خرج الرئيس نبيه بري من وضعية النأي بالنفس والتفرج على الأمة الحكومية، وأطلق مبادرة متناغمة مع موقفبكركي وحركة اللواء عباس إبراهيم... وتشهد عين التينة منذ أسبوع حركة ناشطة ومكثفة من الإتصالات واللقاءات التي شملت سفراء الدول المهتمة والمعنية بالشأن اللبناني والرئيس سعد الحريري وموفدي جنبلاط.
في هذا الإطار، إلتقى الرئيس بري أمس موفدي البطريرك بشارة الراعي الوزير السابق سجعان قزي (مستشار البطريرك السياسي) و وليد غياض (مسؤول الإعالم في بكركي) . وأراد الراعي من اللقاء معرفة ما يقوم به بري على المستوى الحكومي، وأن يضعه في أجواء ما توصل إليه سابقاً. وبحسب مصادر المجتمعين، تبيّن وجود مشتركات بين الطرفين، وهي: دعم المبادرة الفرنسية / دعم حكومة إختصاصيين لا سياسيين / رفض الثلث المعطل لأحد / عدم فرض أعراف جديدة من خارج الدستور.
وقد أبلغ بري ممثلي البطريرك بما دار بينه وبين وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان، في الإتصال الهاتفي في اليوم السابق، حين قال رئيس الدبلوماسية الفرنسية إن "العالم يتفّرج على لبنان يسقط، وسنتحرك باتجاه الاتحاد الأوروبي لفرض عقوبات علىمعرقلي تأليف حكومة تنفّذ إصلاحات ". وفي هذا المجال، ذكرت معلومات أن الحريري كان منشغلاً في معرفة ما إذا كان الفرنسيون يصنّفونه من بين المعرقلين. وفي حال كان مهدداً بالعقوبات، فإنه سيستبق ذلك بالإعتذار عن عدم تأليف الحكومة وإطمأن إلى أن باريس لا ترى فيه معرقلاً، لا بل إنها تدعم الكثير من مواقفه. وبحسب مصادر معنية، فإن الفرنسيين يريدون تحجيم حصة رئيس الجمهورية في مجلس الوزراء المقبل.
الرئيس بري، وفي إطار سياسة الخطوط المفتوحة مع الحريري والزيارات المتبادلة بعيداً عن الإعلام، أوفد الى بيت الوسط النائب علي حسن خليل ناقلاً بنود مبادرته الى الرئيس المكلف، تزامنا مع مسعى يهدف الى حمل رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل لزيارة عين التينة أو أن يزوره موفد لبري. والغاية من هذه الحركة تأمين توافق مسبق على عناوين المبادرة، ليتولى صاحبها السير بها متعهدا ببذل المساعي لجمع بقية الأفرقاء حولها قبل الإعلان عنها.وتبنّيها ..
يميل بري الى حكومة من 24 وزيرا لكل منهم حقيبة واحدة لا أكثر وتقسم على "ثلاث ثمانيات"، وشرطه لإطلاقها ضمان موافقة الرئيس ميشال عون بالتخلي عن الثلث المعطل. أما حزب الله، فيستشف مرونة من عون في ما يتعلق بالثلث
المعطل، وفي اعتقاده أن حكومة من 24 وزيرا تمثل حلاً مرناً للخروج من المراوحة، يرفضه الرئيس المكلف لأسباب داخلية ربما تكون متصلة بتهرّبه من تحمّل أعباء الأزمة المتفاقمة أو رهانه على رضى سعودي صعب المنال.
وعلى هذا الأساس، يضع حزب الله الكرة في ملعب الرئيس المكلف، لا سيما بعدما أبدى عون إستعداده للتسوية، ويرى توسعة الحكومة مفتاحاً لحل العقد يميل إليه الجميع باستثناء الحريري، ولو أن النقاش في تفاصيل أي توسعة قد يدخل النقاشات في زواريب التوزيع الطائفي لا سيما على المقلب المسيحي، وليس بعيدا أن نشهد خلافاً مستجداً، خصوصاً أن الصيغة لم تعرض على عون بعد.
يترنح الملف الحكومي بين حدين، الأول إعتقاد الرئيس المكلف سعد الحريري أن الرئيس ميشال عون إنما يسعى لجره الى الإعتذار، والثاني إعتقاد عون أن الحريري يتمنع عن تشكيل الحكومة إفشالاً للعهد. وتحت سقف هذا الخلاف باءت كل المبادرات المطروحة بالفشل بما فيها تلك التي سعى إليها البطريرك بشارة الراعي.