسيم الحدود المائية الجنوبية للبنان، وقد يكون العامل الأخطر على لبنان، إذ هناك مطلب إسرائيلي مدعوم أميركيا، يتمثل بمصادقة الحكومة اللبنانية على تعديلات أدخلت على خريطة الحدود المائية للبنان، رفضها ممثلو الجيش اللبناني في آخر جلسة مفاوضات تحت الإشراف الدولي، وهو الأمر الآخر الذي «يتهرب» الرئيس دياب من تحمل مسؤولية توقيعه ضمن مهلة محددة بالأول من مايو، مشترطا أن يصله مرسوم الحدود البحرية بصيغة قانونية سليمة.
كما قال مستشاره الإعلامي خضر طالب، لقناة «الجديد»، وحجة دياب، أن مجلس النواب لم يعط حكومته المستقيلة حرية تفعيل تصريف الأعمال، ومن هنا فإنه يرى أن ترشيد الدعم وتوقيع مرسوم الحدود البحرية المجحف بحق لبنان، يتطلبان تشكيل حكومة جديدة، لا تفعيل حكومة مستقيلة.